هجوم ايراني سعودي على حماس.. لماذا يتهمها الحرس الثوري بالتفاوض مع اسرائيل.. وتركي الفيصل بنشر الفوضى في المنطقة؟
إب نيوز 11 يوليو
هجوم ايراني سعودي مزدوج على حركة “حماس″.. لماذا يتهمها الحرس الثوري بالتفاوض مع اسرائيل.. وتركي الفيصل بنشر الفوضى في المنطقة؟ وهل ستكون القضية الفلسطينية ضحية الحرب الطائفية الزاحفة؟ واين تقف اسرائيل فيها؟
من الامور النادرة ان تتعرض حركة المقاومة الاسلامية “حماس″ الى هجومين من شخصيتين مسؤولتين في المملكة العربية السعودية وايران في الوقت نفسه، وتضطر للرد عليهما في بيان مشترك مفندة ادعاءاتهما، ولكن هذا ما حدث بالامس، واثار استغراب كثيرين، وهذه الصحيفة “راي اليوم” من بينهم.
لا يوجد اي ترابط، او تنسيق، بين هجوم الامير تركي الفيصل، رئيس الاستخبارات السعودي، والسفير الاسبق على الحركة، وآخر شنه العميد خسروا عروج، ولكنها الصدفة المحضة، التي تعكس حجم الضغوط التي تتعرض له القضية الفلسطينية وفصائلها من جراء حالة الاستقطاب السياسي والطائفي التي تجتاح منطقة “الشرق الاوسط” حاليا، وتشكل السعودية وايران رأس الحربة فيها، وان كان ذلك بشكل مضاد.
الامير تركي الفيصل الذي حضر “متعمدا” مؤتمرا للمعارضة الايرانية في باريس نظمته، ودعت اليه، منظمة “مجاهدي خلق” الايرانية، القى كلمة هاجم فيها النظام الايراني، وهتف مع الهاتفين لاسقاطه، والاهم من ذلك تمثل في “خروجه عن النص”، ربما قاصدا، عندما قال “ان الادارة الايرانية الحالية تسعى الى تأسيس منظمات وجيوش غير نظامية باسم الاسلام لخدمة مصالحها، واشاعة الفوضى في المنطقة من بينها الجيش الاحمر الياباني، وجماعة الاخوان المسلمين، وحركة حماس في غزة، وحركة الجهاد الاسلامي، وحزب الله في لبنان”.
اما العميد عروج فاتهم حركة “حماس″ بالسعي لتوقيع معاهدات مع اسرائيل، وتجري مفاوضات معها من اجل هذا الغرض بوساطة تركية، ملمحا الى المصالحة التركية الاسرائيلية، التي ادت الى تطبيع كامل للعلاقات بين الطرفين.
حركة “حماس″ استنكرت في بيان لها ما ورد على لسان الامير الفيصل، وقالت انها ترفض افتراءاته التي لا اساس لها من الصحة، وقالت ان تصريحاته تسيء الى الشعب الفلسطيني، وقضيته وتوفر له الذرائع لمزيد من عدوانه على هذا الشعب وارضه ومقدساته، مثلما استنكرت الحركة في البيان نفسه تصريحات العميد الايراني عروج حول مفاوضاتها لتوقيع معاهدات مع اسرائيل، وقالت انها “افتراءات باطلة لا اساس لها من الصحة، واكدت ان القاصي والداني، ومنهم الحرس الثوري الايراني، يعلم ان سياسة حماس الرسمية والفعلية عدم التفاوض مع العدو، وانها تتمسك بالمقاومة في فلسطيني حتى التحرير”.
حركة “الجهاد الاسلامي” التي ذكرها الامير الفيصل في خطابه نفسه بأنها ضمن الحركات التي تدعمها ايران لنشر الفوضى، ردت بدورها ببيان اتسم بالقسوة على الامير السعودي، ادانت فيه تصريحاته هذه، وقالت انها “لا تخدم الا الاجندة الاسرائيلية”، وتسعى “لتصفية القضية الفلسطينية”.
اللافت ان الحرس الثوري الايراني تنصل من تصريحات مستشاره العميد عروج بعد ساعات من بيان حركة “حماس″، وقال ان اقوال الاخير تمثله شخصيا، وليس الحرس، وقال “ان حركة حماس تقف في الخط الامامي للشعب الفلسطيني في مقاومة الكيان الصهيوني”، ولكن لم يصدر، وحتى كتابة هذه السطور اي رد فعل من الحكومة السعودية، او الامير الفيصل على بيان حركة “حماس″، او “الجهاد الاسلامي”، مما يؤكد توجها “سعوديا” رسميا بتصنيف الحركة في الخندق الايراني، رغم كل مواقفها الايجابية تجاه الرياض، بما في ذلك تأييدها للحرب لعودة “الشرعية” في اليمن.
لا نفهم في هذه الصحيفة اسباب الهجومين على حركة “حماس″ و”الجهاد الاسلامي” من الامير الفيصل، ولا حتى من مستشار الحرس الثوري الايراني، في مثل هذا التوقيت الحرج الذي تمر فيه، والقضية الفلسطينية بشكل عام، ولا يمكننا غير القول بأنهما يعكسان حالة الارتباك التي تسود المنطقة وتصاعد حدة الصراع الطائفي بين السعودية وايران، المرشح للتفاقم في الاسابيع والاشهر المقبلة.
من الواضح ان الامير الفيصل يعكس سياسة سعودية قديمة متجددة، تريد الانتقال بقوة اكبر الى المعسكر الآخر في مواجهة ايران، وتوظيف كل الاوراق الممكنة المتاحة لتفجير الوضع الايراني الداخلي، وزعزعة استقرار الحكومة في طهران، مهما كلف الامر من مال وسلاح واعلام، ومثل هذا الموقف لا يكتمل ويعطي مفعوله الا بالهجوم على اي طرف، او فصيل، لا يقف معها، اي السعودية، في المعسكر نفسه، واتهامه بالوقوف في الخندق الايراني، وتوظيف امبراطوريتها الاعلامية الجبارة في هذا الميدان، تماما مثلما حدث ايام حربها ضد العراق، ومساعيها لاسقاط نظام الرئيس الراحل صدام حسين، اثناء وبعد غزو الكويت، بمساعدة الولايات المتحدة وغزوها العسكري.
الانقسام الطائفي، وتأجيج سياسة المحاور التي تنبثق عنه، ستنعكس حتما على القضية الفلسطينية التي ستكون ابرز ضحاياها حتما، لانها، وبكل بساطة ستخلق شرخا انقساميا في الساحة الفلسطينية، وقد شاهدنا ارهاصاته اثناء حرب “عاصفة الحزم” في اليمن، وتكرار “اولي” للسيناريو نفسه في الصدام السعودي الايراني الذي خرج عن اطره السابقة، اي الحرب بالنيابة في سورية واليمن والعراق ليمتد الى “تثوير” العمق الداخلي في البلدين، وايران خاصة، بطريقة او باخرى.
اسرائيل ستكون فعلا الكاسب الاكبر من هذا الوضع العربي والاسلامي المؤسف، لاننا نشهد تهافتا وتطبيعا عربيا واسلاميا متزايدا معها، وهجوما في المقابل على حركات المقاومة التي حافظت على ما تبقى للامة من كرامة، ولن نستغرب ان نشاهد قريبا وضع هذه الحركات على قائمة “الارهاب” تلبية لطلب الحليف الاسرائيلي الجديد.
“راي اليوم”