فقدنا نبيّ الرحمة ففقدنا الرحمة كلها
إب نيوز ١٦ أكتوبر
بتول عرندس
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله ربّ العالمين، وصلّى الله على محمّد وآله الطاهرين، واللعن الدائم على أعدائهم أجمعين
يقول تعالى في كتابه العزيز واصفًا رسالة رسول الله محمد (ص): [وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ]. فمن مقتضيات حكمة الخالق تجاه عباده أن يُعيّنهم في مسيرتهم التكاملية، ولا يمكن أن يتركهم دون قائد للأخذ بيدههم.
اذًا هدف بعثة الرسول (ص) هو “الرحمة للعالَمين”، الرحمة الإلهية الشاملة لجميع البشر، وهو القائل: [وَمَا كَانَ اللّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ]، وفي آية آخرى يوصف (ص): [وَمِنْهُمُ الَّذِينَ يُؤْذُونَ النَّبِيَّ وَيِقُولُونَ هُوَ أُذُنٌ قُلْ أُذُنُ خَيْرٍ لَّكُمْ يُؤْمِنُ بِاللّهِ وَيُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِينَ وَرَحْمَةٌ لِّلَّذِينَ آمَنُواْ مِنكُمْ وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ رَسُولَ اللّهِ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيم].
لذا فالمؤمن الذي يعي مظاهر الرحمة النبوية يضمن الآخرة حيث الحاجة الماسّة إلى هذه الرحمة النبوية الواسعة التي تتجلّى في شفاعة الرسول وآل بيته الأطهار.
ونحن اليوم حينما نقرأ المقطع من دعاء الافتتاح: “أَللّهُمَّ إِنَّا نَشْكُو إِلَيْكَ فَقْدَ نَبِيِّنَا صَلَوَاتُكَ عَلَيْهِ وَآلِهِ، وَغَيْبَةَ وَلِيِّنَا، وَكَثْرَةَ عَدُوِّنَا، وَقِلَّةَ عَدَدِنَا، وَشِدَّةَ الْفِتَنِ بِنَا، وَتَظَاهُرَ الزَّمَانِ عَلَيْنَا” فنحن نعبر عن واقع أليم حقًا نعيشه لأن ما يميز الرسول (ص) بأنه كرس احترام الإنسان وكرس مبدأ الرحمة وكرس نبذ الفراق والتعصب والظلم، فكان خير راعٍ ونبي ونذير، وهي من القيم المحورية في حياته الشريفة (ص) والتي نحن اليوم بأمس الحاجة إليها.
القوى العظمى ترفع شعار الرحمة والدفاع عن حقوق الطفل والمرأة، التي تعتبر إسلاميًا “محمديًا” من ابرز اهتمامات الدين الحنيف التي بعث رسول الله صلى الله عليه وآله سلم لتكريسها. وقد تكررت المفردات المتعلقة بالرحمة ومشتقّاتها في القرآن الكريم مئات المرّات.
كان الإنسان في ظلام الجهل والتخلّف، وكانت المراة خاصةً محتقرة أيّما احتقار، حتى بُعث الرسول (ص) ليكرس الحق بالكرامة الإنسانية.
نعم فما ننعم به اليوم من حريات ولو مجتزئة فإنما ذلك ببركة الرسول الأعظم (ص) الأمر الذي تشير إليه السيّدة فاطمة في قولها سلام الله عليها: “فأنقذكم الله برسوله صلى الله عليه وآله”، وهو (ص) يقول عن نفسه الشريفة: “إنما أنا رحمة مهداة”.
عسى أن تكون حياة الرسول (ص) الشريفة موعظة لنا في سلوك نهجه واتّباع طريقه، والعمل لطاعته ونشر رسالته سيما اليوم حيث تعمل الحكومات المعادية على اتهم الإسلام بالإرهاب وتسعى لتضليل شعوبها وظلم نبي العفو والرحمة والتسامح.
وهذا ما يؤكد مجددًا دورنا كرساليين، كما يروي الإمام الرضا (ع): “فإن الناس لو علموا محاسن كلامنا لاتّبعونا”. نسأل الله سبحانه وتعالى أن يوفقنا لذلك.
وصلّى الله على محمّد وآله الطاهرين، والحمد لله رب العالمين. أعَظَّمَ اللَّهُ أُجُورَكُم وقلدناكم الدُّعَاء وَالزِّيَارَة.