“لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ” 1441هـ
عبدالفتاح علي البنوس
( لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ) وقع الاختيار من قبل اللجنة المنظمة لاحتفالات المولد النبوي على هذه الآية القرآنية لتكون شعار المولد النبوي للعام 1441هـ وهو تقليد سنوي درجت العادة على أن يكون للاحتفالات بالمولد النبوي شعارا موحدا من القرآن الكريم ترتبط بالرسول الأعظم سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم، شعار هذه المناسبة هدف إلى عودة الأمة لنبيها، وتأسيها واقتداءها به، فهو القدوة لكل الباحثين عن المرجعيات والرموز والقادة، فكل القادة والرموز والمرجعيات أمام شخصية الرسول الأعظم أشبه بقطرة من مطرة، ونقطة في بحر ، فقيادته للأمة جاءت بتوجيه ورعاية إلهية، والمؤهلات التي يمتلكها في هذا الجانب عالية جدا، وحنكته القيادية متفردة، وطريقة إدارته المتميزة والمشهود لها على مر العصور، فكان صلوات ربي عليه وآله، قائدا استثنائيا صنع التحولات الكبرى في مسار التاريخ .
رسول الله هو القدوة الذي يتشرف الجميع بالاقتداء به، القدوة الذي جمع كافة الشمائل والفضائل والقيم والمبادئ والأخلاق المحمدية التي يجب أن نتحلى بها جميعا، وأن نجسدها في سلوكياتنا وتعاملاتنا ومختلف شؤوننا، لا نحتاج إلى البحث والتخبط، والذهاب نحو الضياع من خلال تقليد الغرب والتأثر بثقافاتهم وتصرفاتهم وأطروحاتهم، يتأثرون بهذا ( الممثل ) أو ذاك (المغني) أو ذلكم الرياضي أو السياسي أو غير ذلك من الشخصيات، يلبسون لبسهم ويحلقون حلاقتهم ويحاولون تقمص شخصياتهم وتقليد تصرفاتهم التي تكون في الغالب غير سوية، ومسيئة لهم، وهناك من يغرقون في موالاة أشخاص على غير هدى، ويصل بهم الحال تحت تأثير التعصب الحزبي والسياسي والمذهبي إلى منحهم العصمة، وتنزيههم عن الوقوع في الخطأ، ويرون بأن أعمالهم وتصرفاتهم هي الحق القطعي الغير قابلة للنقاش والأخذ والرد، وهم يدركون جيدا فسادهم المقرف وإجرامهم المشهود وفسقهم الذي لا يحتاج إلى أدلة وشواهد تأكيدية، ومع ذلك تجدهم على استعداد للقتال في صفهم والسير خلفهم والمضي في تمجيدهم وتلميع صورهم حتى ولو كلفهم ذلك حياتهم، ودينهم ومصداقيتهم وثوابتهم ، وهم بذلك يسهموا في صناعة الطواغيت والفراعنة الذين يصدقون ( شلة التطبيل والنفاق ) فيذهبون لممارسة الظلم والقهر والتسلط على رقاب المستضعفين ويرون في ذلك سياسة حد فهمهم القاصر وعقلياتهم الصغيرة التي تعاني من عقدة النقص والتي يحاولون تغطيتها بمثل هذه الممارسات الرعناء .
فيا من تبحث عن القدوة والأسوة الحسنة، لا تجهد نفسك ولا تهدر وقتك ولا تفسد عملك وتضيع عمرك، خلف الأوهام والأحلام والخيالات، الرسول المصطفى هو القدوة والأسوة الحسنة بشهادة وتزكية الملك الجليل، كل ما عليك هو قراءة سيرته والسير على أثره وتجسيد ذلك عمليا في حياتك سلوكا وممارسة، الزم ما قام به، ودع عنك ما دون ذلك إذا ما كان يغضب الله ورسوله، لا تدعي محبة رسول الله وأنت تقتدي بغيره في سلوكك وتعاملاتك، رسول الله عاش متعففا عن المال العام ، محاربا للفساد بمختلف صوره وأشكاله، كان رحيما بالأرحام والأيتام والفقراء والمحتاجين، فضح المنافقين، والمدلسين، والمذبذبين، لم يكن طيلة حياته قط، فعرف بالصادق الأمين، كان خلقه القرآن بما فيه من مبادئ وقيم وأسس ومفاهيم كفيلة بمنح من يعمل بها السعادة في الدارين، ونحن عندما نحتفل بذكرى مولده الشريف، نحاول أن نعيد الأمة إلى هذه القيم والاخلاف والمبادئ المحمدية، نريد أن تعرف الأجيال صاحب هذه الشخصية العظيمة، ليجعلوا منه القدوة والأسوة الحسنة .
بالمختصر المفيد رسول الله كان وما يزال وسيظل إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها القدوة والأسوة الحسنة، لكل الباحثين عن القدوة الحسنة والمثل الأعلى، فالإقتداء والتأسي برسول الله هو دليل المحبة الصادقة له، فلا تقطع صلاتك، ولا تقاطع أرحامك، وتحجم عن إيتاء زكاة مالك، ولا تتورط في سفك الدماء المحرمة بدون وجه حق، لا تنهب أرضية هذا، أو تبسط على منزل ذاك، لا تجعل من وظيفتك ومنصبك مغنما، لا تأخذ مال غيرك، لا تتعدى على أموال اليتامى والأوقاف، لا تخن الأمانة وتنساق نحو العمالة والخيانة، لا تعصي الله ليلا ونهارا سرا وعلانية، لا توالي أعداء الله وتتودد لهم وتتحالف معهم وتساندهم بالقول والعمل، لا تتاجر بدينك ووطنك وشعبك، لا تتقاعس عن الجهاد في سبيل الله والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وتأتي لتتشدق بمحبتك لرسول الله، وتدعي أنه القدوة والأسوة الحسنة بالنسبة لك ؟!!
محبة رسول الله تبدأ بالسير على هداه، والتخلق بأخلاقه والإقتداء والتأسي به على أرض الواقع، رسول الله يريدنا أن نكون مؤمنين قولا وعملا، نعيش في عزة وكرامة، وأن تكون محبتنا له محبة إتباع لهديه، محبة يلمس أثرها العدو قبل الصديق، محبة ترضي الله ورسوله.
هذا وعاشق النبي يصلي عليه وآله