عبدالباري عطوان : ستة أسباب تجعل هجوم فيينا اكثر خطورة من جميع الهجمات الإرهابية الأخيرة..
عبدالباري عطوان :
ستة أسباب تجعل هجوم فيينا اكثر خطورة من جميع الهجمات الإرهابية الأخيرة.. “حرية التعبير” في الغرب باتت “عوراء” في معظم الحالات ولهذا تصاعد الإرهاب وتراجع التعايش وازدهرت “الاسلاموفوبيا”.. وتوجيه اللوم والمسؤولية يجب ان يكون طريقا من اتجاهين
الهجوم الإرهابي الذي استهدف العاصمة النمساوية فيينا مساء امس الاثنين يعكس تطورا خطيرا، ربما يكون مقدمة لهجمات اكثر رعبا وعشوائية تستهدف المواطنين الأبرياء، وتصعّد من حالة التوتر السائدة في أوروبا حاليا بين الحكومات الأوروبية ومواطنيها المهاجرين المسلمين خاصة.
بالنظر الى التفاصيل المتوافرة حتى الآن، يمكن رصد العديد من مؤشرات الخطورة التي تميز هذا العمل الارهابي عن بقية الهجمات المماثلة التي وقعت في فرنسا او بلدان أوروبية أخرى، نوجزها في النقاط التالية:
-
اولا: ان يستخدم الارهابيون أسلحة نارية ويطلقون النار على ستة مواقع ويقتلون أربعة اشخاص ويصيبون العديد ممن تواجدوا في المكان فهذا “تطور” خطير يختلف جذريا مع هجمات سابقة استخدم منفذوها السكاكين.
-
ثانيا: مشاركة اكثر من شخص مسلح في هذا الهجوم، وعدم القاء الشرطة القبض عليهم جميعا حتى كتابة هذه السطور يعنيان انهم جزء من خلية، او خلايا، إرهابية تنتمي الى تنظيم خطير ربما يتواجد، او له فروع في أوروبا، فهذا العمل الإرهابي جرى التخطيط له جيدا، ومن قبل جهات مخططة “محترفة” وأخرى منفذة، أي انه ليس عمل “ذئاب منفردة”.
-
ثالثا: اذا صحت التسريبات الإخبارية ان احد المشتبه فيهم شاب مدان بأحكام سجن تزيد عن 22 شهرا، لمحاولة السفر الى سورية والالتحاق بتنظيم الدولة الإسلامية (داعش)، فانه يمكن القول، وللوهلة الأولى، ان هذا التنظيم لم يضعف، ولم ينته، وربما نقل عملياته الإرهابية الى أوروبا، وبات اكثر حرية في الحركة، بعد ان تخلصت قيادته الجديدة من أعباء إدارة “الدولة” الباهظة التكاليف الأمنية والمالية معا.
-
رابعا: ان يكون من اقدم على قطع رأس المدرس الفرنسي شيشانيا، والثاني احد منفذي هجوم فيينا من مقدونيا الشمالية، فهذا يعني ان مصدر الخطر لم يعد من الجيلين الأول والثاني من المهاجرين المسلمين، وانما الجيل الثالث لصغر سنهم، وليس من شمال افريقيا مثلما يقول الانطباع السائد لدى الحكومات الأوروبية ومستشاريها، مما يؤكد خطأ فادحا في أدوات الرصد الميداني والتحليل للمعلومات.
-
خامسا: سياسة القبضة الحديدة في التعامل مع هذه الهجمات ومنفذيها والحاضنة الاسرية والعقيدية لهم، مهمة ولكنها ليست كافية وحدها، في ظل تصاعد ظاهرة “الاسلاموفوبيا” وادبياتها التحريضية ضد المهاجرين والمسلمين منهم خاصة، وتبني بعض الحكومات لها بطرق غير مباشرة.
-
سادسا: “حرية التعبير” يجب الا تكون قاصرة على المعادين للإسلام والمسلمين، فهناك مواطنون مسلمون يجب ان يمارسوا هذه الحرية على قدم المساواة، بما في ذلك الدفاع عن قضاياهم في بلادهم الاصلية، وان يعبروا عن مظالم أبناء عقيدتهم أيضا، وكان لافتا من خلال رصد ردود الفعل على تصريحات الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون حول “الإرهاب الإسلامي” ان وسائل الاعلام الغربية لم تفسح الا مساحات محدودة جدا، للأصوات التي تحاول شرح جذور المشكلة، وانتقاد أخطاء الحكومات، وتشديد قبضتها الحديدية، دون البحث والاستقصاء للمظالم السياسية والاجتماعية، والمساحة التي حصل عليها ماكرون في قناة “الجزيرة” لم يحصل عليها أي متخصص عربي او مسلم يمثل وجهة النظر الأخرى في الاعلام الفرنسي.