صمود وثبات
إب نيوز ١ فبراير
أشجان الجرموزي
نفضوا التراب عن أكتافهم كما رفضوا الخضوع والاستسلام ، نفروا أشداء أقوياء ذوي بأس فلا فرق لديهم بين حر الصيف أو برد الشتاء مادامت وجهتهم واحدة ومنهجيتهم ثابتة ، فتلك الجبال الشاهقة استمعت لتراتيلهم وتسبيحهم ، وتلك الوديان شهدت ثباتهم وصمودهم ، فكانوا للمعتدي بمثابة ريح صرصر عاتية تدحرهم من أرض تأبى إلا أن تكون شامخة حرة أبية ، كرامة عبدت بعرق الجبين وسطرت ملاحمها بالدم والروح، نفروا ووفوا مع الله فكان الله أوفى منهم وأصدق حديثا بأن ثبتهم في مواطن كثيرة وجزاهم خير الجزاء فظفروا بعظيم العطاء فلا سواهم يستحق نعيم الجزاء ….
من قرية الحداد _جبل حرام _مديرية الشاهل في محافظة حجة سطع ثائر همام تبارك بقدومه أهله ومحبوه فكان نبراساً عظيماً حياً وشهيدا
الشهيد علاءالدين عبدالله علي حفيظ “ابو الرضا”
تربع على عرش القلوب بسبب أخلاقه العالية وطيب خصاله ، كان يحب والديه حباً لانظير له وهما يبادلانه بالمثل ، وكذا إخوانه يكن لهم مقداراً كبيراً من الحنو والعطف ، وكان لكلمته وزن بين جميع أفراد أسرته، فهو مطاع الرأي وهو مثال للرجل البار واعي البصر والبصيرة ……
من حاز على حب الخلق ورضاهم لابد أن يسعى لنيل رضى الخالق والامتثال لأوامره فقط ، انطلق ابو الرضا سلام الله عليه حينما تعمق حب المسيرة في وجدانه ، ورأى ما يحاك لوطنه من مؤمرات ومن يسعى لتدميره ، فكان لابد من النهوض للعمل بمقتضى أوامر الله وذودا عن حياض الوطن الغالي فكانت انطلاقته في العام ٢٠١٦ بمثابة شرارة متوقدة تحمل بداخلها حمماً تأخذ مجراها إلى حيث يكون العدو الصهيوأمريكي ومن يلهث وراءهم من عملاء خونة….
تنقل في عدة جبهات بصورة سرية لايعلم أحد أين هو أو في أي جبهة التحق حرص على السرية التامة في عمله حتى عن أهله ، ولم يقتصر دوره سلام الله عليه على جهاده في ميادين العزة فقط بل كان كثيراً مايزرع حب الجهاد وثقافته وعظيم فضل الشهادة لأهل بيته ، فقد كان يتمتع بالحس الثقافي النابغ المتغذي بعلوم آل البيت وسيرتهم والمنتهج نهجهم ، وقد كان كثيراً مايبعث لأهله الملازم والمحاضرات لينهلوا من فيض علمها ويكتسبون المعارف يوماً بعد آخر ….
كل شاب يسعى لأن يجد شريك حياته ليكونا بذلك الارتباط جيلاً واعياً متغذيا بالقرآن ، وهكذا كان رأي شهيدنا علاء حيث إنه قد أعطي إجازة لمدة أربعة شهور وكان على وشك أن يتم زواجه إلا إنه فضل النفير إلى جبهته حين علم بمحاصرة الأعداء لرفاقه فقدم واجبه الجهادي على راحة نفسه وتكوين حياة وأسرة جديدة
فانطلق كأسد لايهاب شيئا ولا يريد سوى دحر خصمه نصرة للحق وللمستضعفين والأبرياء ، ولا تثني العظماء أي نائبة فقد قيل إنه في نفس يوم عودته دخل المعركة للوصول إلى رفاقه بشراسة وقوة وعزيمة متوكلاً على الله وواثقاً بتأييده له ، لتستمر تلك المعركة يومين متتاليين وأبو الرضا ورفاقه صامدين صابرين وفي اليوم التالي اشتد عليهم الحصار ، فلما رأوا أن الحصار قد صار شديداً خانقاً إذا بهم يطالبون أبو الرضا سلام الله عليه بالانسحاب فكان يردد “الثبات الثبات إما النصر أو الشهادة ” ليثبت بكل تحد وعزيمة ليرتقي في ذلك اليوم إلى السموات العلى فقد اختار له الله مكانا في عليين بين الشهداء والصديقين وحسن أولئك رفيقا ….
وفي التاسع من شوال ١٤٤١ه الموافق ٦\١\٢٠٢٠ شهدت حريب القراميش في مأرب ارتقاء أحد أبطالها الذين صبروا وصابروا ورابطوا وكان لهم الحظ الأوفر والنعيم المخلد ليزف إلى مسقط رأسه إلى روضة الشهداء في الحداد ….
أولئك العظماء لانعلم بعظيم صنيعهم إلا بعد رحيلهم فليسوا رعاة مظاهر ولا مبتغي ترف الحياة، زهدوا في الحياة فزهدتهم وتقبلهم ربهم بقبول حسن وعطاء لايضاهيه عطاء وعلى الرغم من وجع الفراق إلا أن أبويه وأسرته وكل محبيه احتسبوا الأجر من الله وحمدوه على وافر فضله وعطائه بحسب ماكان يوصيهم الشهيد علاء بالثبات وعدم الجزع، فعلى الرغم من عظيم الفاجعة بعريسهم الذي رحل ليقيم عرساً في الجنة ووجع فقدانه إلا إن حب أهله له ورغبة منهم في إطاعته وتنفيذ وصيته بالصبر والثبات والمضي قدماً على ذات الدرب كانت تلك هي الرغبة والدافع الأقوى …
وكان لأحد أفراد أسرته حديثاً عن أبي الرضا سلام الله عليه ، كان ابو الرضا شديد الحرص على ألا يخبر أحدا بوجهته أو عن الجبهات ومايحدث فيها أو التي يتنقل بينها ، وقد جرح أكثر من مرة ولم نعلم حينها إلا بعد استشهاده ، كان كثير التكتم على خصوصيات الجهاد ولم نكن نعلم ماعمله أو أين ستكون وجهته في كل مرة يغادر المنزل ، لنعلم بعد استشهاده أنه كان يعمل مؤهلاً في فرق التدريب بتهامة ، وأيضاً كانت له دورات ثقافية عديدة وآخرها كانت في جامع حورة مختص بتثقيف المجاهدين في شهر رمضان ، وعلمنا أيضاً أنه كان مشرفاً في الجوف ، وكان قد حاز على شهادة تقديرية من السيد القائد لحصوله على المركز الرابع في إحدى الدورات بالإضافة إلى جائزة عينية …
أسرارهم عظيمة وخباياهم عطاء لاينضب ، لايستوون مع غيرهم من البشر ، سلام على أرواحهم المثخنة بالجراح ولا يشتكون ، سلام على عزائمهم التي لاتنكسر ، سلام على صمودهم الذي لايتزلزل حتى ارتقاء الروح إلى السماوات العلى ، وسلام على رياح ذكراكم المحملة بطيب أعمالكم وصبركم وجهادكم فلكم منا شهداءنا أزكى السلام ……
#فريق_عشاق_الشهادة