مثلنا ومعنا فقط .
إب نيوز ١٦ يناير
عبدالملك سام
المرتزقة .. حاولت أن أفكر ماذا يريد منا المرتزقة لنقبل به لعلي أجد جوابا لأسئلة تدور في رأسي ، ولعلي أستطيع فهم كيف يفكر هؤلاء القوم ! ولساعات استغرقت في التفكير عن الأسباب التي تدفع هؤلاء للقبول بخيانة المبادئ التي يعتنقها كل شخص يحترم نفسه حول العالم ومنذ خلق الله البشرية ، ولكن الأمر كان أصعب مما تخيلت ، فهولاء لا يملكون فكرة واضحة عما يريدون أن يكونوا عليه ، كما أنهم لا يملكون فكرة قابلة للحياة ولو لأيام ..
فكرتهم عن الوطن لا تختلف عن فكرة ذلك الرجل الذي فتح بقالة ليبيع ويشتري ، والمشكلة هنا أنهم لا يملكون بضاعة ليبيعوها ، وعليهم أن يبيعوا شيئا ما ، لذلك لم يجدوا أرخص من بيع المبادئ والقيم ، فوجدنا أن كل واحد منهم راح يبيع كل ما حوله وكل من يعرفهم لمن يقبل أن يدفع ، وهو طبعا ذلك الغازي الذي جاء من خارج البلد ليحتل أرضنا ويستعبد شعبنا ! ولأنهم يعرفون جيدا أن هذا خطأ كبير فهم يسكتون أمام أي عمل مخطئ يقوم به المحتل ، فوجدنا أنتشار الخيانة والجريمة والفقر في المناطق التي يسيطر عليها الأحتلال دون أن ينبس هؤلاء ببنت شفة ، ورأينا السياسيين وأصحاب الأيديولوجيات يخالفون كل ما أعتنقوه من قناعات أمام ارادة المحتلين !
هم أغبياء جدا عندما ظنوا أن السعوديين والإماراتيين أغنياء لدرجة أنهم سيجعلونهم أغنياء مثلهم ، وهم حمقى عندما ظنوا أن المحتل سيأتي ليجعلهم أحرارا ، وهم بلداء عندما ظنوا أنهم يمكن أن ينعموا بإستقرار وتتطور بلدهم عندما يبيعون بلدهم للأجنبي ليشتروا رضاه عنهم ! والموضوع ليس عصي عن الفهم أطلاقا ، فالبشر كلهم حول العالم يعرفون هذه الحقائق دون عناء ، ولكن المرتزقة عندنا يختلفون تماما عن باقي البشر وأعتقدوا انهم سيأتون “بما لم يأتي به الأوائل” !! وبالإضافة إلى كل هذه التناقضات فهم يملكون عقولا صدئة جعلتهم يصرون ويستمرون فيما هم عليه بعد كل هذه السنوات ، وما يدفعونه أكثر بكثير مما يحصلون عليه !
ما نراه اليوم من أوضاع سياسية وإجتماعية مؤسفة ليس بغريب ، بل أننا نعلم جيدا أنه لولا وجود طرف يقف في وجه العدوان لكانت المأساة أكبر وأشد ، فقوى الأحتلال لا تريد أن يتجه الناس للألتفاف حول أنصار الله والقوى الوطنية المتحالفة معهم ، لذلك أكتفى المعتدون بالتمركز في الأماكن الحساسة والغنية بالثروات لتمويل مشاريعهم ، بينما تركوا باقي المناطق “مؤقتا” لقوى تدين لهم بالولاء وحرصوا على تفريخها في اشكال متباينة ليضمنوا عدم إستقرارها حتى تحسم الحرب لمصلحتهم كما يتمنون ، وعندها سيفعلون ما يريدونه بحرية وأطمئنان .
نحن .. نقف في الجهة المقابلة نعاني من بعض المنغصات والأزمات ، فهناك عدوان وحصار كبيرين ، ولكن من قال أن اولئك المرتزقة لا يعانون أشد من ما نعاني ؟! على الأقل نحن نعرف سببا لنصبر ، ونملك رؤية لما ستكون عليه بلدنا في المستقبل ، ونملك قرارنا وحريتنا وكرامتنا ، وهناك طمأنينة وأدراك لكل ما يدور حولنا ، ولسنا مضطرين للكذب على أنفسنا وعلى أبنائنا ، واعراضنا مصانة لا يدنسها السفهاء الأجانب ، وثرواتنا في مكانها لا تنهب في أنتظار أنجلاء الغمة لنخرجها ونستفيد منها . بينما أولئك الخونة يعرفون جيدا أن الأحتلال لن يرحل من فوق ظهورهم ألا متى تغيروا ليصبحوا مثلنا ويقفوا معنا ، وغير هذا الكلام فلينتظروا المستحيل .