قلوب لا تمل، وسواعد لا تكل
إب نيوز ٦ أكتوبر
رويدا البعداني
عَلَّمتنا الحضارات الأولى أننا لابد أن نصنع بدورنا التاريخ الذي لم ينته الآن بعد ، والذي يبدأ الآن ميلاده الجديد بجوهر وجودكم أيها المعلمون والمعلمات ، فإليكم أُهدي باقة من الورود يفوح شذاها بالكلمات ، لأهنئكم بالمُفرح الذي لا يفنى من حكمتكم و بخدمتكم يزداد نموا وآفاقا كل يوم ، لنوثقه في يوم عيد المعلم الجليل ، انفلاق فجر متجدد بوقت بذلتموه بلا مقابل واستغرقتم في شرح وتقديم الكم الهائل من دروس تخوض معانيها بين الموت والحياة ، موت من القصف وحياة بين النجاة والخوف .
من لجة بحركم تسيل مناهل المعارف فتتنامى ، ومن عمق بحوركم تهمس قوافيا تناشدكم ببيانها تتعالى ، سأهنئكم أيها المعلمون بمناسبة خصب إنسانيتكم التي ظلت راسخة لترسم بسمة على وجه الطفل فروت الصحاري بكل العلم ، لتُنشئ أنفسناََ وعقولاََ لتقول له : تعال وتقدم لتعرف عن قرب غور الأبجدية الملاح في وقت يسأل الطفل فيه : ما معنى غبطة إلهام الكلمات المركبة من الحروف الممتلئة بكل هذا المعنى ؟ فتُجيبوهم يا أشرف رسل العلم بوضوح أنها هي من تنقل براءتكم إلى كيانكم هنا ، وعالمكم اليافع هناك .. في انتظاركم أهنئكم لأنني واثقة بأنكم ستعملون موقنين مدى قول الله تعالى :
– ” وما كان ربك نسياً ” .
وإني لأهنئكم يا حاملي عبء الأمانة ، بوقفتكم كجسر منيع يحمي طفولتنا من غياهب الجهل والتخلف ومواجهة الحرب بمرصاد شعلة نور المعرفة حتى لا نعود إلى الوراء عشرات السنين .
أيها المعلمون والمعلمات ، أقف اليوم محتارة لأرصد معاناتكم ، وأدون إنجازاتكم ، أقف ممتنة لكل معلم يقطع المسافات والطرقات ، ويتحمل عناء وتعب الشعاب السحيقة مقابل طقطقة طبشور يُدَوي صوته بالصدى، ليعلن وفاءه لباحث ينبوع علوم الحياة في عصر عصيب جاوز وصفه الحُكى .
وإنه لرغم شدة وعمق هذه الكلمات ، ووقوفي لبرهة بها في هذا المكان من زمن على عتبات هذه الظروف القاسية ، إلا أنني لا أزال بنهم وشغف انتظر عطاياكم الجبارة المتواصلة التي تُنزل أعز ما لديها في مروج قلوبكم الناظرة ، وعقولكم التي تهب للطفولة البريئة أثماراََ عطرة النكهة ناضجة .
لا أزال انتظركم بانتظار حقوقكم الضائعة ..
لا أزال بانتظار المعلم الذي يستوعب فَيُلُِّم الطلاب بمختلف مستوياتهم بصبره الذي يحلُّ العَدَم الذي جاوز عنان السماء، وبعقله الذي يقود أجيالا لا تُسلم نفسها للصعوبات ولا لأي انحناء، وإني لا أزال ولا أزال بانتظار جيل قوي ، تربى على إثر منهجكم السامي، ليمتد إلى الآفاق البعيدة غير المحددة بضيق الأبعاد ، ليبني وطنا عظيما جُرح بأنين حروب وأناس طال بهم العداء .
أيها المعلمون الأجلاء ، أقف اليوم على آخر هذه السطور خجلة من أمسي ، وحاضري وواقعي المتصرف ، لأقول لكم لملموا عثرات الطفولة والشباب ، المكسوة بغبار الأزمنة ، ودونوا على رحب صفحاتكم مجد العلم المتقد بشرارة الفكر الليس ثوبا سطحيا زائلا يرتدى ، ولا حروفا عقيمة متناثرة تلتقط وتلتقى ، وإنما هو منهاج واسع للإرتقاء للوصول إلى المبتغى ، وبهذه المنهجية أعلم وأنا موقنة بأنه سيأتي يوم يقف فيه جيل جديد وتليه أجيال صيغت وانبثقت من جهد المعلمين الأبرار الشجعان ليرددوا :
– كل عام ومعلمنا بألف ألف خير ونحن له من مزايا الفضل شاكرين ، ومن بحار علمه آخذين أنوارا تُضيء لنا ظلام مشرق الأرض ومغربها ، قنديلا يُبهج عتمة السنين ويجدد ميلادها في يوم عيدك الجلي أيها المعلم الجليل.