القلوب المكلومة
إب نيوز ١٤ يناير
سعاد الشامي
كانت أمي تطبطب على ظهرها وتعطيها علبة المناديل كي تجفف دمعها ، وكنت أنا وأخي في الزاوية الأخرى من الغرفة ننظر إليها وننفجر من الضحك كنا نعتقد إن الكبار لايبكون وإن الاطفال فقط هم من يجوز لهم البكاء !
كبرت يا أمي وعلمتني الحياة إن البشر يتألمون ويمضغون الاحزان على مهل فيكبرون وتكبر معهم ، ويشيخون ولاتترهل أوجاعهم.
رأيت يا أمي من صرعه الظلم بلاسبب وطوق روحه بشتى صور الشر والاجرام !
رأيت يا أمي من احرق القهر قلبه حتى تفحمت احاسيسه في العروق !
رأيت يا أمي من صفعته الهموم وحاصرته الديون واصابه المرض وجيوبه الممزقة يسيل من ثقوبها الفقر وهو لايدري هل يسعى للقمة العيش أو لحبة دواء !
رأيت يا أمي من وقعت عليه سياط الخذلان وعجز أن يغض عين قلبه عن مشاهدة آماله المكنوبة بالخيبة !
رأيت يا أمي بعض الرقاب وهي تسلم نفسها للاختناق تحت سطوة الكبرياء !
رأيت يا أمي من كسر الرحيل خاطره وفك الحنين شفرات صبره وهو يهز جذع الصمت فيتساقط منه الكلام بهوية وجع !
رأيت يا أمي عيون الغدر وهي تترصد القلوب البريئة تخترق كل حراستها وتنسف كل قلاعها وتحط على شرفاتها ثم تفجرها وتختفي !
رأيت يا أمي انكسار مخمورة الفؤاد بعد أن جرها سراب العشق إلى صحراء محنطة بالألم والقحط .
رأيت يا أمي من ازدحمت في اعماقه مشاعر الألم فأراد أن يطلق بعضها على هيئة حروف .. فقالوا له كفى !
رأيتهم يا أمي وكلهم مبللين بالدموع .. فلم استطع مثلك أن اجفف دموعهم ولكني نشرت أحزانهم على هذه السطور بعد أن نصحتهم أن يعدوا لقلوبهم المكلومة جعبة الصبر ومااستطاعوا من أمل .