ألم نقاطع يوماً مصر (السادات) ؟!
إب نيوز ١٧ أغسطس
بقلم الشيخ/ عبد المنان السنبلي.
في نهاية سبعينيات القرن الماضي فأجأ الرئيس المصري العرب وذهب بمصر منفرداً ليوقع اتفاقية سلام مع إسرائيل برعاية أمريكية طبعاً عُرفت بإتفاقية (كامب ديفيد) !
ثارت ثائرة العرب على إثر ذلك وقاطعوا مصر وتم نقل مقر الجامعة العربية من القاهرة إلى تونس العاصمة لعدة سنوات .
ورغم ما كان لمصر من أفضالٍ على العرب وخاصةً في دعمها اللامحدود لحركات التحرر العربي من الإستعمار في خمسينيات وستينيات ومطلع سبعينيات القرن الماضي إلا أن قضية فلسطين بالنسبة للعرب كانت في ذلك الوقت أهم من أن تُجَامل مصر أو غير مصر فيما ذهبت إليه .
إلى تلك الفترة كان العرب لايزالون يسيرون ظاهرياً في الإتجاه الصحيح والواضح من عدم المساومة أو المتاجرة بالقضية الفلسطينية ووفقاً لمقررات قمة الخرطوم في1967 أو ما عرف بقمة اللاءات الثلاث رغم تخلي مصر عن دورها المحوري في قيادة جبهة المقاومة والممانعة، ولم يكن أحدٌ يعلم يومها في الواقع ماذا كان يدور في كواليس بعض الأنظمة الرجعية والمتخلفة من مغازلاتٍ سريةٍ للغاية مع دولة الكيان الصهيوني وإن أظهروا معاداتهم الصريحة والعلنية لذلك الكيان .
وجاء عهد المحمدين؛ بن سلمان وبن زايد وقد حملوا على عاتقيهما هموم إسرائيل وحلمها القديم في كسر حاجز العزلة التي تعيشها مع الدول العربية ليبدئا خطواتٍ عملية في هذا الشأن مستكملين بذلك ما بدأه أسلافهما على استحياءٍ منهم في التآمر لإسقاط الدول التي لاتزال رافضةً وممانعةً لأي تطبيعٍ أو تهاونٍ مع إسرائيل أو مساومةٍ على حقوق الشعب الفلسطيني كالعراق وليبيا وسوريا ولبنان واليمن .
لا أريد أن يجادلني أحدٌ اليوم، فقد اتضحت الصورة ولم يعد خافياً على أحدٍ ما تقوم به مثل هذه الأنظمة الرجعية من تآمرٍ على الأمة لصالح المشروع الصهيوني العالمي والذي يفوق جرماً وخيانةً أضعاف ما قام به السادات والذي عندما قرر التطبيع مع إسرائيل لم يخفِ ما أتخذه من قرارتٍ لصالح إقامة تلك العلاقات بعكس هؤلاء الذين كانوا يظهرون معاداة إسرائيل ويسعون سراً إلى التعاون والتعامل معها ضد مصالح الأمة منذ أمدٍ بعيد، فليست مصادفةً أن نجد بني سعود وأقرانهم من حكام الإمارات والمشيخات هم من كانوا وراء إسقاط مشروع جمال عبدالناصر القومي وحلمه في تحقيق الوحدة العربية وحاربوا كل التيارات القومية و ألصقوا بها تُهم الكفر والإلحاد والشيوعية والعلمانية وأنهم أيضاً هم من كان وراء إسقاط العراق وليبيا ويسعون اليوم لإسقاط سوريا واليمن ولبنان والذي ليس ثمة مستفيدٌ واحدٌ من ذلك كله سوى الكيان الصهيوني حتى هم أنفسهم ليسوا مستفيدين من وراء ذلك إطلاقاً من الناحية الإستراتيجية أو الأمنية !
على أية حال،
كتب لي أحدهم ذات يومٍ من الذائبين عشقاً في هوى سلمان عندما كتبت قبل أكثر من ثلاثة أعوامٍ عن الزيارة الأولى للواء المتقاعد المقرب من دائرة صنع القرار السعودي ماجد أنور عشقي لإسرائيل وتصريحاته الودية بشانها، كتب لي أنني (مستأجر وكذاب)، إذ كيف أتجرأ وأتهم خادم الحرمين وأمير المؤمنين بما لا ينبغي له أن يقوم به و كأن صاحبنا للأسف لا يشعر بما يدور حوله !
لم يكن مني في ذلك اليوم إلا أن طلبت منه الأطلاع على صور وأخبار زيارة الوفد السعودي برئاسة ماجد عشقي الثانية والتي لم يكن قد مضى على زيارته لتل أبيب في حينه إلا ثلاثة ايامٍ فقط خاصةً وهو يعلم انه لا يمكن لوفد سعوديٍ رسميٍ أو غير رسمي أن يزور حتى موزمبيق – فمابالك بإسرائيل – دون ضوءٍ أخضر وعلمٍ مسبقٍ من الإدارة السعودية، وقعدت أنتظر مالذي سيقوله عني هذه المرة إلا انه لم يرد كما لو أنه على ما يبدو قد أطلع على تلك الصور والتصريحات وعرف كنهها !
فماذا عساه يا تُرى سيقول وقد رأي العالم كله الجبير وهو يبدي إستعداده التحالف (وليس التطبيع)مع إسرائيل في مؤتمر ميونخ ؟!
ماذا عساه سيقول اليوم وقد شهد العالم كله اعتراف الإمارات الكامل بإسرائيل وتبادل البعثات الدبلوماسية بينهما على أعلى المستويات !
لا أدري بصراحة هل سيظل مصراً على ما قاله عني في المرة الأولى أم سيعتبر ويعتذر عن ما قال ؟!
عموماً لقد أثبتت الأيام والسنون بما لا يدع مجالاً للشك أن النظامين السعودي والإماراتي قد إرتكبا بحق العروبة على مدى عقودٍ من الزمن مالم يرتكبه أحدٌ غيرهم وأن ما قام به السادات لم يضر العرب كما أضر ويضر بهم النظامان السعودي والإماراتي وأقرانهما من الأنظمة الرجعية كل يوم، وأنه قد بات لزاماً على العرب الحقيقيين الأحرار اليوم أن يعلنوا مقاطعتهم لهؤلاء العملاء كمقاطعتهم لإسرائيل، وإلا لماذا قاطعوا ذات يومٍ مصر ونظام السادات إذاً ؟!
على الأقل السادات لم يطبع العلاقات مع إسرائيل مجاناً، فقد استعاد مقابل ذلك جميع أراضيه المحتلة كان آخرها (طابا) والتي أعيدت رسمياً في عهد (مبارك) بموجب معاهدة السلام تلك بالإضافة إلى حصول الجيش المصري على مساعداتٍ أمريكيةٍ تقدر بإثنين مليار دولار سنوياً كمكافأةٍ واجبة الدفع وغير ذلك من الإمتيازات الإقتصادية، أما هؤلاء فمالذي تحصلوا عليه من وراء ارتماءهم وتدافعهم إلى أحضان إسرائيل اليوم ؟!
لاشئ طبعاً سوى الخزي والمهانة والعار ونقصٍ في الأموال والنخوة والكرامة !
#معركة_القواصم