أنت أولا .
إب نيوز ١٤ يناير
عبدالملك سام
أخبار ليل نهار .. أعلن الناطق ….. ، أعلن المسؤول ….. ، قامت اللجنة …. ، اقامت المؤسسة …. الخ الخ الخ .. جهود حكومية وأخرى لجهات غير حكومية في محاولة لحشد الجهود لحل مسألة ما أو أيصال رسالة لجهة ما ، وكل هذا جيد ويستحق الإشادة لأن هناك من يقوم بواجبه ، وسواء كانت الجهة التي تقوم بهذا العمل حكومية أو اهلية فهو جهد عظيم ، ولكن ماذا عنك أنت ؟!
ستجيب على هذا التساؤل بالقول بأنه ماذا يمكن لك أن تفعل بمفردك ؟ وهو سؤال في محله ، ولكن الإجابة بكل تأكيد هي أنك تستطيع فعل الكثير ! والسؤال الصحيح هو : كيف تفعل هذا ، ولماذا ؟!
هل تعلمون أننا نهدر الكثير من الفرص عندما نتكلم ، ونهدر المزيد من الفرص أيضا عندما نسكت ؟! فالكلام كما يقال “مثمن” ، وللأسف فالكثير منا لا يملك أي فكرة عن أهمية الكلمات ومدى تأثيرها على حياتنا الشخصية أولا ، ثم مدى تأثيرها على أسرنا ومجتمعنا ..
القرآن كلام الله ، وعيسى كلمة ، والتفكير عبارة عن كلمات ، والعلاقات بين بني البشر تبدأ وتنتهي بالكلام .. المنشورات كلمات فتتحول إلى مقالات أو قصائد أو كتب ، والأفكار يتم التعبير عنها بالكلمات ، وبالكلمات تنتقل المعرفة من شخص إلى آخر ، ومن جيل إلى جيل .. فليس من المستغرب أن يقال عن الإنسان بأنه حيوان ناطق ، فلولا الكلمات ما أستطاع البشر بناء الحياة .
للكلمات تأثير بالغ علينا منذ أن نبدأ اليوم ، فالصلاة والتسبيح والأستغفار كلمات ، وكم مرة تسببت كلمة في أن تجعل يومك أفضل ، وكم مرة تسببت كلمة في بؤس وتعاسة إنسان ؟! كلمات تهدر بدون ترتيب فيقال عن قائلها بأنه ثرثار ، وكلمات تصاغ بشكل معين فيقال عن قائلها أنه مبدع وساحر ! وهي كلمات تقال في توقيت معين لتعبر عن حال أو عن حال مبهم فتجليه ، وكلمات تجعل الواضح غامض ، والظاهر مبهم وعصي عن الفهم !
كم من عليل شجعته كلمات فتتحسن حالته ، وكم من كلمة تسببت في تنغيص حياة شخص مسكين ، وكم من كلمة غيرت حياة أمم بأكملها ؟! فالكلمة مسؤولية ، وقد تؤدي لو قيلت بشكل مدروس في تغيير المواقف والقناعات فتقود المستمعين لأتخاذ موقف سواء بأتجاه الحق أو نحو الباطل ، لذا قد يستطيع أي شخص منا أن يؤدي دورا مهما في حياته عبر الكلمات أذا ما اتجه بها مخلصا ليخاطب بها الناس من حوله ليوعيهم أو يحفزهم لاتخاذ الموقف الصحيح ، وهناك نماذج كثيرة لأفكار فردية أستطاعت أن تكون مؤثرة عندما أتخذت الشكل والأسلوب المناسب .
من هنا يجب أن ندرك اهمية ما نقول ، وكيف ومتى ولماذا نقول ، وسواء كان ذلك عبر حديث نتبادله مع الناس لنعزز من موقفهم مع الحق والخير ، أو عبر المنشورات وما نتناقله من أخبار ومعرفة أو إيصال رسالة ، ولنبدأ منذ بداية اليوم سواء مع أفراد الأسرة أو المجتمع ونحن نعي اهمية ما نقول ، فعبر الكلمات يمكن أن نكتب مجاهدين حين نصدق مع الله والناس فيما نقول ، والعكس – للأسف – صحيح .. دعونا من الكلام الذي يضر ولا ينفع ، ولنبدأ من خلال كلامنا في بناء أساس الخير لنحصد ذلك مستقبلا خيرا كما نتمنى ، خاصة عندما نتكلم مع أطفالنا ، فهم قادة المستقبل .. ولنبدأ من الآن .
{ ألم تر كيف ضرب الله مثلا كلمة طيبة كشجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء . ومثل كلمة خبيثة كشجرة خبيثة اجتثت من فوق الأرض ما لها من قرار } (سورة إبراهيم)