وإن في كربلاء لعبرة لمن يعتبر.
إب نيوز ٢٨ أغسطس
صفاء السلطان
تلك اﻷرض التي حوت الكرب والبلاء هناك حيث كل شبر فيها درس وكل حدث من اﻷحداث عبرة لمن اعتبر ، ولكل من ألقى السمع والبصر والفؤاد حيث ينفع اﻹنسان ماوعى وفهم وانتفع.
إن العبرة اﻷولى المستقاة من عاشوراء : أن كل بلاء مس هذه اﻷمة انما كان نتاج لانحراف خطير وقع في اﻷمة حرفها عن المسار الصحيح الذي أراده الله لهذه اﻷمة عندما اختار لها أن تكون خير أمة تحقق من خلال المسؤولية التي أنيطت بها لتكون النتائج الاستقامة في حياتها وانتشار قيم العدل والإباء والعزة والكرامة وخيري الدنيا واﻵخرة .
العبرة الثانية : تؤخذ من أهل البيت عليهم السلام الذي أراد الله أن يكونوا هم حملة الكتاب والحفاظ على اﻹسلام بنقاوته وصفاءه مربيين للأمة التربية الإيمانية، وليقفوا على مر العصور في وجه الظالمين والمستكبرين فاضحين لمؤامراتهم على الدين المحمدي اﻷصيل .
العبرة الثالثة : من بني أمية حكاما وعلماءً وفكرا ، فعن طريقهم هم فقط جاء التحريف للمفاهيم الدينية كيف لا وقد رآهم رسول الله صلوات الله عليه وآله ينزون على منبره نزو القردة ، فكانت آلاف الدراهم تدفع لمن يلفق اﻷحاديث المكذوبة عن طريق اللجنة التي دشنها معاوية لتحريف وتشويه المفاهيم الدينية ، كذلك من خلال استهدافهم لآل البيت عليهم السلام ؛ فذاك علي عليه السلام يقتل في محرابه وذاك الحسن يقتل مسموما وذاك الحسين يقتل مذبوحا في وحشية قل أن تجد لها نظير ، أيضا استهدافهم لصحابة رسول الله في قائمة وضعت لتصفية كل من صدق الوعد مع رسول الله وأهل بيته بداية بالصحابي العظيم عمار بن ياسر رضوان الله عليه الذي قال فيه رسول الله أنه ستقتله الفئة الباغية ، كذلك كان من انجازات بني أمية قتل 80 بدريا من صحابة رسول الله ؛ فالعبرة تؤخذ من خلالهم أن من كان على مسارهم ونهجهم وفكرهم لايطاع كائن من يكون .
العبرة الرابعة : في ثورة الحسين عليه السلام ، حيث تجد الانصهار والذوبان الكامل في العبودية لله حين يفتدي القائد دين الله بماله ونسائه وعياله وكل أصحابة ﻹقامة الحق والوقوف في وجه الطغاة والمفسدين في اﻷرض ، أيضا حين ينتصر الدم على السيف ،وحين ينتصر بالموت على الموت أن الحياة لا قيمة لها وأنه لايستحق أن يعاش فيها اذا كانت تحت قيادة الطغاة والظالمين (( إني لا أرى الموت إلا سعادة ولا الحياة مع الظالمين إلا برما ))وهذا درس رباني كبير ان من يحيا حر في دنياه يعيش مع اﻷحياء الخالدين حين تتحقق الحياة بشكل مطلق.
العبرة الخامسة :أن التضحيات وإن عجزت عن تغيير الواقع في وقت مُعين، إلا أن النتائج اﻹيجابية للتضحية المستمرة سوف تؤدي حتما إلى إصلاح الواقع وتطويره {وَتِلْكَ الأيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاس} بينما يؤدي العزوف عن التضحيات إلى تراكم الإنحراف والفساد والظُلم والإضطهاد والإستبداد والتخلف مما يؤدي بالانسان إلى أن يعيش ذليلا مظلوما مقهورا، ويدفع من إنسانيته وكرامته ومصالحه الجوهرية ثمنًا أكبر بكثير من التضحيات التي تتطلبها الثورة والتغيير والإصلاح، ويقع عليه من جراء السكوت والتقاعس الضرر البليغ في الدين والدُنيا والآخرة.
العبرة السادسة : عاقبة التفريط باﻷعلام تكون خطيرة جدا فكان عاقبة من تخلف عن نصرة الإمام الحسين من الأنصار أن استبيحت المدينة وقتل المئات من الأنصار حتى أغرق قبر رسول الله صلوات الله عليه وآله بالدماء ، كذلك استباحة اﻷعراض حيث اغتصبت نسائهم وحبلت المئات من النساء اﻷبكار نتيجة لاغتصابهن من قبل جيش يزيد ؛ فالنتيجة الحتمية للتفريط هي الخزي والعار والشقاء في الدنيا واﻵخرة .
العبرة السابعة :تؤخذ من النساء اللاتي رافقن اﻹمام الحسين وسبيت بعد استشهاد سيد الشهداء عليه السلام وهي تشاهد قتل كل أهلها ورأت رؤوس رجالها معلقة على الرماح ؛ لكن عزائمهن لم تضعف ولم تستكين ، فهذه زينب تقف أمام الطاغية يزيد وتلقنه الدرس الذي بقي يتردد صداه في رأسه، فاضحة اياه أمام الملأ الذي حشده بغرض اذلال أهل البيت فتحقق العكس بأن تحقق الخزي والعار ليزيد .
العبرة الثامنة : من عشاق الحسين اليمانيون الذين ترجموا حبهم للإمام الحسين بالدم وليس بالحبر؛ بالروح وليس بالكلام فكانوا فدائيين حتى قتلوا معه ؛
فهاهو برير الهمداني يقول للإمام الحسين بعد أن خطب فيهم (( يابن رسول الله لقد من الله بك علينا أن نقاتل بين يديك ، تقطع أعضاؤنا ، حتى يكون جدك يوم القيامة بين أيدينا شفيعا لنا ، فلا أفلح قوم ضيعوا ابن بنت نبيهم ، وويل لهم ماذا يلقون الله به ، وأف لهم يوم ينادون بالويل والثبور في نار جهنم ))
العبرة التاسعة : لنا نحن ونحن في العام السادس من العدوان الذي لا يألوا جهدا في استهداف هذا الشعب بطائراته وأدواته المجرمين من داعش والقاعدة ، حق علينا أن ننتهج بنهج الصادقين وأن نقف مواقف الحق في وجه الظالمين ، وقفة واعية بطبيعة المعركة التي راح ضحيتها الآلاف من الشهداء والجرحى واﻷسرى ، ونحن نرى الاستبسال الحسيني الذي تشهد له قوافل الشهداء منذ بداية العدوان ؛ اننا بالرغم من كل ذلك نقول للطغاة والمستكبرين: مهما جيشتم من جيوش ومهما حشدتم من حشود فلن نستسلم لكم ولن نفرط بعلم زماننا فوالله لو احرقنا ثم ذروا رماد أجسادنا في الرياح لما تركناك ياسيدي القائد يابن رسول الله، ولن نفرط بحريتنا وكرامتنا وعزتنا رافعين شعار هيهات منا الذلة دائما وأبدا.