عن المصالحة ومنطق المساواة بين الأحرار والعبيد!
إب نيوز ١ سبتمبر
عبد العزيز البغدادي
صديقي الذي أحترمه وأعزه كثيراً حاول جاهداً في لقاء ثقافي سياسي يُفترض أن يكون به مساحة للقانون والمنطق إلى جانب السياسة التي تطحن عظام الإنسانية باسم فن الممكن !؛
هذه المساحة التي يتم تجاهلها غالباً إما لعدم المبالاة بالقانون والمنطق أو لأن السياسيين الذين يتخذون من مواقعهم التي تمكنوا من الوصول إليها بـ(الفهلوية) أو النفاق وإظهار الولاء أو بأي شكل من أشكال الاستغلال ووضع القانون على الرف أو على الهامش كالعادة.
حاول هذا الصديق العزيز في ذلك اللقاء إثبات مفهومه عن الحياد وشرح الجهود التي يبذلها مع بعض المنتسبين لمنظمات المجتمع المدني في إطار ما يسمى الجهود المجتمعية للمصالحة الوطنية وما أدراك ما هذه المنظمات التي تدار بعضها وفق أجندة تخالف أهدافها المعلنة في حالات كثيرة، ومفهومه للحياد كمفهوم الكثيرين هو المساواة بين دور الرياض ودور طهران والتابعين لهما في الإدارة والتعامل مع الملف اليمني حسب قوله !،
وحين عقبت عليه محتجاً على المساواة بين موقف إيران التي بادرت بطرح اتفاقيات متعلقة بالكهرباء وتوسعة وتعميق ثلاثة موانئ يمنية رئيسية هي (عدن -الحديدة – المكلا) واتفاقيات أخرى كلها اتفاقيات لمصلحة اليمن ، ويبدو أن فتح هذه النافذة ضمن الأسباب الرئيسية غير المعلنة للعدوان وهذا النهج هو النهج المتبع تجاه لبنان ولهذا جن جنون أمريكا والغرب حين صرح السيد حسن نصر الله بضرورة الاتجاه شرقاً، احتجيت على المساواة بين موقف ايران وبين ممارسات السعودية وجرائمها الفظيعة بحق اليمنيين عبر التأريخ فلم يعجبه ذلك وأصر على أنه لا فرق وأنه لو وجد فارقاً فهو كالفارق بين السيئ والأسوأ، مثل هذا التعسف في الأحكام وانعدام المنطق وخلط الأوراق لن يكون سوى في خدمة من يرتكب بحق اليمن أبشع الجرائم بل هو جزء لا يتجزأ من العدوان، إذ لا أعتقد أن من الإنصاف أو من المنطق المساواة بين السعودية التي تحتل قرابة ثلثي أغنى وأخصب أراضي اليمن وتشن عليه أبشع عدوان في التأريخ على مدى ست سنوات يتم خلالها تدمير كامل البنية التحتية لليمن وتحاصره مع مسانديها الخليجيين وموجهيها الصهاينة حصار مطبق براً وبحراً وجواً بل وتستولي على موانئه وشواطئه وأهم جزره لتقدمها هدية للكيان الصهيوني الذي يدير المعركة العسكرية وشراء الذمم بأموال الأعراب ، ويحول ما يطلق عليها بالشرعية إلى دمى محتجزة في فنادق الرياض وأبو ظبي ومدن أخرى لدى سيد الأذناب حسب وصف الأستاذ المرحوم عبد الله البردوني !، ولأن صديقي يعتقد أنه بهذه النظرية الدغمائية أو المعتمدة على خلط الأوراق يعبر بها عن حياديته هذه كشرط للتعامل مع الطرفين الرئيسيين في الصراع اللذين يطلق عليهما الشرعية والانقلابيين متجاهلاً كغيره ممن يعتقدون أنفسهم حياديين وعقلانيين، كل هذا العدوان والتدخل الخارجي الوقح في الشأن اليمني الذي لا أختلف معه بأن سببه الرئيس هم اليمنيون أنفسهم وأختلف معه كلياً في المساواة في مستوى امتلاك الطرفين زمام أمورهما ولم تفاجئني دعوته لهما للجلوس على طاولة التفاوض لحل المشكلة اليمنية التي يدعي كل منهما أحقيته في حلها وفق رؤاه ولا أدري هل يجهل أم يتجاهل كون من لجأوا للرياض لا يملكون من أمرهم شيئاً ، وهذه حقيقة أصبحت درجة وضوحها كوضوح الشمس يشهد على ذلك العالم، فحين كان الطرف اليمني المتهم بالعمالة لإيران يفاجئهم بمبادرات فيها الكثير من التنازلات والاستعداد لإنهاء الصراع يطلب الطرف المحتجز في فنادق الرياض الفرصة للتشاور وهو يقصد الفرصة لتلقي التوجيهات من سيد الأذناب !،
ولذلك فقد سألته هل أنت جاد في المساواة بعد كل هذا بين من تدعوهم أتباع طهران الذين يدافعون عن وطنهم بثبات مع بقية أبناء الشعب الصابر المثابر والمظلوم من داخل وطنهم وبين من لجأوا إلى وكلاء الكيان الصهيوني في المنطقة (السعودية والإمارات) وأتباعهم من مرتزقة المنطقة ومن يعدون حكاماً لبعض الأقطار، وهم من قزّموا تأريخ بلدانهم وشعوبهم بسياساتهم الرعناء بدرجة مخزية !؛
لا جدال في نظري بأن الدعوة للسلام دعوة محمودة ومشكورة والدعوة للحوار بشكل عام منطقية لأن مشاكل اليمنيين كغيرهم لا يحلها سواهم ، ولكن بشرط أن لا نساوي بين الأحرار أو من لديهم قدر من الحرية في اتخاذ القرار وبين العبيد ، بين من شهد العالم أن لديهم القدرة والحرية في اتخاذ القرار ومع ذلك فهم متهمون من قبل الوكلاء المحتقرين من موكليهم الكيان الصهيوني وأمريكا بالتبعية لإيران في المنطقة وبين شرعية هؤلاء الوكلاء المحتَقَرين الذين لا يملكون من أمرهم حتى حرية كيف وأين ينامون ؛
هل تستطيع الجزم بعد هذا أيها الصديق العزيز بأن الطرفين على مستوى واحد من امتلاك الحرية ، وهل يمكن الاتفاق إلا بين الأحرار ؟؟!!
مدرسة الحسين عنوانها الحرية والحق والعدل والمساواة وطريقها الإخلاص وبذل الغالي والرخيص في سبيلها .