عبدالباري عطوان : لماذا ينقلب رموز الحزب الجمهوري على ترامب ويقررون التصويت لخصمه بايدن؟
Share
إب نيوز ١٧ أغسطس
عبدالباري عطوان :
لماذا ينقلب رموز الحزب الجمهوري على ترامب ويقررون التصويت لخصمه بايدن؟ وهل سينقذه اتفاق التطبيع الاماراتي الإسرائيلي من خسارة الانتخابات المقبلة؟ وما هي رسالتنا للمطبعين العرب الآخرين الذين يستعدون لاتفاقات مماثلة؟
تتزايد اعداد الشخصيات الامريكية الجمهورية البارزة الذين اعلنوا رسميا انهم لن يصوتوا في الانتخابات المقبلة للرئيس دونالد ترامب احتجاجا على رعونته وسياساته المتهورة التي انعكست سلبا على الولايات المتحدة، ومن ابرز هؤلاء الرئيس الأسبق جورج بوش الابن، وجيمس ماتيس وزير الدفاع السابق، وكولن بأول وزير الخارجية السابق، والسناتور ميت رومني، وجون بولتون مستشار الامن القومي، وجون كيلي، رئيس موظفي البيت الأبيض السابق.
الخطورة تكمن في عدم تردد هؤلاء والعديد من الجمهوريين غيرهم في اعلان مجاهرتهم بأنهم سيعطون اصواتهم للمرشح الديمقراطي جو بايدن، الامر الذي سيشكل ضربة قوية للحملة الانتخابية للرئيس ترامب وبما يقلص فرص فوزه لولاية رئاسية ثانية.
واذا صحت التقارير التي تتحدث عن عزم زوجته مالينا عدم التصويت له، بسبب تفاقم الخلافات بينهما، وعدم السماح له بمسك يدها في العلن، فان هذه ستكون بمثابة الضربة القاضية.
حظوظ بايدن بالفوز تتعزز حيث يتقدم بأكثر من عشر نقاط على خصمه الجمهوري في جميع استطلاعات الرأي، وهذا مقياس لا يمكن تجاهله، الامر الذي دفع الرئيس ترامب للرهان على دعم اللوبي الإسرائيلي، وبذل كل جهد ممكن لمكافأة هذا اللوبي بالوقوف خلف اتفاق التطبيع بين دولة الامارات والكيان الإسرائيلي المحتل.
لا نعتقد ان اتفاق التطبيع هذا، ومهرجان التوقيع الذي سيقام في البيت الأبيض في غضون أسبوعين، سيحسن حظوظ ترامب، ليس لان المرشح الديمقراطي بايدن لا يقل عنه حماسا في دعم الاستيطان اليهودي في الأراضي المحتلة، وحكومة نتنياهو التي تتبناه كسياسة ثابته، وانما أيضا لان تأثير السياسات الخارجية في الانتخابات الامريكية يبدو محدودا، الا ما ندر، وجميع الدراسات في هذا الخصوص تؤكد هذه الحقيقة، وربما هذا ما دفع بايدن الى اختيار كامالا هاريس السيناتوره ذات البشرة السمراء، ومن اب افرقي نائبه له.
ترامب قد يسقط لان ادارته فشلت في معالجة قضايا داخلية مهمة مثل مواجهة الانتشار المرعب لفيروس كورونا، وتحسين الأوضاع الاقتصادية، والحفاظ على هيبة أمريكا ومركزها كقوة عظمى في ظل صعود القوة الصينية المتسارع، والاهم من هذا وذاك تحول بلاده الى اكثر دولة مكروهة في العالم.
سقوط ترامب الذي بات شبه مؤكد حتى الآن، قد يؤدي الى خسارة كبيرة لكل الذين راهنوا عليه في منطقة الشرق الأوسط، ووضعوا كل بيضهم في سلته، وخاصة في المملكة العربية السعودية ودولة الامارات العربية المتحدة.
انفضاض شخصيات جمهورية أمريكية بارزة مثل تلك التي تحدثنا عنها سابقا عن مرشح حزبهم، سابقة نادرة في السياسة الامريكية، لان هذا يعني ان الرئيس ترامب بات غير مؤهل لقيادة أمريكا لفترة رئاسية ثانية لأنه، وهو الذي فتت الوحدة الوطنية، واذكى نيران العنصرية، قد يقود البلاد الى حرب أهلية، ويلعب دورا مماثلا لدور يلتسين وغورباتشوف في تدمير بلاده، مثلما نجح الأخيرين في تدمير الاتحاد السوفييتي.
نحن لا نعلق أي آمال على الانتخابات الامريكية ونتائجها، لان المقامرة ليست من ارثنا، ونراهن دائما على قوتنا كعرب ومسلمين، وكيفية إدارة شؤوننا بحكمة، والطريق الأمثل والاقصر في هذا الصدد اجتثاث الفساد والفاسدين، والطابور الخامس المتواطئ مع أمريكا ومؤامراتها ونهبها لثرواتنا، وترسيخ العدالة الاجتماعية، والتنمية الاقتصادية المستدامة، والانحياز للفئات المحرومة المسحوقة، وتحقيق الديمقراطية الحقة، وليس المزورة والمغشوشة المصنعة دهاليز المخابرات الامريكية.
ترامب ربما يفاجئنا، والعالم بأسره، بشن حرب في الشرق الأوسط، وضد ايران تحديدا، في محاولة لإنقاذ نفسه، والظهور بمظهر “البطل” الامر الذي يدفعنا الى تحذير الحكومات العربية التي تقف حاليا في طابور التطبيع سيرا على خطى الامارات، ومن التهور والخضوع لضغوطه، لأنها ستكون وشعوبها الأكثر استهدافا في هذه الحرب، لأنها ستكون الحرب الأخيرة، وأوضاع جميع الدول التي سارت على هذا النهج لم تجن غير الفقر والجوع والنقمات الشعبية، والديون والأزمات الاقتصادية، ولنا في الأردن ومصر والسلطة الفلسطينية الكثير من الأمثلة.