ولسوف نلتقي…3

إب نيوز ٢٣ سبتمبر

رويدا البعداني

هذه المرة طال غيابه لقد مضى على رحيله ردح من الزمن، بدأ الهم يساورها، وما إن تهم بفتح شاشتها التلفزيونة الهرمة ترتعد فرائصها خوفًا من رؤية الضحايا والمجازر الوحشية والمشاهد المروعة التي أنتجتها الحرب العدوانية. فذاك ينتحب لرحيل والده الذي باغته صاروخ طاغ بينما كان يجول في أروقة السوق ليشتري احتياجات المنزل، وتلك المرأة المسكينة تزداد عويلا كلما رأت جسد ابنها الذي تمزق وراح كالأولين ضحية بلاذنب.

تواصل متابعة نشرة الأخبار التي هي مزيج بين الانتصارات والتضحيات ولكنها ترى أن هناك من دفع الثمن وبذل روحه في كل الميادين. ومن هول المجازر تبين لها احتدام سير المعركة خاصة في الأماكن التي تحت وطأة الاحتلال من قبل مرتزقة العدوان، إضافة إلى الأماكن المعرضة للقصف المستمر التي يتم قصفها بلا أدنى سبب.

كانت ترى الكتائب الجهادية تشن الهجوم ببسالة، فتعرف أنه من بين أولئك الأبطال، وما إن تسمع أزيز الطائرات ينقبض قلبها فجأة. ينتابها الهلع دون رغبة منهاولكنها سرعان ماتستقبل نبأ إسقاطها من قبل قواتنا الثورية حتى يعود قلبها مرفرفرًا من جديد. كانت تقضي أغلب الوقت وهي تتابع نشرات الأخبار، وآخر المستجدات السياسة. ماكان يفتق فؤادها، ويلجم كبدها، هو رؤية قوافل التشييع تُزف بتزايد مستمر. وهذا ماأرق فكرها، تقف واجمة بإذعان، تتأمل حال الأمهات الثكالى، وكذلك الزوجات اللاتي فقدن أزواجهن في هذه الحرب الدامية.

يفاجئها صمودهن الذي يعصي على الشرح والتفسير والتدوين، تراهن مدججات بالقوة والثبات محتسبات الأجر فيما فقدن. كانت الريبة تخامرها بين الفينة والأخرى عن حال مجاهدها وكيف هو حاله. تهمُ بأخباره في كل حين وعن سبب انقطاعه، تهب من جلستها مرتدية عباءتها المحتشمة لمزار صديقتها التي لاتقل حالا عنها، تسألها هل هناك خبر عنه، كون زوجها في نفس الثكنة فتجيب: – بلا. تتملكها الخيبة حينذاك، تستعمر الآهات جوفها الهزيل، تعود إلى عتبة الباب خالية من أي نبأ يشي بسلامته.

You might also like