عبدالباري عطوان : مواجهة ثانية أكثر شراسة بين ترامب وشركائه الأوروبيين في مجلس الأمن الدولي تفشل مخططاته ..

إب نيوز ٢١ أغسطس

عبدالباري عطوان :

مواجهة ثانية اكثر شراسة بين ترامب وشركائه الأوروبيين في مجلس الامن الدولي تفشل مخططاته بإعادة فرض العقوبات الاقتصادية على ايران.. لماذا فقد بومبيو اعصابه واتهم فرنسا وبريطانيا وألمانيا بالانحياز للسيد خامنئي وطاقمه؟ ومتى يتخلص “ترامب” من عقدة “العفريت” الإيراني الذي قد يطيح به بالانتخابات؟

للمرة الثانية، وفي اقل من عشرة أيام، يتعرض الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لهزيمة كبرى في مجلس الامن الدولي، عندما قررت الدول الأوروبية الثلاث (فرنسا بريطانيا المانيا) رفض الطلب الأمريكي بتفعيل بند “سناب باك” في الاتفاق النووي، وبما يؤدي الى إعادة فرض عقوبات اممية على طهران.

في المرة الأولى لجأ ترامب الى المنظمة الدولية لإصدار قرار عن مجلس امنها يمدد حظر الأسلحة الدولي المفروض على ايران، وينتهي في شهر تشرين اول (أكتوبر) المقبل، ولكنه مني بهزيمة مهينة عندما لم تؤيد مشروع القرار الا دولة واحدة وهي جمهورية الدومنيكان، بينما عارضته الصين وروسيا وامتنعت 11 دولة عن التصويت كان من بينها فرنسا وبريطانيا وألمانيا.

مايك بومبيو، وزير الخارجية الأمريكي، أصيب بحالة من الهلع، وكاد ان يفقد عقله من جراء هذه الهزائم، وخرج عن الأعراف الدبلوماسية عندما هاجم الدول الأوروبية الثلاث واتهمها بالانحياز الى “آيات الله” في طهران.

***

اكثر ما اغضب بومبيو، ورئيسه ترامب بالطبع، الرد الأوروبي القوي الذي تمثل في تذكير الرئيس الأمريكي ووزير خارجيته انه ليس من حقهم تفعيل بند العقوبات (سناب باك) في اتفاق نووي انسحبوا منه عام 2018، مضافا الى ذلك ان الدول الأوروبية التي تفاوضت اكثر من خمس سنوات للتوصل الى هذا الاتفاق ترى ان ايران ما زالت تحترم معظم، ان لم يكن كل بنوده، واذا حدث أي خلاف حول هذا الالتزام فان حله الأمثل هو الحوار وليس العودة الى العقوبات الاقتصادية حفاظا عليه، أي الاتفاق.

حالة “السعار” التي تسيطر على الرئيس الأمريكي وتتحكم بمواقفه تجاه ايران، تعود بالدرجة الأولى الى انفضاض حلفائه الغربيين من حوله، وفشله في تفجير ثورة داخلية نتيجة للعقوبات تؤدي الى تغيير النظام في طهران.

ما يقلق ترامب بالدركة الأولى هو الصناعة العسكرية الإيرانية التي تزداد تطورا، ونجاحها في انتاج أجيال من الصواريخ الدقيقة بمختلف الابعاد والاحجام، الى جانب تصنيع غواصات صغيرة وطائرات “مسيرة” تعتبر على درجة عالية من الكفاءة، ويمكن ان تدر مليارات الدولارات على الخزينة الإيرانية في حال رُفع الحظر الذي لا يعني السماح باستيراد السلاح من دول حليفة مثل روسيا والصين، وانما تصدير الأسلحة الإيرانية أيضا، وبطرق قانونية، وهناك عدد لا بأس به من الزبائن مستعدون للشراء.

معارضة الصين وروسيا لمشروع القرار الأمريكي لرفض تمديد الحظر على ايران، يعود الى رغبة الدولتين في بيع ايران أسلحة حديثة، أي منظومات صواريخ “اس 400” في الحالة الروسية، وطائرات مقاتلة وتكنولوجيا عسكرية رقمية في الحالة الصينية.

مجلة “ناشونال انترست” الامريكية المتخصصة، نشرت تقريرا مطولا عن طائرة “اف 14 توم كات” الامريكية الصنع التي طورتها ايران، وزودتها بمعدات وأجهزة الكترونية حديثة، اكدت فيه انها ستكون ندا لطائرة “اف 22” التي ستتصدر أي هجوم امريكي على ايران، ولكن المجلة اعترفت بأن النصر قد يكون لصالح الأخيرة الأكثر تطورا، الا اذا كان الايرانيون يتكتمون على بعض الاسرار.

***

الرئيس ترامب “مسّكون” بـ”عفريت” اسمه ايران، ويكثف كل جهوده هذه الأيام، لمواجهتها بكل الطرق والوسائل لتحسين حظوظه الانتخابية المتراجعة امام منافسه الديمقراطي جو بايدن الذي وعد انه في حال فوزه بمقعد الرئاسة العودة الى الاتفاق النووي، ولهذا لا يستبعد الكثير من المراقبين ان يلجأ ترامب للحرب في حال استمرار هذا التراجع، وهذا ما يفسر حرصه على بقاء حليفه، وشريكه، في أي حرب قادمة ضد ايران، أي بنيامين نتنياهو، رئيس الوزراء الإسرائيلي، الذي يواجه تهما مؤكدة بالفساد وهدر المال العام الى جانب احتمال ذهابه وحزبه الى انتخابات برلمانية رابعة.

لا نستبعد ان يتناسل هذا “العفريت” في الأشهر الثلاثة المتبقية من موعد الانتخابات، ويضاعف بتحدياته وحيله من قلق الرئيس ترامب وزيادة خسائره في استطلاعات الرأي، فما زال في جعبته العديد من المفاجآت تنتظر التوقيت المناسب.. والله اعلم.

You might also like