فلسفة كربلاء .
إب نيوز ٢٧ أغسطس
*عفاف محمد
إنقسم الناس حول هذه الفلسفة فيها ما بين معارض ومؤيد وجاهل. ولكن أليس المنطق الذي يستدعي العقل يحتم علينا ان نتقبل هذه الفلسفة بكل أصولها وثوابتها الواقعية ومن خلالها نقيس اين يكمن الصواب ؟!
هذه الفلسفة الوجودية هي جزء من التاريخ الإسلامي ولا مناص من تصديقها والإيمان بوقوعها ،فليست مجرد قصة رويت لمجرد الرواية،هي قصة مليئة بالمآسي ونجم عنها العبر والمواعظ .
الواقعة في حد ذاتها تثير الأستغراب وتحرك كوامن نفسية مرتبطة لا تحيد عن الفطرة. فكيف يُضطهد و يقتل بتلك الوحشية آل بيت رسول الله ؟!
الإسلام هو دين التعايش والتسامح والتصافي. هو دين له قداسته وله أصوله ومن أصول الدين ان نُجلّ الرسول عليه افضل الصلوات والتسليم ونُجلّ آله الكرام الطيبين الطاهرين لأنرالله سبخانه وتعالى امرنا بحبهم :-
*{ذَٰلِكَ الَّذِي يُبَشِّرُ اللَّهُ عِبَادَهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ ۗ قُل لَّا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَىٰ ۗ وَمَن يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَّزِدْ لَهُ فِيهَا حُسْنًا ۚ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ شَكُورٌ} (الشورى-23)*
لأنهم من نسله الطاهر، ولأنهم حملوا صفاته، وكانوا خير قدوة في الدين بكل سلوكياتهم .
الجشع والحسد الذي تمكن من القلوب الضعيفة جعلهم يحسدون تلك الخصال الحميدة والسجايا الكريمة والمكانة الجليلة التي خص بها الله آل بيت الرسول .
وكانت النتيجة الطبيعية ان حاربوه حقداً وغلاً كي لا يتوارثون مجدهم وفضلهم ومن هناك كانت بداية الأنقسام.
عمل يزيد ومن معه من السكيرين العرابيد على نفث سمومهم. فأثخنوا القلوب وأشبعوها كرهاً لآل الرسول وكانت النتيجة ان خذلهم الكثيرون وتجرأوا على ظلمهم .
واصبحت فاجعة كربلاء من فواجع الدهر الرهيبة التي لا تستوعبها العقول الراجحة أو تصدق الإختلالات التي تشوبها وتصورها من غير منظورها الطبيعي !!
وتلك العصبة الخبيثة التي أورثت حقدها وجعلت منه دروساً في التعبئك والتجييش وعبّأت العقول المريضة بفكرها المختل؛ والذي يقول أن ما جرى في كربلاء انما هو لأجل القضاء على الفتنة !!
كانت العقول قد بُرمِجت على تلك الأباطيل وتناقلتها جيلاً بعد جيل. وكانت الاذرع قد امتدت لتغيب الحقائق وتطمسها من الوجود. وفعلا كانت الوهابية قد اتقنت محو فاجعة كربلاء من الخارطة الإسلامية .
واليوم تنبض هذه الفلسفة من جديد أوتفجرت ثورة كربلائية حسينية ولم تتوقف حدودها بين إحياء القيم وتكريس مفاهيم محاربة الباطل وعدم مبايعة الظالمين لتبقى دروس واقعة كربلاء حية تتناقلها الإجيال. تفجرت هذه المفاهيم في عروق الأحرار عزاً وشموخاً وإباءاً. تفجرت عزماً لمحاربة الظلم والظالمين. وإعادة روح الإسلام وترميم ما تهدم من حصونه وقلاعه.
وقد تفجرت ثورة حسينية من مرّان متأثرة بثورة جدًه الإمام الحسين. فجاهر بالحق وأعلن الحرب علي الظالمين واطلق الصرخة وتعرض السيد حسين لست حروب ظالمة وقد أنتجت مظلوميتهم دروسأ وعبر وملأت أرجاء اليمن جهاداً وبصيرة .
وتفجرت في لبنان مقاومة لمحاربة الاحتلال الصهيوني بتلك الروح الحسينية. فحقق رجالها الافذاذ الأشاوس الأسود الإنتصارات تلو الإنتصارات إلى أن تحقق الإنسحاب الذليل للعدو الصهيوني وعملائه بدون شروط. وحاول العدو الصهيوني في تموز 2006 أن يستعيد بعض الهيبة التي فقدها كلياً في العام 2000. وبعد ثلاث وثلاثون يوَما من المواجهات العنيفة جداً وخاصة في بنت جبيل تعالت أصوات قيادته مستنجدة وَمتوسلة التوسط لوقف إطلاق النار ولكن أمريكا والسعودية وبعض دول الخليج. وقال قادة العدو بصريح العبارة أمام هذه الروح الحسينية المجاهدة لا نستطيع ان نصمد أكثر : “فقد هزمنا حزب الله”. وقد طرد أبطال حزب الله والجيش اللبناني فلول داعش والقاعدة من الإراضي اللبنانية.
تفجرت من بغداد بأبطالها الأقحاح المغاوير الصناديد ثورة حسينية مسددة من المرجعبَية الشيعية في العراق أبطال الحشد الشعبي والفصائل المقاومة تحرير العراق من فلول الدواعش والقاعدة.
فالبلاد التي آمن اهلها بالفلسفة الحسينية قاوموا الظلم وجابهوه بالحقائق وبالمنطق وبالسلاح واثبتوا ان كربلاء هي مظلومية كبرى انتهك فيها الطغاة كل المعايير الإنسانية والدينية ،وأكدوا على ان الثورة مستمرة ،وان فلسفة كربلاء هي انعكاس لإنتصار الحق على الباطل ،والخير على الشر .
هذه الفلسفة العصرية اصبحت رمزاً للتضحية والفداء ولم تكن قط تعبر عن فكر مذهبي او طائفي او مناطقي بل هي حقيقة مُسلم بها انها فلسفة راقية صريحة للإنسانية جَمعاء تترجم مجابهة الظلم وتطبيق الإصلاح في الأمة.
غابت كربلاء نعم عن بعض العقول وجهلت كل تفاصيلها بل جهلت ماذا تعني كربلاء لكن الوعي اليوم انتشر رغم ما اضمره المغرضون وما مارسوه لأجل دفن الحقائق .
فكربلاء ثورة حسينية بإمتياز تتقادح عنفواناً ويترجم قيمها خط مقاوم مفعم بالإيمان والصلاح. كربلائيون نحن ولن نوهن او نحيد عن درب الإمام الحسين عليه السلام.
قولوا عنا مجوس، روافض وشيعة. قولوا ماشئتم. فنح لا نعرف غير حبنا للرسول وآل بيته الأطهار. شاء من شاء وألى من أبى.
فثورتنا الحسينية مستمرة حتى تحقيق أهدافها.