بعد بيعهم للأسيرة فالعفو عنهم جريرة .

إب نيوز ٩ نوفمبر

منير إسماعيل الشامي

اشتهر اليمنيون منذ القدم بمحامد الأخلاق ونبل القيم ومواقف الرجولة والنخوة والشهامة، والمروءة والشجاعة والجود والإحسان، وترسخت من مواقفهم الرجولية أعراف في مجتمعاتهم وتأصلت في اجيالهم عادات توارثوها جيلا بعد جيل حتى صارت فيهم قواعد انسانية ثابتة ونواميس راسخة كرسوخ جبالهم، ولعل عبارة “مكسور ناموس ” أكبر دليل وبرهان على ذلك، وقد كان يطلقها اليمنيون القدماء على الشخص الذي يخالف العادات السائدة والاعراف النبيلة وقوانين الدولة ، فكل فعل من هذه الأفعال يعتبر كسر للناموس والناموس هو القانون.

هذه العبارة توارثها اليمنيون من عصر الدولة الحميرية وربما من قبله، وما زالت تتناقلها ألسنتهم حتى اليوم وتطلقها السنتهم على كل شخص يشذ عن عرف من اعرافهم أو خلق من أخلاقهم، أو عادة حميدة من عاداتهم كأن يرد على إمرأة حتى ولو كانت تسبه وتلعنه فلا يحق له أن يرد عليها كونها إمرأة ، أو يتحرشها بكلمة أو لا يوليها بالاحترام والتقدير أو حتى يمتنع عن مساعدة أي امرأة في لحظة تكون بحاجة إلى مساعدته أو يتخلى عن الدفاع عن أي أمرأة وحيدة يضايقها سفلة أو يعترضوا طريقها وهذه أبسط الأمثلة على ذلك، وكل شخص يكون بهذه الصفة يصفه اليمنيون بأنه “مكسور ناموس” ومعناها اليوم أنه انسان واطي وحقير ونذل وساقط ومتجرد عن الرجولة ولا يحمل خلقا من أخلاقها

واليمنيون منذ القدم قد يختلفوا في اي شيء إلا اعرافهم وعاداتهم المتوارثة فلم يختلفوا فيها ابدا، ولم يفرطوا فيها عبر القرون المتلاحقة، ولم يخالفها منذ القدم إلا أشخاص محدودين وبشكل حالات نادرة جدا وخلال فترات زمنية متباعدة، فنبذ المجتمع من خالفها وسقطت مكانته وساءت سمعته وأصبح ممقوتا طوال حياته، وهذه الحقيقة يجدها كل باحث حصيف في أدغال التاريخ اليمني وصفحاته.

ولم يشهد اليمن طوال تاريخه التليد شذوذ فئة من فئاته ولا خروج جماعي لافراده عن اعرافه وتقاليده كما شهده في زمن العدوان اطلاقا، ولو رجعنا إلى صفحات تاريخه وبحثنا عن الخونة من أبنائه على مر العصور لوجدنا الخونة منهم أفرادا معددوين خلال مئات السنين ولعرفنا انه لم تحدث خيانة شعبية واسعة كالخيانة التي حدثت وشهدناها في زمن العدوان، بإلتحاق هذا الكم الهائل من المرتزقة إلى صفوف الغزاة يقاتلوا أبناء جلدتهم ليمكنوا المحتلين من أرضهم واعراضهم ويتحولوا إلى عبيد تقاتل ليستعبد شعبهم وتنهب ثرواتهم وتسلب سيادة وطنهم وحريته وتداس تحت أقدام الغزاة والمجرمين.

التمسنا لهم العذر وقلنا غرر بهم واعمى بصيرتهم الشيطان ومضت ستة أعوام ونحن نناديهم في كل يوم وليلة منها عودوا إلى رشدكم وتوبوا من جريمتكم فوطنكم فاتح لكم ذراعية واحضانه وهو يتسع للجميع فما عقل منهم إلا ثلة قليلة جدا من جمعهم الكبير

باعوا الوطن فشريناه واباحوه فحميناه ودمروه فبنيناه ومزقوه فجمعناه ومع ذلك ظلينا نناديهم

قتلوا اسرانا وعذبوهم واعتقلوا المسافرين وباعوا الأسرى وجثث الشهداء للغزاة فقلنا سامحكم الله عودوا وليغفر الله لكم فما عادوا ولا تابوا

وما ازدادوا إلا عتوا ونفورا وطغيانا وفجورا وتمادوا أكثر فأكثر وسقطوا أدنى فأدنى حتى وصلوا إلى قعر النذالة والدناءة والحقارة والقذارة وبلغوا من الوقاحة أن يقدموا على بيع الأسيرة اليمنية سميرة مارش للغزاة بعد طول اعتقالها ،وهي إمرأة لا حول لها ولا قوة لم يرعوا لها حرمة ولم تأخذهم بها شفقة فهل يؤمل فيهم خيرا بعد هذا السقوط؟

أولئك هم مكسوري الناموس من إخوان الشياطين وعباد الملاعين فلا ناموس لهم ولا شرف ولا إنسانية فيهم ولا وازع إن هم إلا أمساخ قذرة لا صلاح لهم بعد اليوم ولا فلاح ولا دواء لهم ولا شفاء فهم الخبث الخبيث ويجب تطهير الوطن منه.

You might also like