هل ستتدخل تركيا لحماية آخر معاقل الإخوان بشمال شرق اليمن؟

إب نيوز ٤ مارس

طالب الحسني

كان وجود العلم التركي إلى جانب أعلام الدول المشاركة في التحالف ” العربي ” الذي تقوده السعودية للحرب على اليمن ، في النسخة الأولى من قائمة الدول المشاركة أمرا لافتا ، ليس لأن تركيا ضد الحرب ولكن لأنها فضلت عدم الانضمام لهذا التحالف ، ربما كان لأنقرة مقارباتها وتقييمها ، ولا حقا تم إبعاد العلم التركي من القائمة المعدلة التي اختفت مع الانسحابات المتكررة وتعثر الحرب.
هذه المقدمة هي مدخل لفهم الموقف التركي من الأزمة في اليمن منذ 2011 وما بعدها بما في ذلك الانحياز الكامل للإخوان المسلمين مثلما فعلت في مصر وليبيا ومثلما تفعل حاليا في سوريا ، دون أن نغفل أنها حاليا تشكل منصة لعدد من القنوات والتلفزيونات التي تؤيد التدخل العسكري والعدوان الذي تقوم به السعودية بدعم أمريكي وبريطاني وفرنسي معلن ضد اليمن ، ومنصة واسعة أيضا لعدد كبير من الشخصيات المعادية لصنعاء بمن فيهم المناهضين للسعودية والإمارات ممن اختلفوا مع التحالف مؤخرا .
الموقف التركي كان مبنيا على عاملين :
الأول : الإكتفاء بالبقاء في المنتصف فهي ليست منخرطة في الحرب السعودية الإماراتية الأمريكية وهي في نفس الوقت على علاقة كبيرة بإخوان اليمن الذين يمثلون الركن الأول من الأدوات المحلية المستخدمة في هذه الحرب ، أي مكاسب للتحالف سيصب في سلة أردوغان مع إدراك سعودي لهذا النصيب المنتظر ، ولربما كانت الزيارة المتبادلة بين الملك السعودي سلمان بن عبد العزيز والرئيس التركي رجب اردوغان آواخر العام 2015 إشارة ضمنية لهذا الانسجام .
الثاني : الشكوك الكبيرة التي كانت تحيط بالتحالف لجهة أنه لن يتمكن من الحسم العسكري وأن الحرب قد تدخل مسارا مختلفا ، وهذا ما حصل بالفعل ، وبالتالي تكون تركيا قد جنبت نفسها حربا خاسرة كان سيضاف إلى جانب غرقها في الشأن السوري .
ومنذ 2018-2020 ظهر دعوات خجولة وخفيفة ومن شخصيات غير مشهورة ضمن حزب الاصلاح ” اخوان اليمن ” لتدخل تركي وخاصة بعد الخلاف الكبير للشرعية المزعومة مع الإمارات في المحافظات الجنوبية اليمنية ، وصحيح أن الجهات الرسمية التركية لم تعلق ، لكنها تركت إعلامها يروج لهذه الدعوات التي كانت تتزامن مع إرسال قوات ودعم عسكري تركي لدعم السراج في ليبيا ، وعزز من تصاعد هذه الدعوات التدخل التركي الأخير في أذربيجان ضد أرمينيا .
هذه الدعوات العلنية واحدة من أسباب التمسك السعودي بعدم استخدام ” القسوة ” ضد الانتقالي الجنوبي المحسوب على الامارات ، وحاولت الرياض مقاربة الحلول للصراع العسكري بين الإصلاح والانتقالي في عدن وابين شرقا وتعز والساحل غربا ، في هذه المناطق الأخيرة المطلة على البحر الأحمر ثمة ما يشير إلى أن جناحا إخوانيا متشددا بدأ فعليا يجهز ميدانيا لاستقطاب دعما عسكريا تركيا سواحل غرب تعز ، إذ أن التموضع العسكري لما يسمى اللواء الرابع مشاة جبلي ( فصيل عسكري إخواني بحت ) وتمدد على حساب اللواء 35 مدرع قبل وبعد اغتيال قائده العميد عدنان الحمادي في ديسمبر 2019 ليشمل مناطق التربة والمضاربة وطور الباحة والوازعية ، لم يكن يحصل دون أهداف وضمن مخطط خلق جبهة عريضة في هذه المنطقة مدعومة بتحالف جديد بصبغة تركية قطرية ، بيد أن فرملة اكتمال هذا المحور يعود لمخاوف قادة الاصلاح من الانتقام السعودي إذ أن ذلك سيكون بمثابة الانقلاب الصريح على التحالف الذي تقوده .
المشهد نفسه بنطاق أوسع يتكرر اليوم في مارب شرق اليمن ، فدعوات التدخل التركي لمساندة الاصلاح لمنع استعادة صنعاء لمدينة مارب آخر معاقل الإخوان شمال شرق اليمن بدأت ترتفع ، وخصوصا مع وصول الجيش واللجان الشعبية إلى محيط المدينة ، هذه الدعوات تكشف خلالا استراتيجيا في الخطاب السياسي للاصلاح ، فهي من جهة دعوات يائسة وفي الوقت الضائع ومن غير الواقعي أن تستجيب لها تركيا لحسابات تتعلق بصعوبة الوصول إلى هذه المنطقة الصحراوية والتي تبعد عن ساحل البحر العربي أكثر من 200 كيلو متر ، ومن جهة أخرى تستفز السعودية التي تستميت عسكريا لمنع خروجها من المنطقة والذي سيكون بمثابة الضربة القاصمة لتدخلها العسكري الفاشل ، وفي توقيت زمني حساس حتى بالنسبة للولايات المتحدة الأمريكية التي هي الأخرى تدفع بكل قوة لإفشال هذا التحول الذي من المحتم أنه سيقع لا محالة .
من الواضح أن المحور التركي القطري يتبنى خطابا إعلاميا هو الأعلى لدعم معركة الاخوان في آخر معاقلهم كما لو أنه يقود المواجهة ، لكنه سيبقى عند هذا القدر من المساندة ويكتفي بالإنصات للمدائح والأشعار والقصائد والتطبيل ” الإخواني ” على غرار تلك التي قيلت في التحالف السعودي الاماراتي الإمريكي قبله ولم يجني منها سوى خيبات بالجملة .

You might also like