أمريكا غير محصنة ( كأن لم تغن بالأمس)
إب نيوز ٢٠ يناير
د.محمد العبادي
في ظاهرة غير مسبوقة تعيش أمريكا بولاياتها الخمسين هواجس أمنية عميقة ؛ وما يشير إلى تلك الهواجس هو ذلك الاستنفار الأمني والذي يذكرنا بالدول الديكتاتورية والدول التي فيها صراعات طائفية أوقومية أو قبائلية .
المسؤولون الأمريكيون قلقون من الاوضاع الأمنية حتى أن رون كلين رئيس موظفي البيت الأبيض في أدارة بايدن واثناء مقابلة مع شبكة CNN قال : ( إننا نرث فوضى كبيرة ).
يبدو ان مشهد الانقسام داخل أمريكا كان موجودا منذ أمد بعيد ، لكن مع تربع ترامب على عرش البيت الأبيض وجد له أرضية خصبة ، وما رأيناه في أحداث السادس من كانون الثاني لم يكن سوى رأس الجبل الجليدي عن الواقع الإجتماعي والثقافي الممزق داخل أمريكا .
لقد نشأت جماعات تؤيد الرئيس ترامب ؛ وذكر المفكر الدكتور طلال أبو غزالة [أنقل بالمعنى ] بأن المشكلة في ان هذه الجماعات لاتؤيد ترامب فقط ، بل تؤمن بترامب وبأنه المصلح ويقول ان الذين انتخبوا ترامب أكثر من سبعين مليون ناخب امريكي ، وهذه مشكلة في حد ذاتها إذ لو وجد (١٠) ملايين من هذه النسبة الكبيرة أو مليون نفر يؤمنون بترامب فإنهم سيسببون مشاكل أمنية كبيرة للولايات المتحدة لاسيما وأن الشعب الأمريكي يملك السلاح ،وربما سيطالب بعضهم بالانفصال . ويذكر الدكتور محمد الشرقاوي عضو لجنة خبراء الأمم المتحدة سابقا: ان المجتمع الأمريكي يعيش تحت مغبة الهواجس الأمنية (هناك من البيض القوميين واليمنيين والإنجيليين ممن يؤمنون بأن ترامب هو نبي سياسي ومايقوله كلام مقدس)، وبهذا الصدد ذكر مراسل الجزيرة( محمد الأحمد) بوجود جماعة مدججة بالسلاح تسمى (الكاوبويز من أجل ترامب ) .
ان شكل واشنطن حاليا هو شكل أمني ، ويمكن تصويره بما يلي:
إنتشار أمني كثيف في كثير من الولايات الأمريكية فقط عبأت أكثر(١٢) ولاية حرسها الوطني لتأمين ابنية الكونغرس فيها.
في خصوص العاصمة واشنطن يوجد استنفار أمني غير مسبوق (٢٥) ألف جندي من أفراد الحرس الوطني ، ومئات من الشرطة ناهيك جهاز الخدمة السرية الذي يتولى حماية الشخصيات الرسمية .
نعم لقد إنتشرت قوات من الجيش ، والحرس الوطني ، وقوات مكافحة الشغب ، وقوات مكافحة الإرهاب، جهاز الخدمة السرية الذي يتولى حماية الشخصيات الرسمية الوكالات الاستخباراتية ، الشرطة المحلية ، وقد أصبحت العاصمة واشنطن أكبر ثكنة عسكرية وقاعدة أمنية في العالم لكثرة الأجهزة العسكرية والأمنية المنتشرة فيها.
ان المشهد الذي تنقله الشاشات الإعلامية في وجود ذلك الكم الكبير من الحرس الوطني والشرطة والجيش ووجود حركة دائية في مبنى البيت الأبيض في مبنى الكونغرس فيها إشارات عن عمق المشكلات والمخاوف الأمنية.
? حسب ما ذكرت كثير من المصادر الإعلامية؛ تم تقسيم العاصمة واشنطن إلى منطقتين ؛ الأولى- المناطق الحمراء وهي المناطق القريبة من البيت الأبيض ومبنى الكونغرس أو منطقة المتنزه الوطني والمناطق القريبة منها حيث لا يسمح للمدنيين بالدخول إليها إلا بتصريح أمني وبناء عليه تم وضع المتاريس والحواجز الأمنية في كثير من الشوارع والأحياء تحسبا للمخاطر الأمنية التي المحتملة أو المترقبة .
المناطق الثانية : هي المناطق الخضراء والتي هي بعيدة عن المراكز والاماكن الرسمية المذكورة في المنطقة الحمراء .
? وبناء على ما تقدم تم أغلاق الشوارع المؤدية إلى مبنى البيت الأبيض والكونغرس وتشديد الحراسة وإنتشار قوات الجيش والحرس والشرطة ومعهم الكلاب البوليسية للتفتيش و التنقيب عن الاسلحة أو المتفجرات وتتبع الأثر وماشكل ذلك.، وأيضا تردد عناصر الوكالات الأمنية بألبستها الرسمية والمدنية في تلك المناطق .
? حسب ما ذكر مراسل قناة الغد المصرية (عمر محمد) : تم ابلاغ اصحاب الفنادق بالتأكد والفحص عن هوية القادمين إلى الفنادق وبعض الشركات أونلاين ألغت جميع الحجوزات للفنادق ، و(٢٧) شركة نقل من كبريات الشركات الأمريكية تسلمت تعليمات من قبل الكونغرس الأمريكي حول ضرورة إجراءات الفحص والتأكد .
? في تشديد للإجراءات الاحترازية ذكرت وكالة اسوشيتدبرس ان مكتب التحقيقات الفيدرالي سيقوم بفحص قوات الحرس الوطني في العاصمة واشنطن خوفا من هجوم داخلي اثناء تنصيب بايدن ، ونقلت الوكالة المذكورة عن مسؤولين في وزارة الدفاع ان البنتاغون قلق من هجوم داخلي او تهديد من أفراد على صلة بتأمين مراسم التنصيب .
ان هذه صورة مصغرة عن الواقع الذي تشهده العاصمة واشنطن وكثير من الولايات الأمريكية ولاشك أن هذه الصورة ستبقى لفترة طويلة كما يؤكد على ذلك كثير من المحللين السياسيين .
ان المشهد الأمني في أمريكا يشير إلى أنها غير محصنة ، وربما نشهد زوال سلطان تلك القوة والملك :
كأن لم يكن بين الحجون إلى الصفا ….
أنيس ولم يسمر بمكة سامر