في غياهب الجب وجدت شعوري……
إب نيوز ٢٢ نوفمبر
عفاف البعداني
لأي صنف انتمي ، ولأي طقس أميل… لطالما وجدت شعوري محظ اقتدار لاغتراب طويل، وشفق متناسق لغروب حتمي، كل ما هو متوسدٌ فيني يأنّ، يترقب حدثا… لا شأن له بالاعتياد…. يؤل الصباح مساء، ويرسم المحيطات المبللة صحاري جافة، وجدته يربت على رؤوس الجبال بكفوفه الرحيمة، ويغسل في البحار أغبرة عالمه السقيمة …يرتدي ثوبا مرقعا عليه تجاعيد عام ونصف، استيقظ مؤخرا من خزانة روحه المخبأة… . يبحث عن زاوية لبقايا عيش، و مأوى للسبات .. يواسي نفسه عبر خفقات النجوم، وصوت الطيور الخفيفة، بعيدا عن شفقة الآخرين، وتنميقهم المقروء…يتوارى خلفهم وينزل ببطء من سفينتهم الخشنة لايشعر برحيله أي أحد سوى تلك النافذة الصغيرة والجسر الضبابي المتمرد، وكم هو جميل، أن لا تنتظر تلويحا من أحد.
فهناك…لايمكنني تجاوز الأماكن بسرعة مثلهم… كالمرور من متحف الشموع… وأشجار السمدني….والجماجم المحنطة…… جميع تلك الأشياء تستوقفني وتهيم بها فطرتي الحسية، لا أرتجف من ابتعادهم … ولا أخاف من تلك الأساطير المخيفة ، لا أهرب من الجبل المشؤم ، لا تطالني الوحشة، كل ماهو غريب أستأنس به، رغما عن ارتياعي المكنون، وكل ماهو مألوف أخاف منه بجدارة، ومع همهمة الأفق لا تهمني العودة ومتى سأصل!!؟؟ بقدر مايهمني الاستقراء وبأي انطباع سأصل……
وغالبا لاجدوى من تراكم الافصاح عن كل تلك الأشياء الغريبة ، فكل مافي الدروب أصم ….كل ما أراه جليا.. تبلج الصباح و تكوكب النهار على فضاء روحي بسيادة عتيقة…. كلا منهم يزعم أنه رفيق صالح في الزاحم ويتظاهر بالزهد وحين لا يسمعوا ردًا مني، يتناغموا حولي بمعزوفة مرتاعة بين الظلام والسكون وصفير الرياح المسكونة….
ومع نهاية اليوم…وشتات الطرق رمقتني روحي بعين العودة ، كأنها بدأت تخاف من تعانق الأشجار و تعاقب الشمس، قادتني عبر الضباب إلى شاطئ الغروب، وانتظرتني بمأدبة المساء وبطلة شمع مزدهر وطاولة حدوس عريضة، حينئذ انتفظ الصمت وكتب القلم سطوره الحسية، وبهذا صار المكان يفهم صوت روحي أكثر مني…. يستمع لحسياتي الشاهقة التي تخللت تقاسيمي الساهرة بدون أن أتكلم….. يدرك أن اعترافي لازال مترنحا بجدار قديم دفن عند مزاهدة الشعور…. حد قوله: أنني أمكث بكوخ قديم لا يتحمل زلازل وديع….. ولا أعلم هل وجدت شعوري، أو من وجدني هو المكان نفسه.
.