الله يغضب للبتول بدون أن تشكو. فكيف إذا أتته شاكية؟!!

 

إب نيوز ٢٠ أغسطس

*رجاء اليمني

تنصهر القلوب وتذوب الجلود في مقامك سيدي فقط إذا حضرت الأرواح تلك الديار. فما الرابط بيننا العجيب بيننا وبين تلك الديار ومتي سألنا عمن سكنها؟ يعود الصدى ويزداد الوجع كأنه يعيد السؤال لتلك الديار كي تعي جيدا السؤال. ويريد الإجابة فتعجز الدار عندها علمت وأحسست ما اصابها. فقد حوت غيثاً لكل أنواع النوائب التي ممكن ان تصيب بشراً. هناك ذاب جسدي وانصهرت جوارحي ليس خوفاً وإنما من شدة الصبر والتضحية والحب الذي جعل الجوارح تذوب فى نهر هذا الإيمان.
هذا المكان أصبح معلماً. لايكفى حزنه مأتماً لزمن معين. بل لابد له من قرون وقرون لأنه كل ما مرت الأيام، زاد الحزن فأصبح الناعي يجاوب ناعيه من كل أرض وصوب.

تلك هي ذكرى الإمام الحسين صلوات ربي عليه وعلى آبائه. فقد ذهب العراق ظناً منه أنهم تركوا النفاق الذي أطاح بأبيه الإمام علي صلوات ربي عليه. ولكن واحسرتاه فقد ظلت العراق كما هي في النفاق والغدر ودم الحسين الدليل الكبير والشاهد عبر العصور على ذلك. فقد كانت دعواتكم للأمام فأجاب العنا. وهو يعلم بمصيره الهالك. ولكن لبى دعوة الملهوف وخرج لإحياء سنة جده، فدعاهم للهدى ولكن ردوا هذه الدعوى وسبب ذلك قسوة القلوب. فلم تصل إليها الهداية فأصبحت اشد قسوة من الحجارة. فتبا لتلك القلوب القاسية التي اسأل ربي ان تصيب تلك القلوب نار جهنم بسبب قسوتها.
تلك القلوب القاسية شاهدت ظمأ الحسين ورضيعه وأهله. فما ذاق طعم ماء الفرات بل غسل بالدماء ماءه. فأصبح ذلك النهر قانياً تزينت هذه المياه بالدماء الطاهرة للأمام ورجاله وأبنائه.
عندها صرخ قلبي واعماقي وكل جوارحي: يا بن النبي المصطفى يا ابن حيدر الوصي وأخ الزكي ابن البتول الزكية الزاكية.
تبكي جوارحي وعيني لأجلك باكية. وهذا الجرح والنحيب هو حب فيك وذوبان في عشق ابن بنت رسول الله. تلك الأرض تلك الجدباء ابتلت بدمك الطاهرة فلا بد أن تبتل مني بالدموع الجارية. فذلك قليل في محرابك العظيم يا سيدي.
هذه المصيبة والطامة الكبرى التي أصابت الأمة تهون في مقامها كل الطامات والمصائب الآتية. وليست سوي اليسير مما مر بك يا سيدي فلتبكى عليك الباكية.
هذه الفاجعة الكبرى سوف تظل إلى يوم القيامة باقية.
في كربلاء كانت هناك منايا متقاربة لشدة تحليق الموت وملك الموت حتي ابكت تلك المنايا ملك الموت عزرائيل. فأصبحت عيناه باكية ولكن رغم ذلك فقد وجد الحب والتضحية التي إذابت كل القلوب لهؤلاء الركب الذين مع الإمام الحسين لأنهم نصروا ابن بنت نبيهم. فطوبى لهم نالوا بذلك الحب مقامات سامية.
فتلك القبور متجاورة في الدنيا ويوم الجزاء قصورهم متحاذية.
وذلك السبي للنساء؛ لبنات رسول الله إلى يزيد الطاغية يؤلم حبيب الله. ويعز عليه ذلك. بل وتدمع عينه عندما يرى الحسين وهو قرة عين حبيبنا. قرة عين طه، قرة عين المصطفى ورأسه موضوع الرماح مع رجاله. بل وقد شوهت أجسادهم و تكسر ثنايا الإمام بيد يزيد الطاغية أجسادهم بالعري ولم تبق لهم باقية.
وهنا قلبي يشتد شوقاً عندما يسجد في محراب البتول عليها السلام وهي تناجي ربها باكية و هي ليست عليه خافية.
رب انتقم ممن ابادوا وأنهوا عترتي وسبوا على عجف النياق بناتيه.
وتلك الانتهاكات يا من أنكروا حقه ان رب البرايا بغضب البتول بدون أن تشكو فكيف إذا اتته شاكية ممن قتلوا فلذة كبدها.
ممن دافعوا عن قتله الحسين، ممن ينتهكون الدم والأعراض لان شكوى البتول لازالت مرفوعة عند رب البرايا لمن سلكوا درب الطاغية. وعاثوا في الأرض فساداً. فهل من مذكّر وتعي ذلك آذان صاغية؟؟؟!!!

والعاقبة للمتقين.

You might also like