ثورة الإمام زيدٍ–(عليه السلام)– الدروسَّ والعِبرّ .!!
إب نيوز ١٢ سبتمبر
نــوال أحمـد
ما أحوج الأمة الإسلامية اليوم، وفي هذا الزمن الجاهلي إلى أن تعود إلى القرآن الكريم،إلى أن تعود إلى تاريخها الإسلامي من جديد، العودة إلى رسول اللّه”صلى الله عليه وعلى آله وسلم“ وأن تتطلّع في سيرته وحركته الرسالية، ما أحوج الأمة الإسلامية اليوم إلى أن تعود إلى علي عليه السلام لتقرأ سيرته وحركته الجهادية في الحياة، إلى أن تعود الأمة إلى الأئمة الطاهرين من أهل بيت رسول اللّه إلى فاطمة الزهراء إلى الحسن والحسين، إلى زيد بن علي عليهم جميعاً الصلاة والسلام.
إن أمتنا اليوم في أمس الحاجة إلى أن تهتدي وتستبصر إلى أن تستنير بهدى القرآن الكريم، إلى أن تعود الأمة إلى نبيها وهاديها ومعلمها ومربيها وقائدها الأول رسول الله صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله وإلى أهل بيته الأطهار، لتستضيئ بنورهم وتهتدي بهداهم، ولكي تستلهم من حركاتهم وثوراتهم قوة الإيمان والصبر على المواجهة وتحمل المسؤولية ، لتتزود هذه الأمة من ذلك العزم والإقدام المحمدي الحيدري، لتستلهم من ثورة الإمام الحسين عليه السلام القوة والشجاعة و الثبات،لتستلهم من جهاد و ثورة الإمام زيد عليه السلام،في كيف تكون المواجهة مع أعداء الإسلام، وفي كيفية التصدي بحزم لقوى الباطل والشرك والضلال.
إن ثورة الإمام الحسين عليه السلام وبعد إستشهاده في واقعة الطف ، تلك الحادثة الأليمة التي كشفت لنا عن مدى الإنحراف، وبأن الأمة في واقعها ليست بخير، وأنها لا تسير بالإتجاه الصحيح، وأن هناك إنقلاب كامل على الإسلام بكله، إنقلاب على رسول الله، والقران، على قيم ومبادئ وأخلاق الإسلام، إنقلاب على مشروع الإسلام المتكامل، تغير وإنحراف كبير في واقع الأمة والذهاب بإتجاه جاهلية أخرى أسوأ من الجاهلية الأولى بكثير..
و بعد حادثة كربلاء تكررت المأساة نفسها بالإمام زيد بن علي حفيد الإمام الحسين عليهما وعلى آبائهما الصلاة السلام، إمامنا الأعظم، وإمام الأئمة زيد عليه السلام تحرك في طريق جده الحسين عليه السلام، تحرك في نفس المشروع، في ذات الهدف، تحرك بذات القضية والمبدأ، تحرك على أساس إقامة رسالة الله، إحياءً لدين الله، إصلاح أمة جده رسول الله صلوات الله وسلامه عليه، الذي ورث عنه حمل المسؤولية وتأديتها، تحرك الإمام زيد كما تحرك جده الحسين عليهما السلام ، تجسيداً لتعاليم الإسلام وتأسياً بجديهما محمد المصطفى ،وعلي المرتضى صلى الله وسلم عليهم أجمعين.
الإمام زيد عليه السلام، كان حليف الذكرّ، حليفاً للقرآن الكريم، هذا القرآن الذي لا زال بين أيدينا، القرآن الذي نقرؤه جميعاً، هذا القرآن الذي عكف عليه وقرأه الإمام زيد عليه السلام، فتحرك بحركة القرآن وبما جاء فيه من توجيهات وأوامر إلهية جسدها على أرض الواقع، وطبقها عملياً في ميدان الحياة، الإمام زيد عليه السلام هو من قال “والله ما يدعني كتاب الله أن أسكت“ إستشعر مسؤوليته وأنطلق في ميدان العمل والجهاد، ثائراً على الظلم والفساد، مصلحاً لأمة جده، خرج آمراً بالمعروف ناهياً عن المنكر، خرج ليغير من ذلك الواقع السيئ والمؤلم آنذاك ، كان يهمه ويؤلمه معاناة وأوجاع، وفساد أمة جده رسول الله، فحمل المسؤولية، وبقدر ألمه كان حرصه على إنقاذ الأمة وإصلاح واقعها، وقد عبرّ عن ذلك بقوله” والله لوددت أن يدي ملصقة بالثريا ثم أقع إلى الأرض أو حيث أقع فأتقطع قطعة قطعة وأن يصلح الله بذلك أمر أمة جدي رسول الله “صلى الله عليه وعلى آله وسلم“.
بتلك الروحية الإيمانية إنطلق إمامنا الأعظم زيد عليه السلام ، وبدافع المسؤولية ثار وتحرك وواجه طغيان الأموين بعزم وثبات رغم الخذلان الذي لاقاه، رغم قلة الناصر سوى فئة قليلة من المؤمنين الصادقين الذين ثبتوا معه في ميدان المعركة، وحينما خفقت الراية على رأسه قال عليه السلام “الحمدلله الذي أكمل لي ديني والله مايسرني أن ألقى جدي محمداً ولم آمر في أمته بمعروف ولم أنهَّ عن منكر، والله ما أبالي إذا أقمت كتاب الله وسنة نبيه أن تؤجج لي ناراً ثم أقذف فيها ثم صرت إلى رحمة الله “ هكذا كان الإمام زيد عليه السلام يحمل بصيرة الحق ومبادئ الإسلام وهدى ونور القرآن، خاض المعركة ، بكل شجاعة واستبسال رغم تخاذل اصحابه رغم قلة العدة والعدد، وبثورته الخالده،وحركته الجهادية فتح باب الجهاد ورسخ ثقافة الشهادة والإستشهاد وانتصر بدمائه ”سلام الله عليه” لقيم ومبادئ الإسلام، وأعاد للدين عزته ومكانته كما أعاد للأمة كرامتها المهدورة.
إن كل ما حلّ ويحلّ بهذه الأمة من نكبات وويلات وتشرذم وصراعات ،وكل ما تعانيه الأمة اليوم في واقعها من حروب وأزمات ، إنما هو نتاج طبيعي لتلك الإنحرافات ، ولأن الأمة تخاذلت عن نصرة الحق، الأمة هي من جنت على نفسها حينما قصرت ولم تؤدي مسؤولياتها، عندما فرطت في دينها وقاداتها ورموز هدايتها، وإن من أكبر وأعظم نكبات الأمة هو عندما تخسر الأمة عظماؤها، عندما يكون ضحايا الإنحراف والتدجين هم رموز الدين، وقادة الحق المهتدين ، عندما يكونون هم من يدفعوا ثمن تفريط الناس وتخاذلهم و تقصيرهم.
إننا في هذا العصر والواقع المؤلم والمأساوي الذي نعيشه اليوم ، وقد تلقّى المسلمون الكثير والكثير من الضربات جراء التفريط والتخاذل، كالحرة، وكناسة وغيرها، حتى ظهرت لنا الصورة الكاملة لواقعنا والذي قد رُسمت صورته بريشة المفرّطين، ونحن نقف اليوم في مواجهة كبيرة مع ألد أعداء الأمة الاسلامية وهم اليهود والنصارى، المتوجهين لقتل الاسلام وطمسّ معالمه، أولئك الطغاة المستكبرين الساعين لأستعمار هذه الأمة الإسلامية وإمتهان كرامتها، فهل نحن أيضـاً سنفرط.