أنت أعنف و السّلام
إب نيوز ١٠ مارس
في تلميح لأحد الإخوة الذي يقلل من عقلية المرأة اليمنية ، و يقدّمها ذات الدّلال مقارنة بالمرأة التركية التي باتت كأنموذج يتعرض للعنف الجسدي ، و قد أحببت ( هنا ) أن أبدي رأيي فيما أوجه كلامي للرجل كجمع و مجتمع و بشكل عام ، و أمّا هذا الأخ فليس له إلّا شكري و تقديري لإلهامي لما كتبته و إن خامرني ذلك الرأي قبلا، و لكنه استنهض قلمي الذي كتب التالي :
نعم : في تركيا يقتل الأهل 4000 امرأة سنويا ( كإحصائية قديمة ) في قضايا شرف ، بمعنى أن مسلسلاتهم عكس واقعهم ؛ فواقعهم محافظ و فيه شيئ و قيمة اسمها العرض و الشّرف بينما مسلسلاتهم هي نتاج تلاقح فكر ا ل م ا س و ن بالإخوان المسلمين الذي اتضح للجميع أن الإخوان المسلمين ما هم إلّا حركة مهّدت و استولدت د ا ع ش التي هي صناعة الشيطان الأكبر بتصريح ه ي ل ا ر ي ك ل ي ن ت و ن نفسها ، و يتبع قتل النساء ( في قضايا الشّرف ) بعد تركيا الأردن ( أيضا كإحصائية قديمة ) ، و الذي يبدو من عنفهم أن الدولة فرضت قانونا صارما يؤدّب الرجل الذي لو ارتفع صوت المرأة بالشكوى فما عليها إلّا الاتصال بالأمن الوقائي و تقديم الشّكوى ضدّه حتّى يأتي أولئك لينتصروا لتلك المتصلة و سجن من تعدّى عليها ، و هذا جانب من جوانب التّوضيح ،
أمّا جانب الضرب فتركيا تسجل إحصاءات عالية في ضرب الرجل للمرأة و هذا العنف الجسدي الذي يجسّد واقع الأتراك مناهض و معارض تماما لرومانسيات مسلسلاتهم المستوحاة من ب ر و ت و ك و ل ا ت ح ك م ا ء ص ه ي و ن ، و مافيها من إيحاءات و توجيهات تستخدم ( المرأة و كأس الخمر ) لغواية العالم ، و إسقاط رجال السياسة و احتلال الأوطان بعدها ، وبالتالي فما المنظمات و الشبكات و المسلسلات الهابطة إلّا جزء من تنفيذ حروب ناعمة داعمة ( لدول ا ل ا س ت ع م ا ر ) تفعل فعل الحروب العسكرية و تفوقها تدميرا لأخلاق الشباب و البنات بل الرجال و النساء ، و شرذمة للأسر و تفتيتا للعلاقات السّوية ، و قد وجدت مثقفات ( مدرسات ) متابعات للمسلسلات التركية و بشغف ، و حين آتي للنصح أُهاجم ، فأصمت و أتابع اهتماماتي حتّى يخلصن من سرد أحداث الحلقات و التعقيب و التعليق عليها !!
و ليست تلك قضيتنا فقضية العنف الجسدي ضد المرأة هي ثقافة في بعض المجتمعات و منها المجتمع التركي الذي لم يعد خافيا على أحد أن تركيا من الدول التي تعمل بجد مع ا ل ص ه ي و ن ي ة العالمية و لازلنا نذكر مسلسل ( الأرض الطيبة ) الذي ركّز على العنف الجسدي ضدّ المرأة كجزء لا يتجزأ من الفكر الإخوانجوهابي ، و الذي تكلم مسبقا و بشّر بتنظيم د ا ع ش ، و لكن الأخطر كانت المسلسلات التي تخاطب العواطف و المشاعر فكلها تمهيد و تقديم لثقافة الانفلات و التمرّد على الفضيلة و القيم و منها تخدير الفكر و نزع العقلانية منه و انتهاء بهدفهم الأكبر و هو التطبع مع إ س ر ا ئ ي ل المرتبط مفهوم المرأة في عقليتها بالجنس ، و كونها ( أي : المرأة ) لديهم مخلوق نحس و نجس ، ففي حضارتهم القديمة أنّها حقيرة ، و لا تجالس ولا تؤاكل ( في فترة دورتها الشهرية ) و ما إلى ذلك من عقد ا ل ي ه و د ، فلا تظن امرأة عاقلة أن المراة حين تخرج من حشمتها و حجابها و حيائها أنها بمفازة من العنف و الاستغلال و العبودية للطّاغوت ،،
لتبقى المحتشمة و المصونة هي المتربعة على عرش الاحترام و التقديس و لنا في يمن ( ما قبل النت ) أجمل أنموذج لاحترام المرأة ، و إلى هنا لا أختلف مع أخي الكريم ، و الذي أختلف معه في نقطة أن اليمنية قليلة عقل لأنها تشعر بظلم الرجل لها بينما هو لا يضربها كما يفعل التركي ( مهند الحقيقي الواقعي ) و الذي يضرب ( نور الحقيقية الواقعية ) و التي لو عرفت المرأة اليمنية بذلك لامتنعت عن متابعة و عبادة المسلسلات التركية الهدّامة ، و هي الأخطر من المسلسلات و المدبلجات ( الكورية و الهندية و المكسيكية ) حيث إن خطورتها كائنة في أن الممثل و الممثلة مسلمان لكنهما يخرجان عن الإسلام فهما يشربان الخمر و يزنيان و يقتلان من وقف في طريق سفالتهما الموسوم بعشقهم لبعض !!
نعم : استفزني وصف اليمنيات ( و لو تلميحا ) بقليلات العقول؛ لأن هذا التلميح مجحف و فيه من الخطأ و العنف ما فيه ؛ و إن لم يكن ذلك العنف جسديا ؛ حيث إن العنف الجسدي عار و عيب أسود في مجتمع قبلي يؤمن بأنّ :” من يمد يده على مكلف فهو مكلف ” ، و مؤمن بأن اليد التي تمتد على المرأة ( التي هي ضعيفة ) يجب أن تكسر ، و لو لم تكسر فستعاقب بدفع مال كتعويض فيه عقاب للرجل و تعنيف نفسي معنوي من المجتمع ككلّ ،
بمعنى أنه لولا العادات و التقاليد _ أيها الرجل العصري _ لمددت يدك عليها، و لكن العادات المستقاة من عمق القرآن و العترة هي من تقيدك لو تجاوزت حدك .. بينما تمارس ضدها عنفا من نوع آخر و هو عنف قد لايرى في الجسد لكنه يظهر في حالات الطلاق المهولة التي تزايدت في الآونة الأخيرة و التي لا أحمّل الرجل وحده في ذلك حيث و تشترك معه المرأة العصرية أو بالأخص جيل المسلسلات التركية التي أصبحت هموم المرأة فيه : كيف تبدو أجمل من فلانة ؟! و كيف ( تكشط ) جيب زوجها أولا بأول ، و كيف تقيم الحفلات و تشيش مع الصديقات ؟! و مع ذلك كله لا ترى الزواج سوى من تلك النواحي المادية ، و مع هذا كله فالرجل سيد الموقف بفعل و بقرار ربّ السماء : ” الرجال قوامون على النساء ” بكل ما للآية الكريمة من احتمالات تفسيرية فالرجل قادر على تربية زوجه كما يشاء ، و إن جاءت من أدغال ( طرزان ) ، و إن لم يستطع فليتركها دون تشهير بها و هي كذلك ،
لنعد إليك _ أيها العصري _ و أنت تمارس العنف اللفظي و النفسي و المعنوي و العاطفي … تمارسه و أنت تعيش معها ( كزوجة ) جسدا من دون روح ،
أنت تهجرها صباحا إلى العمل أو النوم و تهجرها ليلا للأنترة و الفسبكة و الوتسبة حتّى الصباح ، و يعلم اللّه كم تقهرها حين لا تجد منك كلمة طيبة تنشئ علاقة عاطفية و حنانا ربّما وزعته بين أصدقائك ، و تركتها خالية الوفاض تعاني الوحدة و الوحشة و الغربة و أنت كالصنم أمامها ، طفل كبير عنيد محنط تأكل و تشرب و تنام ،
أنت عنيف حين لاتدرك و لا تريد أن تسألها حتّى عن الدروس التي ذاكرت لأبنائك فيها ، و عن متابعتها للمدرسين ، و عن عملها في البيت و المطبخ ، و عن كبتها لتقصيرك ماديا ، و صبرها حين تحرص على ألّا تجرح كرامتك بمطالبتك بحاجياتها و ( ذهبها الذي بعته يوما لحاجتك )، و كم كثرت هذه الحالة في أوساط مجتمعنا خاصة في هذه الأيام العجاف ، و التي لو عاتبتك لنشرتَ حكايتها لتضحك أصدقاء الفيسبوك عليها و لا تقيم لعشرتها و لها أي معنى ،
أنت عنيف و عنيف حين تقتلها كروح تحتاج لمؤانس ، كإنسان يحتاج لمن يشاركه أفراحه و أتراحه و همومه ،
أنت أعنف حين تحدث مشكلة بسيطة فترمي يمين الطلاق عليها … حين تتزوج عليها ، و تستغني عنها دون إقامتك لشرط العدل فتضطر حين تضيّق الدنيا خناقها عليك أن تطلق إحداهن و تكسر قلب إحداهن فانت غير قادر على صرفيات و نفقات أكثر من بيت ،
أنت أعنف حين تشوهها أمام المجتمع و تتهمها بما ليس فيها لتبرر لزواجك الثاني و الثالث ،
تجرحها حين ترغب في غيرها فتقدمها المهملة المقصرة ،
أنت أعنف حين تكذب عليها و تبهتها ،
أنت أعنف حين تسهر في جلسات القات إلى أنصاف الليالي و تأتيها جثة هامدة لا تسمح بأن تناقشك في شأن منزل أو مسؤولية تربية أبناء أو مشكلة طارئة ،
أنت أعنف حين تعايرها بزميلة عمل .. بمومس في عالم الافتراض،
أنت أعنف حين تنثر ورد الحب لصديقتك الفيسبوكية و الواتسبية و …الخ .. تنثر الكلام العاطفي و زوجتك بجوارك لا تسمع منك سوى التّقريع و اللوم و الاستخفاف ،
أنت أعنف لأنك تقتل أجمل مشاعر بينكما .. تقتل المودة و الرحمة ،
أنت أعنف حين تخرج أسراركما بين أصدقائك بلا خجل و لاحشمة و لا حياء و لا عفّة ،،
أنت أعنف حين تبنّيت ثقافة التعبئة ضدها بنكتة تعتبرها عابرة و لغرض المزاح و تدعي فيها أنك بريئ بينما أنت مجرم ، خاصّة لو نشرتها في عالم الافتراض الذي يكون التداعي فيه إمّا للخير أو للشر ؛ فأنت تنشر فكرتك و تعبئتك باسم نكتة لكنها تصبح ثقافة موجهة مع الأيام فهي تنتشر بسرعة شبكات النت ،
أنت أعنف لأنك تمهد لحروب ضروس ضدها تخرجها من قيمتها كخديجة بنت خويلد و الزهراء بنت محمد و زينب بنت علي ، و مريم بنت عمران ، و آسية بنت مزاحم .. تخرجها منهن الى نساء كاسيات عاريات ،
حين لا تريدها إلّا شبيهة عارضة أزياء أو مطربة أو عاهرة نت ،،
أنت أعنف حين تفاضل بينها و بين تلك الأنموذجات المصنوعة و المجندة لإخراجك من هويتك فتخرجها بمعايرتك لها و تقليلك من شأنها ، و تقزيمك لدورها و تنظيرك و نظرك إليها بشعة أمام نانسي عجرم و ياسمين صبري و …الخ من صنائع عمليات التجميل و النفخ و الشد و الجزر و المد ، وصنائع أرب أيدول و …الخ
تفعل كلّ ذلك و هي تراعي مشاعرك و كبرياءك في أن تطلبك أحمر شفاه أو ثمن تسريحة لشعرها لتراها أجمل ، تتحرج من أن تطلبك و أنت ( منتف الجيوب ) ، و تصبر على قلة مافي يدك لتوفر كروت النت لتنشر عنها بأنها لا تستحقّ إلّا الضرب ، و إلّا فهي قليلة عقل و بشعة و قبيحة و بالتالي تخرجها من كونها مدرسة تخرج على يديها الشهيد و البطل و قائد المعارك الذي ارتقى ليدفع عنك و أنت خلف شاشات الفيسبك تنظّر و تبحث في شؤون جمال إيفانكا و نجلاء فتحي و إلهام شاهين .
أنت أعنف و إن كنت لا تشعر ،
أنت أعنف من حيث لا تشعر ، و السّلام .
أشواق مهدي دومان