حرقةٌ روح وعزيمةٌ قلب

إب نيوز ١١ سبتمبر

إقبال جمال صوفان

جاء العُدوان على غفلةٍ مِنّا فجأة وبدون مُقدمات اليمن تُقصف !! لا أقول كل بيتٍ فقد غالٍ لم يتوقع غيابه ولكنّي أقول أن كل فرد فقد شروحهُ برحيل من أحبّ أي أنهُ جسد دون روح…

أكتب حروفي التي سأُحيكها لك قارئي من وحي الجهاد لأمٍ مُجاهدة تملكُ ولدين فقط دفعت بِهما إلى جبهات العزّة والكرامة والشرف ليست الوحيدة التي بذلت كل مالديها من غالٍ ونفيس في سبيل المولى عزّ وجل ولكنها قطرة من فيض كرم باقي الأمهات…

جميعنا يعلم كيف أنَّ الأم تضم طفلها بقلبها قبل يديها مند مجيئهِ إلى هذهِ الدّنيا وحتّى رحيله عنها فنجد طُهر الحُبّ وشغف الشوق ونقاء العشق في عينيها لذا فإن حب الأمهات يعلو كل يوم في قلوبنا ولا يُعلى عليه…

ودّعت هذهِ الأم مُجاهديها ( أصيل و عبدالله )رغم حُبّها الشّديد لهما وتعلقها بهما خاصّة وأنهما سندها في هذه الحياة بعد الله، ولكن قلبها يقودها لفعل ذلك، واجبها الجهادي، حُبّها لله ، حُبّها للوطن و كُلها يقين أنَّ من خلقهما قد تكفّل بحفظهما لها…

تتالت الأيام والسنين وثبت كلاً منهما في موقعه الجهادي وكانا يأتيان لزيارتها مابين الحين والآخر خاصّة أصيل لأنه كان مرتبط بدراستهِ الجامعيّة في صنعاء أما عبدالله فقد ترك الدنيا ومن عليها ولم يبالِ لشيءٍ سِوى التحليق في سبيلِ الله كطائر يطير بجناحيه لا يحط رحاله إلا حيث يشاء…

تتلألأ الدموع كأقراط ألماسٍ على عينيها حين رؤيتهم وضمهم إلى حضنها الدافئ الذي يظمئ لهم كل حين، ترتسمُ البسمة على مُحياها وتتنزل السّكينة على روحها وقلبها كقطراتِ المطر حين تَروي الأرض…

مرّت ثلاثة أشهر وعبدالله لا تعلم عنه شيئاً !! ذَبُلت ملامحها كوردةٍ لا تُسقى الماء تنام كل يومٍ وقد اكتوت خدّيها من حرارة دموعها الهاطلة وجعٌ لا يُوصف وفراغٌ يكاد يقتل كل جميل فيها بُعدٌ شاق وألمٌ حاد لا يشعر بهِ إلاّ من جرّبه…

تواصل هذهِ الأم جهادها بالكلمة والتحرّك الجاد في سبيل الله وتقديم الفعاليات وكتابة المقالات ومواكبة الإنتصارات ومرافقة المُجاهدين بالدعاء لهم ليلاً نهاراً رغم ما تُخفيه من حزنٍ ومن تعبِ…

-لم تقل أواهٍ أواه لقد تمكن مني اليأس بل قالت : (إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ)

-لم تقل أولادي ملكي بل قالت :
(إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَىٰ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَُ)

-لم تقل سأُحبط في حياتي بل قالت:
(وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا ۚ وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ)

-لم تقل لم يبقَ لي شيئاً بل قالت:
(وَمَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقَىٰ )

ثابتةٌ أنا كثباتِ اللون على الحجر يا إقبال ولكن يبقى عبدالله حرقة روح وعزيمة قلب.

 

You might also like