ولسوف نلتقي… 6 – 7 .
إب نيوز ٢٥ سبتمبر
رويدا البعداني
الأيام الجميلة تمر كالسحب، وهكذا مرت الأيام بوجود ثائر، كانت صمود أشد أنسا وأمانا بقربه، تهمُ حين يرحل كيف ستبتدع الصمود أمامه، هي لاتريد البتة أن يعلم بمدى حزنها لذلك؛ فهي تعيَّ أهمية هذا الطريق جيدًا. ذات يوم ذهبا معا لرحلة وما إن وصلا لقمة جبل تطل على منظر أخاذ حتى جلسا ليتناولا الطعام معا وبعد ذلك تجاذبا أطراف الحديث . نظر إلى الشمس وقال لها أنتِ شمسي حين يشتد بي زمهرير الشتاء وأنا بعيد عنكِ. تأمل الأفق ومداه وسعته وأخبرها بأن حبه أجل وأكبر من هذا المدى وأنها سماؤه متى ضاقت به سبل الأرض، كان يحدق بالأشياء ليصف كنه مشاعره، بينما هي ظلت محتفظة بصمتها متمنية ألايكف عن الكلام .
قال أيضًا الحمدلله تحققت كل أمنياتي ياصمود وتبقت واحدة، قاطعته ماهي؟ أجاب: – أن أُرزق بطفل جسور يرعى أمه إن صعدت روحي عاليا في هذه الحرب. دنت منه فجأة ووضعت يدها على فمه قائلة: – ماالذي تلمح إليه؟ هل ستودعني كما ودعني أبي؟ هل ستكويني بالرحيل اللاذع؟ هل سترحل وتتركني لنوائب الدهر وحدي أقارعها؟ أجهشت بالبكاء واحتضنته وهي تصرخ أرجوك لاتقل هذه العبارة ثانية واستمرت بالبكاء بينما هو متسمر في المكان يمسح على رأسها كي تهدأ وتكون أكثر تصبرا.
لم تمضِ أيام قليلة إلا وبدأ يتجهز للعودة. وحين سألته لمَ العجلة؟ أجاب: -عزيزتي يبدو أني تأخرت ووجِب عليَّ الرحيل فالحرب تشتد يوما بعد يوم وليس من اللائق أن أقف مكتوف الأيدي، يكفي أن الله أمدني بصحة جيدة ورزقتي زوجة صالحة وبإذن الله سيكون ابننا صمادا في الطريق كوني على ثقة بذلك. تظاهرت بالقوة وابتسمت وقالت:- نعم بإذن الله سيأتي وسنعيش نحن الثلاثة قاطعها تقصدين الاثنين صرخت قائلة:- بل عنيت الثلاثة تبتسم حينها وغدا يفتش حقيبته إن كان ينقصها شيءفوجد أنها لم تترك أي شيء مهم إلا ووضعته في الحقيبة فقط هذه المرة أخذت صورته الذي ألتقطها وهو في أحد الجبهات كذكرى ومن ثم توجه ليكمل ماولد لأجله، انتصب على عتبة الباب بعد أن سلم عليها ولوح بيديه وكأنه يقول بذلك صمودي ربما هذه التلويحة الأخيرة سامحيني، في رعاية الله وحفظه هاأنا ذاهب ولربما لن أعود.
ولسوف نلتقي… 7
كان برد شتاء هذا العام شديدالبرودة ، شتاءٌ قاس، اشتد زمهريره، وعاشت فيه ليالي عصيبة وكي تنعم بالدفء كانت تجمع حطب ذكراه وتضرمه في مدفأة روحها، حينها تشعر بدفء يتخطف نوبات البرد وهكذا قضت أيامها الشتوية. تغيبت عن العمل لأيام لا لحزنها وإنما لتعب جسدي ألم بها و لم تدري ماعلتها،وفي يوم زاد تعبها، وما كان منها إلادعوة صديقتها شمس التي تولت العمل في غيابها. أتتها مسرعة توجس في نفسها خيفة وحين رأت حالتها تسوء أكثر عزمت أن تنقلها لأقرب مستشفى، وعندما وصلتا و عملت الفحوصات اللازمة ولم يتبق إلا إعلان نتائج الفحص.
اتضح من التحاليل أنها حامل في شهرها الثاني، حملت شمس المفاجأة لصديقتها بجذل وسرور يحدوها الأمل والتفاؤل ومضت إلى صمود لتبشرها بالخبر السار وأن صمادا آتٍ بفضل الله ومشيئته، وما إن وصلت وأخُبرتها، إذ بصمود ينهمر وابل من الدموع من عينيها بدون شعور، تذكرت حال صديقتها شمس التي زفت الخبر أنها حرمت من الإنجاب مذ أعوام، أيضا غياب ثائر الذي ينتظر تحقيق هذه الأمنية من زمن فكان ذلك السبب الآخر لبكائها، فأنى لها أن تفرح وتسعد وهي بهذا الموقف العصيب؟
عرفت صديقتها بكنه ماأخفته فراحتا تبكيان معًا ومن حينها ازدادت عناية شمس بصمود كون الأشهر الأولى شاقة ومضنية. أطل الشهر الثالث وثائر لم يعد بعد، تترقب عتبة الباب بين الفينة والأخرى، تريد أن تزف له خبر المولود الجديد وأن ماتمناه قد تحقق، عادت تتذكر ماقاله أنها تبقت له أمنية أن يكون لهما طفل وسيرحل بأمان انتابها القلق ماذا إن كان محقًا فيما قاله؟ ارحمني يا الله فأنا في ذروة ضعفي، قوني يارب وكن بعوني وبعون طفلي القادم فنحن لاشيء بدون لطفك ووجود ثائر.