إهداء الحياة
أشجان الجرموزي
“أدوا لي حياتهم ” كانت تلك جملة قصيرة نطقت بها شابة في ربيع عمرها حينما وصفت رحيل والدها المؤلم تحمل في طياتها الكثير من المعاني .
سلمى ابنة الشهيد حسن زيد والغصة برحيل القدوة والمعلم بالنسبة لها تقطع أوصال روحها إلا أنها محتسبة صابرة ، مشاهد تلك الذكرى الأليمة ستظل محفورة في ذاكرتها ، فأنى للحياة في قلبها أن تعود كما في السابق وقد رحل حنان والدها الشهيد الذي كان يحتويها ويحيطها وظل كذلك إلى ماقبل مفارقته للحياة ..
الإبنة المكلومة والموجوعة برحيل أباها تمر أمام ناظريها تلك الحادثة المآساوية التي جعلت من القلوب الحاقدة والضمائر الميتة تهاجم وزيراً أعزلاً برفقة صغيرته التي ملكت سعادة الكون وهي تقود سيارتها بجانب والدها بعد أن ملئت خزان الوقود من إحدى المحطات ومن ثم تابعت سيرها بأمان إلى حيث وجهة والدها وزير الشباب والرياضة الذي يرفض أن يخرج للشارع وهو مدجج بالأسلحة أو الحراسات فيخرج كأي مواطن عادي يستقل سيارة ابنته التي بدورها ستوصله إلى حيث يريد …
انحدرت سيارة سلمى في إحدى الأنفاق بالعاصمة وكان الهدوء يعم المكان إلى أن كسر ذاك الهدوء صخب أصوات إطلاق النار ، لم تستطع في تلك اللحظة سلمى استعياب مالذي يحدث أو مالخطب كل ما استطاعت فهمه صراخ والدها حينما قال إنهم يقومون بضربنا لتحاول أن تتفادى بسيارتها رصاصات الغدر والحقد ليدنو منها والدها في نفس اللحظة ليقوم باحتضانها حتى لايصيبها مكروه وهو يصرخ من الألم فرصاصات الغدر كانت قد تمركزت في كل جسمه لتصبها ثلاث منها في يدها وكتفها .
صرخت سلمى بهستيرية باحثة عن من ينقذ أباها التي كانت تراه مضرجاً بالدماء متألماً بشدة ولا تستطيع مساعدته ، كانت تنظر له وأعينها تفيض بالدمع وقد أهداها حياته لتراه بأعين راجية أن لايرحل عنها ،ولا يتركها وحيدة ،أتى المسعفون في تلك اللحظة ليكون أخر لقاء لها بأبيها في ذلك اليوم .
كثيرة هي الآلام في الحياة إلا أن أشدها فقدان من نحب من نرى ابتسامتهم في أول خطواتنا للمشي وللنجاح ، من هم السند والقدوة في كل حياتنا ، وجع كبير بقلب سلمى أن أباها أهداها كل شي حتى أنها تيقنت أنه أهداها حياته وهي لم تستطع إنقاذه أو التخفيف من ألمه ، لكنه وإن رحل سيبقى منارتها ومعلمها سيظل شامخاً عزيزاً لن يمحى ذكره بل مخلداً ، حياة مزدهرة لكل من عرفه وأحبه ، وكابوساً يؤرق كل من له يد باغتياله أمام ناظري ابنته …..
#اتحاد_كاتبات_اليمن