جريمة إطلاق النار .. إلى متى ؟!!
إب نيوز ٢١ نوفمبر
عبدالفتاح علي البنوس
في رداع وعقب سلسال الدم الذي كانت تشهده أحياء المدينة جراء المواجهات المسلحة بين عدد من أبناء المنطقة على خلفية قضايا ثأر ، والتي كانت تحصد معها أرواح عدد من الأبرياء من مرتادي الأسواق والمارة ، وبعد أن بلغ السيل الزبى ، قامت إدارة أمن رداع بإصدار تعميم نص على منع حمل السلاح والتجول به في مدينة رداع ، وبدأت بقص كل قطعة سلاح يتم ضبطها وتسليمها لصاحبها بعد القص ، هذا الإجراء الرادع أسهم في تراجع جرائم القتل والمواجهات المسلحة داخل المدينة ، التي باتت مهجرة خالية من المظاهر المسلحة .
وبعد بزوغ فجر ال م س ي ر ة ا ل ق ر آ ن ي ة وترجمة لتوجيهات ق ا ئ د ال ث و ر ة ا ل س ي د ا ل ق ا ئ د ع ب د ا ل م ل ك ب د ر ا ل د ي ن ا ل ح و ث ي تم احتواء الكثير من قضايا الثأر ووضع حد للانفلات الأمني في رداع وفي مختلف مدن ومحافظات الجمهورية ، رغم المظاهر المسلحة غير المسبوقة التي تطغى على المشهد اليمني وخصوصا عقب شن العدوان على بلادنا ، وعلى الرغم من أهمية حمل السلاح لمواجهة الأعداء وردع الخلايا الإجرامية التي تنفذ جرائم الاغتيالات التي تستهدف الشخصيات المدنية غير المسلحة ، إلا أن الضرورة تتطلب تنظيم وترتيب عملية حمله ، بحيث يتم منح تراخيص لمن يحق لهم حمل السلاح وفي مقدمتهم أبناء الجيش واللجان الشعبية والعناصر الأمنية ، بهدف الحد من الجرائم ، وتنظيم عملية حمل السلاح والتجول به .
وإذا ما تم تقنين عملية حمل السلاح فإننا سنحد كثيرا من واحدة من الظواهر السلبية التي يعاني منها المجتمع اليمني والتي يذهب ضحيتها العديد من الأبرياء ، علاوة على الخسائر والأضرار المادية المترتبة عليها ، وهي ظاهرة إطلاق النار في الأعراس والمناسبات الفرائحية ، وخلال مواكب تشييع جثامين الشهداء الأبرار رغم التوجيهات الرسمية القاضية بمنع إطلاق النار في الأعراس والمناسبات ، والغرامة المالية التي فرضت على من يقوم بذلك ، وعلى الرغم من توجيهات ق ا ئ د ال ث و ر ة بعدم إطلاق النار في مواكب تشييع الشهداء، إلا أن الالتزام بهذا التوجيه ما يزال دون المستوى ، وما تزال هذه الظاهرة مستمرة ، وما يزال عدد ضحاياها في تزايد مستمر ، حيث تسجل أقسام طوارئ المستشفيات حالات وفاة وإصابة بالرصاص الساقط من السماء غالبيتهم من صغار السن ، والذين يدفعون ثمن همجية وعنجهية هؤلاء المعتوهين من ذوي النفسيات المريضة والمأزومة ، الذين يمثلون أعداء للحياة والأمن والاستقرار .
هؤلاء بحاجة إلى ( صميل ) الدولة ، ( صميل ) النظام والقانون الكفيل بردعهم ووضع نهاية لطيشهم ورعونتهم التي زادت عن حدها ، المطلوب اليوم تجريم ظاهرة إطلاق النار ، وصدور قرار وزاري حاسم وحازم يقضي بمنع إطلاق النار بصورة نهائية ، وتشديد العقوبة التأديبية ، لتشمل مصادرة السلاح الذي تم إطلاق النار به ، وفرض مدة حبس تتراوح ما بين شهر إلى ثلاثة أشهر ، وفرض غرامة مالية تدفع للخزينة العامة للدولة وتصرف لحساب السلطات الأمنية في المدن والمديريات التي تقع في نطاق الاختصاص الإداري التي شهدت جريمة إطلاق النار ، وعدم التهاون مع كل من يثبت قيامه بإطلاق النار ، وفي مقدمتهم من ينتمون للمسيرة القرآنية أو يدعون الانتماء إليها ، على اعتبار أنهم يجب أن يكونوا القدوة ، وأول من يطبق عليهم النظام والقانون .
لا نريد مجاملات ولا محسوبيات ولا استثناءات في تطبيق العقوبات التأديبية على كل من يثبت قيامه بإطلاق النار في الأعراس أو في مواكب تشييع الشهداء أو في الأسواق من باب تخويف الناس وإثارة الرعب في أوساطهم وتعريض حياتهم للخطر، الحزم والشدة في هذا الجانب كفيلة بالقضاء على هذه الظاهرة غير الحضارية ، والتي لا فائدة ولا مصلحة منها على الإطلاق ، الوطن في عدوان أوشك على انقضاء عامه السادس ونحن في أمس الحاجة للرصاصة الواحدة ، ومن يرى نفسه بطلا ويرى في إطلاقه للنار في الجو بطولة ، عليه أن يتجه إلى ميادين البطولة لتفعيل سلاحه وذخيرته وتزكية نفسه المريضة ، لا أن يطلق الرصاص في الهواء معرضا حياة المواطنين للخطر ، العريس لا يريد منك أن تفسد عليه عرسه بإطلاق النار ، والشهيد لا يريد منك أن تهدر ذخيرتك في الهواء خلال مراسم تشييعه ، العريس يريد منك أن تمد له يد العون وأن تسهم في رسم السعادة على محياه في ليلة عمره ، الفضول قاتل لصاحبه ، فلا تفسدوا على الناس أفراحهم ، ولا تضاعفوا من أحزانهم وأوجاعهم بإطلاق النار ، كونوا عند مستوى المسؤولية ، ويكفي ( عشوائية وهمجية وخفة عقل ) .
قلت قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم ووالدينا ووالديكم وعاشق النبي يصلي عليه وآله .