الشهيد القائد.. سطور من وحي التضحية.
إب نيوز ١٠ مارس
كتبت ـ إكرام المحاقري
على مشارف بداية الألفينية مرت الجغرافية اليمنية بمنعطفات واحداث كانت هي السبب لما وصل اليه الشعب اليمني اليوم من قوة وصمود، ووعي وإدراك لخطورة ما يقوم به العدو من حملات عسكرية وثقافية واقتصادية شرسة، بدأت بمحاربة الفكر القرآني وتدنيس نقاوة المذهب الزيدي، إلى تحريك الورقة الطائفية والمناطقية ممزوجة بمكر الثعالب والذين أدعوا الوطنية ومزقوا الشعب ودعسوا على كرامته.
فـ الوعي اليمني الراهن لم يات من فراغ، ولم ينزل من السماء كـ معجزة المن والسلوى والتي جحد بها بنوا إسرائيل بعد إذ التمسوها في واقع حياتهم، بل أنها ولدت من رحم التضحية والصمود والثبات للشهيد القائد السيد: حسين بدر الدين الحوثي، فهوا لم يساوم على كشف مضمون القرآن الكريم أمام عتاولة القرن العشرين، ونال بكل جدارة شرف هداية الناس من جديد لنور القرآن الكريم، فـ (لكل قوم هاد)، وماجاء به حسين مران هو من رسم للشعب اليمني مسار الثورة والاستقلال والتحرر من أغلال العبودية للطاغوت والأعجال البشرية.
كان النظام إبان حكم “صالح” وتجذر السياسة الصهيونية في مفاصل الدولة قد عرف التوجه الحقيقي لما جاء به الشهيد القائد، فهم ومنذ السبعينيات أي بعد إغتيال الرئيس (إبراهيم الحمدي) قد نفثوا السموم القاتلة في المناهج الثقافية والتربوية والدينية بشكل عام، حتى أصابوا الشعب اليمني بالعمى الثقافي والسياسي والديني ووصل بهم الأمر إلى ترويض الشعب اليمني على التواجد الأمريكي، وفصل التحركات الأمريكية عن العدو الصهيوني، وهكذا كانت سياسة جميع الأنظمة العميلة في الرقعة العربية.
وحين تحرك الشهيد القائد كانت الشعوب حينها مصابة بفيروس الضلال والضياع، لذلك استغل النظام جمود الشعب وتحرك بحرب إعلامية وعسكرية وأسعة لوئد المشروع القرآني ومواصلة مشهد يوم السقيفة، ودرب بني أمية، فـ اللوبي الصهيوني قد أدرك خطورة المشروع القرآني وتحرك بكل شفافية لمحاربة المشروع تحت مزاعم وأهية مثلها مثل مزاعم “الشرعية”؛ ولان الاحداث تعيد نفسها على مر التاريخ ، فـ العدو الذي وجه بشن الحرب على محافظة صعدة أنذاك هو نفسه من تبنى إعلان العدوان على اليمن؛ لكن لكل طاغية طريقته الخاصة، وتبق أمريكا أم الإرهاب في كلتا الحالتين.
ـ من هدي القرآن الكريم.
تفرد الشهيد القائد السيد حسين بدر الدين الحوثي بعلم عظيم كان نتيجة لغوصه الواسع في واقع القرآن الكريم، في زمن تركت فيه الأمة الإسلامية كتاب الله خلف ضهرها وأصبح كتابا مهجورا لا احد يعمل به إلا في بعض الأمور، والتي ليست متعلقة بكرامة الأمة، ولان الإسلام قد حتم على حملة العلم أن يكونوا أهلا للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وكانت هذه صفة من صفات خير أمة أخرجت للناس، قدم الشهيد القائد دروس قرآنية عظيمة طرحت واقع الأمة الإسلامية في عنوان الصفحة، وطرحت واقع القرآن الكريم في سطورها.
لم يفصل الشهيد القائد الدين عن الدولة، ولا المساجد عن السياسة؛ بل قدم دروسا تحت عنوان “الإسلام دين ودولة” وبين من خلالها ضرورة الإرتباط بتوجيهات الله تعالى لعباده المؤمنين والعمل بها، خاصة في أمور الدولة والسياسة والتي تعتبر ركيزة لرسم مسار الشعوب.
وبثقافة قرآنية وأسعة وضح الشهيد القائد الخطورة القائمة على الأمة الإسلامية من سيطرة العدو على قرارها ومقدراتها، وبين خطورة المرحلة وحقيقة الإرهاب والسلام، وكانت النقطة المحفزة للعقل هي خطر دخول أمريكا اليمن، ونهيه عن كثير التساؤلآت والتي لا تات بنتيجة، فتلك الحقائق الوأسعة ما زالت تواصل مشوار بناء الأمة حتى اللحظة، ليس في اليمن فحسب، ولكن في بلدان وأسعة من العالم، وأصبحت المسيرة القرآنية مسيرة عالمية، وباتت الشعوب تنظر إلى حقيقة “من نحن ومن هم”، وهذا من سيحتم على العدو تغيير لعبته الثقافية بمصطلحات أخرى بعيدة عن الدين الإسلامي الحنيف.
ـ الثأر لأمريكا
حين تعالت أصوات المجاهدين بـ “الموت لأمريكا والموت لإسرائيل” كـ خطوة أولية لمواجهة المشروع “الصهيوأمريكي” في المنطقة، وكـ تحمل للمسؤولية التي القاها الله تعالى على أعتاق المسلمين، وجه الشهيد القائد بتداول شعار الصرخة في المساجد عقب كل صلاة للجمعة، كمحطة تربوية للمجتمع اليمني.
حينها تحركت أمريكا ثائرة لنفسها، ومحافظة على بريق ما زرعته من ثقافات تدجينية في المجتمع اليمني، وكان ذلك التحرك من خلال نظام “صالح” والذي كان ورقة بيد الأمريكان ودول الغرب بشكل عام، حينها وبعد زيارة عاجلة من صالح إلى أمريكا دقت ساعة الصفر، وبدأت المعركة لتواصل مشوارها في ست حروب ضارية أحرقت الأخضر واليابس، راح ضحيتها الألآف من أبناء محافظة صعدة وأخرين من ابناء المحافظات المجاورة كمحافظة “عمران” وتحولت المحافظة إلى أرض محروقة.
أرادت تلك الحروب إخماد فتيل الثورة القرآنية والتي تفرعت من شجرة ثورة كربلاء، لكنهم فشلوا رغم قتلهم للشهيد القائد ولمجموعة كبيرة من رفقاءه، وشكلت تلك الدماء ثورة
وعي عارمة جذبت الكثير من الناس للمسيرة والثقافة القرآنية، وكانت نقطة الفصل بين الصمود لانصار الله وبين تكالب الاعداء على مشروع العودة إلى الدين.
ـ ويبق الأثر
رغم مامرت به المسيرة القرآنية من مؤامرات عاليمة لاخماد صداها القراني إلا أن الله تعالى دائما يتم نور الحق ويشع هديه في أقطار المعمورة الصغيرة، وكما يقال يولد النصر من رحم التضحيات، ومن تضحيات المستضعفين في الأرض قد ولدت كرامة اليمن من جديد، فـ ثورة الإمام الحسين عليه السلام تبقى نبراس لانتصار الثورات على مر التاريخ، وليسقط تاريخ العملاء الملطخ بالعار.
فحين تمكنت قوى الإجرام من الشهيد القائد، ظنوا أنهم بذلك قد تمكنوا من زمام الأمور، لكنهم لم يعوا خطورة ما قاموا به حين تغافلوا عن مستقبل الدم الذي سُفك ظلما من أجل القضية العادلة، ولهذا فقد وصل صدى المسيرة القرآنية إلى العالم وأصبح أسم (أنصار الله) أو (الحوثيون) شبحا يلاحق الطغاة في عقولهم وأوطانهم، خاصة أولئك الذين شاركوا في الحروب الست وكانت لهم بصمة عار في استهداف الشهيد القائد.
فأثر القرآن الكريم التي حاول طمسه بنو إسرائيل وقريش وبنو أمية والمنافقين على مر العصور، بقي وبقيت معه مواقف الصادقين مخلدة في أنصع صفحات في التاريخ، لذلك يكون النصر هو حليف الدماء والأشلاء وحليف من يقول للظلم لا وكفى، فـ الشهد القائد ”حسين مران“ ما زال موجودا حتى اللحظة في أوساط الشعب اليمني منهجا ودليلا، وعلم حق، ورآية نصر، وقرآن هداية، ومن هنا بات الصمود مشروعا أزليا للشعب اليمني في وجه عتاولة الظلم والإستبداد.
الحرب السابعة.
كانت الحروب الست واجهة صراع في المنطقة لتغلغل القوى الإمريكية في اليمن من خلف ستار المصلحة العامة والأمن والأمان، حينها كان نظام صالح قد فند بنود التطبيع مع العدو الصهيوني في أرض الواقع ومن تحت الطاولة التي أعلن صالح من خلفها إحراق محافظة صعدة ووجه بذلك إختراع جِبلا من الكذب والدعايات من أجل إشغال الشعب بكل ما هو مناف للحقيقة.
ورغم ما قام به نظام صالح من جرائم إبادية إلا أن أولئك الفتية قد نالوا جزيل العطايا من الله تعالى فمكنهم ونصرهم حتى أصبحوا بعد حين طرفا سياسيا في الدولة، ورقما صعبا لدى المجمتع الدولي، ولأن أمريكا لا يهمها صلاح الوطن، ولأن العملاء قد نذروا أنفسهم من أجل تمدد المشروع الصهيوني في المنطقة، قررت السياسة الأمريكية شن الحرب السابعة على اليمن لكن تحت مزاعم جديدة كانت تحت عنوان “الشرعية”!!
والعظيم أن هذه الحرب جاءت بعد عملية جراحية ثقافية خضع لها الشعب اليمني بعد ثورة الـ 21 من شهر سبتمبر المجيد، لذلك كان الشعب اليمني متعطش لنيل حريته وكرامته مهما كلفه الثمن غاليا، في الوقت الذي استغلت فيه السياسة الأمريكية تواطئ العملاء وحاكت المؤامرات وشنت الحرب الضروس، إلا أن ثبات وصمود ووعي وتجلد وشموخ وأنفة الشهيد القائد قد تجلت عظمة في مواقف الشعب اليمني في مواجهته لـ مشروع احتلال اليمن.
ورغم الحصار الخانق والقصف العشوائي ورغم تكالب العدو والمحايد ومدعي السلام، إلا أن القيادة اليمنية الحكيمة والقرآنية قد انتشلت اليمن من حضيض الهلاك إلى قائمة التصنيع العسكري، والإنتاج المحلي، والإكتفاء الذاتي، وأصبح اليمن رقما صعبا يحسب حسابه في بلدان العالم، كما حسبت أمريكا حساب فتية صعدة أنذاك ومرغوا أنف عملاؤها في تراب الوطن، فتلك الحروب وهذا العدوان لهم ذات الهدف ويمتلكون نفس الهوية “الصهيوأمريكية”، كما امتلك الشعب اليمني في الماض والحاضر الهوية اليمنية الإيمانية الأصيلة.
ـ قضية الدين
لم يحمل الشهيد القائد في يوم من الأيام قضية نفسه والثأر لشخصة، فرغم ما مر به من مضايقات في وظيفته كـ عضوا في مجلس النواب، إلا أنه كان ذلك الرجل الحليم والرشيد، وكانت قضية الدين هي في رأس قائمة إهتماماته، لذلك كان ينظر إلى توجيهات الله ووعيده بالضغوطات الإلهية، وبذلك لم يخضع لهيمنة نظام صالح ولا لتهديدات البيت الأبيض.
ولذلك كانت الثقافة القرأنية التي دعى إليها الشهيد القائد دستور حياة، وديموقراطية رآي بالنسبة للشعب اليمني، فرغم ما وصل إليه الشعب اليمني إلا أن القضية المركزية للأمة والتي هي (القدس) كانت هي قضيته ووجهته، وهذا هو أساس الدين الإسلامي الذي استوعبه الشهيد القائد ( أمة واحدة ـ وعدو واحد ـ ووجهة واحدة ) وهذا ما يجب أن تعيه الشعوب الحرة في العالم وليكن القرآن الكريم دستور للجميع ( فهوا الفصل ليس بالهزل) .
ـ خير خلف لخير سلف
لم تقف مسيرة الحياة القرآنية عند حد معين ولم يكن التيه من نصب الشعب اليمني خاصة بعد التضحيات الجسيمة للشهيد القائد؛ فـ لكل قوم هاد ولـ كل زمن علم هدئ، لذلك فقد واصل السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي مشوار أخية الشهيد القائد بكل جدارة وبكل حكمة، ومنذ توليه قيادة المسيرة القرآنية وحتى اللحظة قد تحققت إنجزات قرآنية عظيمة، بدأت مشوارها في سبيل الصمود والصبر وتفرعت في اهداف ثورة سبتمبرية مجيدة.
وها هوا صدى المشروع القرآني يوصل إلى بلدان العالم وكأن توجيهات الشهيد القائد ودراسته للواقع أصبح اليوم شاهدا للعيان، فالشهيد القائد لم يتحدث عن هوى نفسه بل كانت معاييره قرآنية بامتياز، لذلك كانت نظرته وأسعة لانتشار شعار البراءة من اعداء الله حين قال ( إصرخوا وستجدون من يصرخ معكم )، وفعلا فقد صرخ الأحرار في أرجاء اليمن وصرخت دول محور المقاومة، وكثيرا من الأحرار في العالم بـ الموت لأمريكا والموت لإسرائيل.
وحقا وصدقا وعدلا ويقينا أن الحق لا يتراجع خطوة واحدة بوجود الصادقين من النبيين وأعلام الهدى ومن عامة خلق الله، لذلك فقد تقهقر المشروع الأمريكي في المنطة وقد خاب من استعلى بوجود الثقافة القرآنية والحكمة اليمانية والهوية الإيمانية، وبوجود (رجال صدقوا ماعاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا).
وليذهب كيد الأعداء ومكرهم إلى زوال الفناء الخاص باتباع إبليس اللعين، فالجنة لم تكن يوما إلا لعباد الله المتقين. والسلام على من اتبع الهدى، والعاقبة للمتقين.