يوم عاشوراء يجلي حقيقة الحب .

 

إب نيوز ٣٠ أغسطس

د.تقية فضائل

الإمام الحسين بن علي بن أبي طالب- عليهم السلام- سبط رسول الله وهو من ارتبط حب الله سبحانه وتعالى بحبه -عليه السلام – فقد قال الحبيب المصطفى صلى الله عليه وعلى آله وسلم ‘حسين مني وأنا من حسين أحب الله من أحب حسينا’ وقد يسأل سائل ماهذا الحب للحسين ؟ ألأنه سبط رسول الله وقد تربى في حجره الشريف أم لأنه ابن الزهراء وعلي عليهما السلام وهما أحب الناس إلى رسول الله؟ أم هناك اعتبارات أخرى تجعل خير الأولين و الأخرين يخص الحسين بهذه المكانة العظيمة وهذا الحب الذي قل أن نجد له مثيلا ﻷنه حب تتحد فيه الذوات روحا وفكرا ورؤية ومنهجا؛ فالحسين و جده رسول الله كيان روحي واحد وحدهما الحب الإلهي الذي يتجسد في جعل أهم الأهداف و أسماها على الإطلاق هو العيش والموت في سبيل الله و إقامة شرعه كما ينبغي، وجاءت كربلاء بكل مافيها من أقوال وأحداث ومواقف لتؤكد ذلك وتجعل الأمور جلية واضحة؛ فكل ما صدر عن الحسين من قول أوفعل أوموقف هو تجسيد فعلي للإسلام الحق الذي جاهد الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم وضحى من أجل ترسيخه وتثبيت أركانه ردحا من الزمن لم يكل ولم يمل حتى بنى مجتمعا مهيأ للقيام بما أمره الله به من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ونشر هدى الله وتمثله قولا وسلوكا ومنهجا والوقوف في وجه الطواغيت والتصدي لهم مهما بلغت التضحيات لتستقيم حياة البشرية ويعبد الله وحده ؛ وهذه المهمة العظيمة حملها الحسين على عاتقه في أسوأ الظروف وقلة الأنصار والعدة والعتاد وغلبة العدو وكثرته وجبروته وحيله ومكره واتباعه لخطوات الشيطان وتخاذل الأمة عن نصرة الحق خضوعها للطواغيت، ولكن هذا كله لم يثنه فاتبع خطى جده وحرص على إصلاح حال اﻷمة التي انحرفت عما رباها عليه المصطفى وأراده الله لها ولهذا سعى لإعادتها إلى الطريق القويم مهما اقتضى ذلك ، فوجد أنه ﻻبدمن الوقوف في وجه الطواغيت والتصدي لهم دون تراجع أو مداهنة يكاشفهم بالحقائق أمام الملأ ويذكرهم بعاقبة ما يفعلون من ظلم وشر وإفساد و يغلظ لهم القول وهم جديرون بذلك لأنهم المنافقون فعلا فيرفع شعار ‘هيهات منا الذلة’ في وجوههم في زمن ذل فيه الكثيرون وخضعوا للأدعياء المنافقين وغرتهم الحياة الدنيا ، وفي نفس الوقت رأيناه ناصحا بأصدق العبارات عندما يستدعي اﻷمر ذلك ولم يحمله ظلمهم له ولمن معه على ترك النصيحة والتذكير بما أمر الله به وما نهى عنه وكان نصحه يسبق سيفه دائما لأنه يدرك أنه هاد بالدرجة الأولى، ووجدناه قائدا يخشى على من معه أكثر من خشيته على نفسه يبرأ ذمته ويعطيهم الحرية المطلقة للبقاء معه أو الانسحاب لأنه يعلم نتيجة المعركة سلفا ومع هذا اتخذ التدابير اللازمة فحفر الخندق وأوقد فيه النيران وكان يعدل الخطة كلما تغير الوضع ونقص عدد انصاره وأعوانه ، وكان المحامي على أهله ومحارمه ولو لم يبق إلا هو مدافع فكان يكر على الأعداء فيفرون من أمامه خشية مواجهته ثم يعود لحماية محارمه والاطمئنان عليهم ، تتناوشه الرماح والسيوف ويدوسون جسده الطاهر بأقدام خيولهم ويحز أشقاهم رأسه الشريف فيصبح نورا يشع في قلوب الصادقين ونبراسا يستضاء به في ظلمات الحياة جيلا بعد جيل و نموذجا للثورة ضد الظلم يقتفي أثره كل الثائرين على الاستبداد والقمع على مر الزمان و تبدل المكان والأحوال ، اللهم إنا شيعة الحسين ومحبوه ونحن على دربه سائرون ما حيينا فأكرمنا بحبك وكرمك وعفوك وغفرانك.

 

You might also like