التراجع الأمريكي عن قرار ترامب المهزوم انتصاراً للإرادة اليمنية
إب نيوز ١٦ فبراير
لم يكن قرار الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب الذي اتخذه قبل رحيله من البيت الأبيض بتصنيف أنصار الله منظمة إرهابية قراراً أمريكياً بحتاً وإنما قرارا ليرضي بها دول الشر والعدوان على اليمن مقابل ثمن باهظ دفعته تلك الدول في مقدمتها السعودية والإمارات اللتان تقودان حربا عدوانية ضد اليمن منذ اكثر من ست سنوات خلفت أزمة إنسانية هي الأكبر في تاريخ البشرية.
فالعديد من وسائل الإعلام العربية والدولية والكتاب أكدوا بأن تراجع الإدارة الأمريكية الجديدة ليس صدقة من بايدن وإنما بسبب صمود الشعب اليمني في وجه عدوان وحرب كونيه وكذا ثباته وتحديه لكل القرارات المعادية لليمن والشعوب الحرة في المنطقة والعالم .الثورة / قاسم الشاوش
فتراجع الإدارة الأمريكية الجديدة برئاسة جو بايدن خيبت آمال وأحقاد أذناب وعملاء أمريكا وإسرائيل في المنطقة كسعودية والأمارات وغيرهما من الدول التي كانت تأمل تطبيق هذا القرار نظير دفعها أموالا طائلة مقابل صدوره لتزيد من المعاناة الإنسانية الشعب اليمني وإطالة أمد الحرب.
نهاية تلك العدوان
وبفعل تحركات الإدارة الأمريكية الجديدة برئاسة جو بايدن، والذي كانت كلمته بشأن ملامح السياسة الخارجية الأمريكية، التي ألقاها في مقر وزارة الخارجية، بمثابة إشارة البدء بنهاية ذلك العدوان المأساوي الذي تقوده السعودية على اليمن، منذ ستة أعوام، والتي أودت بحياة عشرات الآلاف وشردت الملايين، وخلفت ما وصفته الأمم المتحدة بكارثة إنسانية، تقارب على نهاية سريعة.
خطوة جادة
فالعديد من المراقبين والخبراء السياسيين أكدوا أن قرار إلغاء تصنيف “أنصار الله” كمنظمة إرهابية يعتبر خطوة جادة من شأنها أن تنهي الحرب المستعرة في اليمن منذ مارس 2015، ولفت أولئك المراقبين أن تصريحات حكومة “منصور هادي” المستقيلة تُعد افتراءات وتعبّر عن خيبة أملهم بعدما تلقوا الكثير من الهزائم في العديد من جبهات القتال خلال الفترة الماضية. وأكد أولئك المراقبون أن قرار إلغاء تصنيف “أنصار الله” كمنظمة إرهابية سوف يساعد المنظمات الإنسانية على مواصلة أعمالها الإنسانية في العديد من المحافظات اليمنية وسوف يساعد ذلك في إنقاذ الكثير من أرواح أبناء الشعب اليمني المحاصر وسوف يخلق بيئة مناسبة لعقد مفاوضات جديدة لإحلال السلام والأمن في هذا البلد المنكوب.
وأظهر بعض الكتاب ابتهاجاً واضحاً بالخطوة الأمريكية، التي اعتبروها “انتصاراً “للشعب اليمني و”تراجعا” من جانب الإدارة الأمريكية.
إنهاء الدعم البريطاني
وفي هذا السياق ، كشفت صحيفة “الاندبندنت” أن رئيس الوزراء البريطاني “بوريس جونسون” يتعرض لضغوط متزايدة لإنهاء الدعم الذي تقدمه بريطانيا لتحالف العدوان السعودي على اليمن. وجاءت الضغوط الجديدة على “جونسون” بعد يوم من دعوة الرئيس الأمريكي “جو بايدن” إلى إنهاء الحرب المستمرة في اليمن وإعلانه العزم لوضع حد لدعم بلاده لتحالف العدوان السعودي ومبيعات الأسلحة الأمريكية له.
وأوضحت الصحيفة أن مسؤولين بريطانيين حاليين وسابقين طالبوا “جونسون” بالحذو حذو واشنطن بمن فيهم وزيرة الظل في حكومة العمال المعارضة “ليزا ناندي” التي اعتبرت في بيان أن الدعم البريطاني للنظام السعودي في عدوانه على اليمن ليس خطأ من الناحية الأخلاقية لكنه يترك بريطانيا معزولة على المسرح الدولي. وأشارت “ناندي” إلى أن قرار “بايدن” بوقف الدعم الأمريكي لتحالف العدوان على اليمن يكشف عن التحول في مواقف الرأي العالمي ويترك بريطانيا متخلفة خطوات عن حلفائها، داعية الحكومة البريطانية إلى القيام بالتحرك الذي طال انتظاره ووقف صفقات السلاح إلى السعودية وإنهاء الدور البريطاني في العدوان الذي أدى وفق اعترافها إلى أكبر كارثة إنسانية في العالم.
دور مهم في وقف العدوان السعودي
إلى ذلك أكد وزير الخارجية البريطاني السابق “ديفيد ميليباند” أن لبلاده دورا مهما في وقف العدوان السعودي على اليمن، داعيا لندن وواشنطن إلى إعادة النظر في قرارات الإدارة الأمريكية السابقة حول تصنيف حركة “أنصار الله” اليمنية منظمة إرهابية. في حين أشارت “آنا ستافريانكيس” المحاضرة في الشؤون الدولية بجامعة ساسكس البريطانية إلى أنه في حال امتناع لندن عن اتخاذ خطوات مماثلة لواشنطن فيما يتعلق بإنهاء دعم تحالف العدوان السعودي على اليمن فإنها تخاطر بأن تكون متخلفة عن عدد من دول الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة بشكل يجعلها تبدو معزولة، وأوضحت أن بريطانيا مترددة في اتباع حليفتها الولايات المتحدة نظرا لصفقات السلاح ومبيعات المقاتلات مثل “تايفون” والصواريخ للسعودية.
حالة من الاهتمام
وفي سياق متصل قال الكاتب عبد الباري عطوان أن الخطوة الأهم واللّافتة في رأينا إعلان أنتوني بلينكن، وزير الخارجيّة الجديد، رفع حركة “انصار الله” من قائمة الإرهاب الأمريكيّة اعتبارًا من اليوم الثلاثاء، ووقف الدّعم الأمريكي العسكري والدّبلوماسي للحرب السعوديّة في اليمن التي يراها الرئيس بايدن بأنّها كارثة إنسانيّة أدّت إلى مقتل 110 آلاف يمني، ونشر المجاعات والأوبئة، واعتِماد 80 بالمِئة من الشّعب اليمني (30 مِليونًا) على المُساعدات الإنسانيّة.
وأضاف: لقد آثار خطاب الرئيس الأمريكي جو بايدن الذي ألقاهُ وتحدّث فيه عن سياسته الخارجيّة، وخاصّةً في منطقة الشّرق الأوسط، حالةً من الاهتمام غير مسبوقة، لتركيزه على الحُريّات الديمقراطيّة وحُقوق الإنسان، وإنهاء دعم بلاده للعمليّات العسكريّة للتّحالف الذي تقوده السعوديّة في اليمن، بِما في ذلك وقف بيع جميع الأسلحة والذّخائر، ووصفه لهذه الحرب الدّائرة مُنذ ستّ سنوات بأنّها كارثة إنسانيّة واستراتيجيّة يجب أن تنتهي فورًا.
طرفان رئيسيّان كانا الأكثر ترحيبًا بهذا الخِطاب، وتعليقًا للآمال على الإدارة الأمريكيّة الجديدة:
الأوّل: أكثر من 30 مِليون يمني يعيشون تحت حِصار خانق، ويعتمد 80 بالمِئة منهم على المُساعدات الإنسانيّة في ظِل مجاعة خانقة بسبب الحرب التي أودت بحياة مِئات الآلاف منهم.
الثاني: المُعتقلون السياسيّون في مُعظم السّجون والمُعتَقلات العربيّة، خاصّةً في الدّول الحليفة لواشنطن وتعتمد اعتمادًا كُلِّيًّا على حِمايتها.
لا “يتَصدّق” على اليمنيين
الرئيس بايدن لا “يتَصدّق” على اليمنيين بتبنّيه مِثل هذه السّياسة، فالفضل في التوصّل إلى هذا التحوّل المحوري في سياسته الخارجيّة تُجاه اليمن يعود بالدّرجة الأولى إلى صُمود الشّعب اليمني برجولةٍ وبسالةٍ في وجه العُدوان، وامتلاكه أسباب القوّة على شكل منظومة صواريخ مُتطوّرة جدًّا ضربت العُمق السّعودي بدقّةٍ مُتناهية، في إطار سياسة الدّفاع عن النّفس، والرّد على الغارات العُدوانيّة، والحِصار الخانق.
الحذر من تعليق الآمال على هذه الإدارة
وُحَذِّر في مقاله الشعب اليمني من الإغراق في التّفاؤل، وتعليق الكثير من الآمال على هذه الإدارة الأمريكيّة الجديدة، وأنه علينا أن نتذكّر أنّ العُدوان على اليمن بدأ في الأشهر الأخيرة لإدارة الرئيس “الدّيمقراطي” باراك أوباما، فالعالم لم يَعُد يَثِق بالإدارات الأمريكيّة التي أظهرت فشَلًا حتّى في التّعاطي مع وباء فيروس كورونا، مُضافًا إلى ذلك أنّ التّحدّيات الداخليّة التي تُواجهها إدارة بايدن أثقل بكثير من نظيراتها السّابقة، ولهذا يجب أن تستمر سياسة “الصّبر الاستراتيجي” .
تحقيق المطالب المشروعة
وأضاف فوقف العُدوان، ورفع الحِصار، وفتح المطارات هي أكثر المطالب المشروعة التي يجب تحقيقها في أسرعِ وقتٍ مُمكن للوصول إلى حلٍّ أوّليٍّ للأزَمة اليمنيّة، وإلا فالحرب ستستمر، ولن يخسرها الشّعب اليمني حتّى لو تراجعت إدارة بايدن عن موقفها واستَأنفت الصّفقات العسكريّة للتّحالف الذي تتزعّمه السعوديّة، والدّليل الأبرز أنّ هذه المُساعدات الضّخمة جدًّا في زمن ترامب لم تُغَيّر من هذه الحقيقة، ولم تنجح في حسم الحرب لصالح التّحالف السّعودي الإماراتي.
وفي تغريدة له على تويتر قال عطوان: بعد رفع أمريكا حركة أنصار الله اليمنية مكرهة من قائمة الإرهاب ليت السلطة الفلسطينية ترسل بعض كوادرها للانخراط في دورات تدريبية في اليمن حول كيفية التعامل مع أمريكا وحلفائها العرب والإسرائيليين.
إنقاذ السعودية من الورطة
من جانبه، يقول علي محمد الأشموري “أرادت إدارة بايدن إنقاذ السعودية من الورطة التي أغرقت اقتصادها وشوهت سمعة أحدث وأفتك المقاتلات والأسلحة المحرمة دوليا ذات الصناعة الأمريكية”.
ويضيف: “هذه خطوة جيدة فاليمنيون مع السلام المشرف”، لكنه يحذر من “خلط الأوراق واستمرار الحصار والعدوان على اليمن”.
تراجع أمريكي وانتصار يمني
تحت عنوان “التراجع الأمريكي والانتصار اليمني”، يرى عبدالجبار الغراب في مقال أن الخطوة الأمريكية “نجاح مضاف وانتصار سياسي كبير لأنصار الله”.
ويضيف في وصف القرار الأمريكي: “فشل ذريع وخطط مكشوفة وأساليب منحطة وأحلام مندثرة، وتراجعات عن قرارات أحادية لا تسمن ولا تغني من جوع. تخبطات في السياسة المتوالية للولايات المتحدة، وانكشاف لتهاوي عظمتها العالمية، وترهل متوال لضعف سياسي كبير، وارتباك في صناعة القرارات”.
كارثة انسانية
يذكر أن الأمم المتحدة، كانت قد وصفت الحرب على اليمن منذ ستة أعوام، بالكارثة الإنسانية في حين أكدت مفوضيتها للشؤون الإنسانية، في آخر تقاريرها بشأن تلك الحرب، والذي صدر أول العام الحالي، أن الحرب في اليمن أودت بحياة 233 ألف شخص، على مدار 6 سنوات، وبجانب الضحايا الذين سقطوا في تلك الحرب فإنها ألحقت دمارا هائلا بالبنى التحتية لليمن، في وقت يصفها معارضوها، بأنها حرب عبثية ويقولون بأن السعودية لم تحقق من ورائها أي هدف سياسي.
ويبقى السؤال هل يسهم التراجع الأمريكي عن تصنيف أنصار الله منظمة إرهابية في إنهاء العدوان وإيصال المساعدات الإنسانية لليمنيين؟
الثورة