خذوا العبرة .
إب نيوز ٥ ديسمبر
سعاد الشامي
كان علي عبد الله صالح يعيش في شعبه عيشة البذخ والترف , يسكن القصور , ويصطفي لنفسه الخدم , ويستكثر من العبيد والحشم , ويستمتع من الحياة بمايشبع نهمه ويروي ضمأه , ويريد أن يصل إلى الغاية في النعيم ; إن كانت للنعيم غاية .
نظر صالح إلى السلطة بأنها زينة الحياة وبهجتها , وأساس الحياة وقوامها , وحقا من الحقوق الشخصية للحاكم , ومن استحوذ عليها طغى وتكبر واغتر وتجبر !
ظن أن أحدا لن يقدر عليه وخيل إليه أن الناس جميعا طينة غير طينته , أو أنهم ماخلقوا إلا مسخرين له , فإذا تكلم طأطؤوا رؤوسهم عند سماع صوته , وإذا أشار كانوا عند إشارته , وإذا نادى استبقوا لتلبية ندائه , وإذا خطب لوحت أياديهم بالتصفيق له , وإلا فالويل لمن تحدثه نفسه بالعصيان , والحرمان لمن يقعد عن نصرته أويتوانى عن تحقيق أمانيه !
وكان صالح ذا حظٍ عظيم , حيث أن الجمود الفكري كان قد فاض في عصره وسيطر على معظم عقول ابناء الشعب اليمني الذي استطاع استمالة قلوبهم وخداعهم بمعسول حديثه المزيف وانساقوا وراءه كما ينساق الخيط خلف الأبرة , وبدون إدراك منهم أنه يجرهم إلى حاوية العبودية والمهانة والاحتلال مقابل أن تبقيه سلطة الخارج رئيساً يمنياً واحداً لاشريك له ولامنافس !
ولأن الله توعد بكشف زيف الكاذبين, وابطال مكر المخادعين , والانتقام من الظالمين , واظهار الحق وابطال الباطل ولو بعد حين , حصل ما حصل من صالح وكشف الله مااضمره خلال ثلاثة عقود وأظهر الله نواياه الخبيثة وحقيقة سياسته العميلة والمرتهنة لقوى الخارج وهو يشعل بلسانه المسموم فتيل فتنة داخلية لولا لطف الله ودماء الشهداء ويقظة القيادة لكانت نيرانها مازالت إلى اليوم تلتهم الكثير والكثير من أبناء الشعب ولكن رحمة الله بأهل اليمن جعلتها بردا وسلاما عليهم .
إن واقع العدوان على اليمن وضرورة الحفاظ على وحدة اللحمة الوطنية كانت تفرض أن تقدم النصيحة إلى صالح وأن تقام عليه الحجة, ولكن أنى للطاغية أن تتفتح آذانه لنصيحة تلقى عليه !
فصالح كان الله قد طبع على قلبه ورانت عليه ذنوبه فلم يصغ إلى دعوة ال س ي د ال ق ئد بالرجوع عن ذلك القرار المخطىء والذي سيسفك دماء أبناء اليمن عبثا وظلما ولن يستفيد منه إلا العدو ; بل زادته علوا واستكبارا وهزىء بها وسخر منها ورمى صاحبها بالضعف والجبن ! ولكن جاءت إرادة الله لتخلص اليمنيين من فتنته الخبيثة وإغوائه اللعين وتجعل منه عبرة لكل الظالمين والمستكبرين والمتجبرين .
لهذا يجب على كل المتربعين على كراسي السلطة أن يدركوا أن السلطة مسؤولية وليست غنيمة , وأن عليهم أن يسعوا لأن يكون هم خدام للشعب لا أن يجعلوا من الشعب عبيداً لهم , ويدركوا أن الطغيان لايخضع الرقاب ولايستذل العباد وإنما الناس عبيد الإحسان !
عليهم أن يأخذوا العبرة …فلا يذهب الزهو والغرور ببصائرهم و لاتخدعهم بطانة المرائين فلا يروا أنفسهم إلا وهم يمارسون نفس سياسة صالح التي طالما عانوا منها وانتقدتها ألسنتهم , ولاتتطاول أعانقهم كثيراً فلا يستطيعون رؤية حال من هو أدنى منهم , ولايضعوا أصابعهم على آذانهم كلما تقدم إليهم النصح ووجه إليهم النقد فيحل بهم ماحل بصالح … ولن تجد لسنة الله تبديلاً ولن تجد لسنة الله تحويلاً .