مرفــــــأ الــــروح
إب نيوز ١٥ سبتمبر
عفاف البعداني
على امتداد البقاء البشري ومنذُ الأزل القديم، تبقى الروح قضية مستعصية التحليل، على الرغم من تطور قدراتنا العقلية والسمعية والبصرية والحسية لترجمة كثيرٍ من اﻷشياء التي حولنا كخسوف القمر، وبراكين الجبال، وتعاقب الفصول، واضطرابات النفوس، إلا أننا مازلنا بعيدو المنال عن تهجئة الروح وغير مدركين الهيئة الحقيقيةلها، وكل الحكماء والبلغاء والنوابغ والشعراء والأدباءوالعلماء والباحثين، وقفوا متعجبين! مندهشين! متسألين! عن تحليل الروح!! ماشكلها وأين هو بالضبط عرشها؟ متعجبين لماهيتها الباقية ، رغم تسليمهم المطلق باتحادها بالجسد وظهور ملامحها على مواطن النفوس، إلا أن حقيقة الوعي بها تبقى نِدًا للتفصيل والتوصيف أكثر بل هي خارجة عن نطاق قدرات العقل اللامحدود، وقد انتهت السبل المعرفية لتلك الروح إلى عدة عوارض لاتخرج عن مصطلح يمسى “بواعث” .
نعم “بواعث روحية” هذا ما استطاع العقل البشري منذ الحقب الزمنية عرضه و استخلاصه في فضاء الروح، كان الأمر معقدًا وانتهى التوثيق عنه من قبل السابقين بعد تفكيرطال أمده في غياهب الإدراك ، خرج العقل بكينونة هذا البحث بحقيقة تعريفية واحدة للروح حيث وصفها بأنها تعيش بداخلنا وأنها تتحد بأجسادنا اتحاد مربوط بالحياة ومفارق بانتازعها بالموت عند حضور قابض اﻷرواح الذي نخاف منه كثيرًا هذا هو ما استيسر فهمه.
ولكن ماذا بعد؟؟
هل سيأتي يوم وتفصح الروح عن نفسها ؟
وياهل ترى لما تبقى الروح الشيء الصعب الذي اجتاز حدود قدارت العقل ؟؟
سندع إجابة هذه الأسئلة الكبيرة للذي خلقها وبث فيها الحياة فالهمها فجورها وتقواها، سنرجع إلى محطة ملائمة للتفكير المعقول بطريقة يسترسل بها الحس ويفهمه العقل ،ويترجمه الواقع !!
نعم; لو رجعنا إلى الشيء المسلم به من السابقين واللاحقين في الشرح، ونترك التكييف الشكلي لها نعود لمصطلح البواعث الروحية وتصنيفها، سنجدها متعددة الاتجاهات وقوية التأثير ، فهناك بواعث روحية تدفعنا إلى الرقي والسعادة والانشراح والحب والسلام، وعلى نفس السياق هناك بواعث روحية توقعنا في دائرة البؤس والبغض، والدرك الأسفل من التعاسة، تزج بنا في مواطن الضياع والتخبط ويبقى السر في قضية اتحادها هو التأثير المكتسب من العالم المحيط، فالجسد هونفسه ،عظم ولحم ،وهيكل، وقلب ينبض بلا توقف .
ولكن ماسبب اختلالها الاتحادي بالجسد واختلاف وقعها على نفوسنا من شخص للآخر، رغم توحد الخِلقة بين كافة البشر، ومن أين أصلاً تستلهم تلك البواعث، وكيف تستطيع أن تجوب الأرض والسماء بخروج جزئي عن حدود الجسد، هذه الأسئلة تتفاقم في مخيلتي وتكبر يوم بعد يوم في شرود عريض من التأمل إلى أبعاد النجوم البعيدة ويتيه البوح في سطور السماء الفضائية.
عدت للمعنى القريب ، محاولةَ التقيد بأمثلة مقاربة يعيها العقل ويتبعه الخيال، وجدت أجوبة لأسئلتي عن تهجئة الروح، ربما أني سأخبركم كيف علمت عقلي وأقنعته بهوية الروح حاليا ، وربما أني في اﻷيام التالية سأكتشف أشياء جديدة من شأنها تهداة فوضوية العقل الغالب ؟؟
كان المخزون الإجابي في سبب في اختلاف البواعث الروحية مطول ومفصل ولن يعيه إلا متفقها في التأمل وصبوراً في القراءة، فكما ذكرنا سابقا أن البواعث تختلف رغم أن مقرها هو هيكل موحد، ولكننا نجد الروح مختلفة من شخص لآخر إذًا لماذا؟؟ والإجابة هي: أن الروح تسافر إلى هنا وهناك برحلة حسية لاترى، نعم الروح لاتقر في داخلك طيلة الوقت فهي تتحد بالجسد جزئيا وبالحدود البعيدة للسمع والبصر والنظر والحس كليا ، تسفر الروح منك وتخرج عبر ردة فعل عصبية منظمة، لحاسة النظر أو السمع أو التفكر وتبحر في العالم الفسيح ولكن تترك عرشها الوجودي الأساسي في جسدك .
تروح وتغدو محلقة مستلهمة متغيرات ومتقلبات الحياة حسب مخزونك الباطن لتعريف الكون، وحسب إيمانك بالله وقوة ارتباطك بالمعية الإلهية وفي آخر كل يوم ونهاية أي حدث ،أو ارتطامها بأي جدار مفزع ،ترجع الروح إليك مليئة بما يسمى بالبواعث، نعم; تعود الروح محملةَ دروسا جديدة، مخلفة فيك كل آثار أعمالك سوى كانت صالحة أو سيئة فمثلاً لوكان يومك مليء بالحسنى ستأتيك محملة بالهدايا والطمأنينة بعودة ملائمة ومحمودة الاتحاد الكلي في جسدك منذ رحيلها هي تسعدوتبتهج ولاتدري أي قلب أو حدب أو نسل يسعك، وربما في بعض اﻷحيان قد تجهل سبب راحتك.
وبالمقابل قدتعود الروح محملة بأعمالك السيئة التي ارتكبتها هذا اليوم وذلك الأسبوع فتعود للجسد مثخنة الجراح ،ثقيلة ومضطربة فيصعب على الجسد اتحادها بشكل مرضي تتحد ولكن تكن هناك تبعات مرهقة لأن الروح هنا ملزمة بأن تعود لمجراها الطبيعي لتظل على قيد الحياة ،إذا هناك تفاوت رجعي في ماهية الروح في قلب كلا من العاصي والعابد، وهذا هو سر اختلاف البواعث حد تأملي أيها القلب الشغوف، في السطور التالية سنتحدث عن لقاء الأرواح!!! ولما عجزنا عن توصيفها؟؟.