عبدالباري عطوان : لماذا يصعّد الحوثيون هجماتهم بالمسيرات والصواريخ الباليستية على العصب الأهم للصناعة النفطية السعودية؟وكيف كان الرد الحوثي الرفض المطلق للمطالب الامريكية “التعجيزية”؟
إب نيوز ٨ مارس
عبدالباري عطوان :
لماذا يصعّد الحوثيون هجماتهم بالمسيرات والصواريخ الباليستية على العصب الأهم للصناعة النفطية السعودية؟ وما علاقتها بالحرب المستعرة في مأرب وفشل المفاوضات السرية في مسقط؟ وكيف كان الرد الحوثي الرفض المطلق للمطالب الامريكية “التعجيزية”؟ وأين ايران وبن سلمان في هذا المشهد؟
عبد الباري عطوان
شنت قوات “انصار الله” الحوثية يوم امس الاحد هجوما ضخما بالطائرات المسيرة “الملغمة” والصواريخ الباليستية المجنحة على قلب صناعة النفط السعودي في الظهران وميناء رأس تنورة حيث يوجد في الأخيرة مصفاة ضخمة واكبر رصيف في العالم لتصدير النفط.
حسب البيان الصادر عن العميد يحيى سريع، الناطق باسم القوات العسكرية اليمنية التابعة لانصار الله، جرى هذا القصف باستخدام 14 طائرة مسيرة، و8 صواريخ باليستية، وفي اطار هجمات أخرى على منشآت تابعة لشركة أرامكو في جازان وعسير والدمام، مما يعني ان هناك خطة مُحكمة لاستهداف صناعة النفط السعودية، وموانئ صادراتها وهز الثقة العالمية فيها، وبالاقتصاد السعودي المعتمد عليها كليا، والحاق اكبر قدر ممكن من الخسائر المادية.
هناك مؤشران يمكن من خلالهما قياس خطورة هذه الهجمات، وحجم الضرر المادي والمعنوي الذي الحقته بالحكومة السعودية:
-
الأول: ارتفاع أسعار برميل النفط الى ما فوق 70 دولارا (خام برنت) وللمرة الأولى منذ عامين، مما يعني للوهلة الأولى حدوث مخاوف من انخفاض معدلات الصادرات النفطية السعودية في الأسواق العالمية.
-
الثاني: توجيه السفارة الامريكية تحذيرا الى رعاياها في المنطقة الشرقية، أي الظهران والدمام بشكل خاص، باتخاذ كل إجراءات الحذر، وعدم التنقل تحسبا لسقوط صواريخ باليستية حوثية في المنطقة، وهناك حوالي 6000 مواطن امريكي يتواجدون في المدينتين، حيث يوجد المقر الرئيسي لشركة “أرامكو” العملاقة.
***
اللافت ان هذا الهجوم يأتي قبل أيام معدودة من مرور الذكرى السادسة لاندلاع الحرب اليمنية، ودخولها عامها السابع، دون ان تحقق أي من أهدافها وابرزها هزيمة الحركة الحوثية ورفعها الرايات البيضاء، واستعادة السيطرة على صنعاء العاصمة، وإعادة الحكومة الشرعية اليمنية بقيادة عبد ربه منصور هادي اليها.
لا يمكن فصل هذا التصعيد عن تطورين أساسيين في الملف اليمني:
-
الاول: الحرب الشرسة الدائرة حاليا في مدينة مأرب الاستراتيجية وحيث تواجد احتياطات النفط والغاز وإصرار الحركة الحوثية وانصارها على السيطرة الكاملة عليها، باعتبارها آخر معاقل حكومة الشرعية في اليمن الشمالي، وهزيمة الحركة لجبهة قوية من الخصوم الذين يتصدون لهجومها ومنعها من دخول المدينة، وعلى رأسهم حركة الإصلاح الإسلامية (اخوان مسلمين) وقوات تابعة لحزب المؤتمر اليمني الموالية للرئيس الراحل علي عبد الله صالح، ووحدات من تنظيم “القاعدة”، علاوة على وحدات تابعة لجيش الشرعية.
-
الثاني: فشل جولة من المفاوضات غير المباشرة (عبر الوسيط العُماني) بين المبعوث الأمريكي الى اليمن، ووفد يضم حركة “انصار الله” جرت قبل أسبوع في مدينة مسقط، وجاء هذا الفشل، حسب مصادر حوثية موثوقة، بسبب مطالبة المبعوث الأمريكي للحركة بوقف الحرب والتراجع عن هجومها على مأرب فورا، والامتناع عن اطلاق الصواريخ والمسيرات لضرب العمق السعودي، وقوبلت هذه المطالب بالرفض التام لان الوفد الحوثي اعتبرها متغطرسة ومخالفة للوقائع على الأرض، وقالوا بالحرف الواحد للمبعوث الامريكي، من بدأ هذه الحرب عليه ايقافها، ورفع الحصار الكامل عن اليمن، وميناء الحديدة تحديدا، وفتح المطارات، والدخول في مفاوضات حول التعويضات.