من بين رُكام الحياة
إب نيوز ٢٠ سبتمبر
صفية جعفر
لم يكن ذلك المُسمى وليد اللحظة،بل هو رمز للحرية التي ضاعت بين أشلاء ودماء،لم ينهض أحدا من ذلك السبات الذي خاض وتغلغل في ازدحام البشر، وحين لامست نسمات الفجر تلك الأجساد الجهادية بدأ ظهوره بنور خيطي رفيعٌ من نور رباني،وأشرقت الأرض بنور ربها، والشمس تأبى إلا أن تصل بأشعتها الذهبية، إلى تلك الأرواح الطاهرة، فتتسلل من بين سُحبٌ بيض ناصعة لتغدو حرةً لا عائق لها…
سرنا على خطى مستقيمة لا لعوجاج فيها في مسيرة خلدت في أعماقنا عبق الحرية بعد أن حل الظلام كل مكان وتربع على صدورنا ذلك الرُكام ؛فأصبحنا لا نعرف من الحرية إلا اسمها،ومن العزة إلا عنوانها، ومن الإيمان إلا تفاصيله التي شكلوها وجعلوها رونقاً مزخرفا،ً كأنّ الإيمان شيء يُظهر لنا زخرفة الإنسان المُبتدعة،وفي ذلك التيه الذي مر بقلوبنا فجعلها مليئة بحب هذه الحياة الفانية أصبحنا أحياء على مشتبه من الموت، وكأننا في عِداد اللا وجود، حين تتحول تلك التراكُمات الحياتية إلى لمعان يُضيء الكون هذا ليصل بذلك المسير الرباني إلى شاطئ الآمان…
تغمرنا طمأنينة تنشأ على ربوع أرواحنا المُتعبة وتتكلل على أنفاسنا المنخنقة، وتترنم فراشات هذا الملكوت بثاً ذات عبير يفوح برائحة الوصول إلى ذلك المدى من الإنجاز المحتوم، الحقيقة التي لا بُد لها أن تكون، من بين كل تلك الصفحات المظلمة خرجنا ومحينا ما مضى ولكن ما يؤلم حقاً اننا لا زلنا نتخبط بين تلك الركامات اللا منتهية في البعد عن الله عز وجل، فما لنا اطمئنان بغيره ولا لنا راحة بسواه به تعلق القلب فما شقى والنفس فما ضلت، أما عن كل شيء في هذا الكون المبرج بزخارف الفتن ومصبغات النعم فما هي إلا اختبارات ؛ لكي نتخرج إلى ذلك المكان الأبدي إنها حياة الأخرة…
في مسيرتنا القرآنية نفضنا الغبار عن أرواحنا ، والخوف عن أنفسنا ،والدمار عن ضمائرنا،هي التي أخرجتنا حين كان لا مخرج والنفق كان مسدوداً لكن ذلك النور الذي دخل في بداية الصدوع كان جدير بأن ينتشر ويتلألأ في هذا الملكوت فما بنا كان بنا لكننا اصبحنا وبحمد الله اقوى واعظم واروى من حبك الذي ملأ اركان افئدتنا وتغلغل في الوريد …
ومن بين ذلك الركام استيقظنا من جديد وتوكلنا على حي قيوم حين كنا نهيم ولا نعلم أين نذهب من بين تلك الركامات أفقنا وعياً وبصيرة…مع الله في كل خطوة مع الله في كل نظرة مع الله في اتكالي وستعانتي وذهابي وإيابي…