ثمة عدة عوامل قد تحمَـل السعودية على إشراك تركيا بالحرب باليمن،ولو مشاركة لوجستية، إن لم تكن قد اشتركتْ فـعلا،( ففي الأيام الماضية تحدث الحوثيون عن اسقاطهم طائرة تجسس تركية نوع “كاربال” في محافظة الجوف ) -معلومة لم تؤكدها او تنفيها تركيا حتى اليوم، ويوم الاثنين تركيا ولأول مرة تدين هجمات الحوثيين على السعودية، بعد أسابيع من تحسّن العلاقات بين البلدين السعودية وتركيا إثر حل الأزمة الخليجية التي ظلت مستعرة أربعة أعوام.
فمن أهم المؤشرات والأسباب التي تجعلنا نعتقد أنه قد أصبح من المتوقع أن تنخرط تركيا بحرب اليمن – التي ستدخل عامها السابع نهاية شهرنا الحالي أذار مارس- الى جانب السعودية ،هي:
1 ـ تصاعد الهجمات الجوية على المملكة بالآونة الأخيرة ،من قبل قوات الحوثيين وضاعفت من الحِمل الذي تنوء به المملكة.
2 ـ صعوبة الوضع عسكريا في مأرب بالنسبة للسعودية ولقوات حكومة هادي،وتعالي أصوات داخل الشرعية وداخل حزب الاصلاح تحديدا تطالب تركيا بالتدخل لتغيير المعادلة العسكرية المختلة.مع ان مثل هكذا تدخل قد يزيد من تعقيد الامور المعقدة اصلا ويجعل اليمن فريسة تنهشها ضباع الاطماع اكثر وأكثر.
3 ـ انسحاب امريكا من مشاركتها بهذه الحرب، وفقدان التحالف للدعم المعلوماتي واللوجستي الامريكي الذي كان يشكل له سندا مهما بالتزود بالمعلومات العسكرية والاستخباراتية ورصد إحداثيات الاهداف التي كانت غاية بالأهمية بالنسبة للتحالف من الناحية العسكرية، المعلومات التي كان يرصدها الجيش الامريكي بحكم خبراته العسكرية الطويلة وبإمكانياته العسكرية والتقنية الهائلة.
4 ـ طيّ صفحة الأزمة الخليجية( وعودة العلاقة السعودية القطرية الى مربع الدفء النسبي) هذه الازمة التي افرزت معسكرين، سعودي ـ قطري، كانت تركيا تتخندق مع هذه الاخيرة بوجه السعودية إنفاذ لمقتضيات العلاقة الوطيدة التي تجمع انقرا بالدوحة وبالقاسم الايدلوجي المشترك بينهما: “حركة الاخوان الدولية”فضلا عن شبكة المصالح الضخمة.
5 – الانجازات العسكرية التي حققتها تركيا بالسنوات الاخيرة في عدد من مناطق النزاعات بالشرق الاوسط اهمها في ليبيا وأرمينيا، فهذه الانتصارات التي تزهو بها تركيا تمثل نموذج مغرٍ للسعودية لتتكرر في اليمن لتساعدها بالخروج من ورطتها،برغم حالة العداء المعلن والمضمر بينها وبين تركيا، والذي كان آخر ساحات سجاله اقتصاديا حين عمدت المملكة الى إطلاق حملة مقاطعة شاملة للسلع التركية بالأسواق السعودية والعزوف السعودي عن السفر الى تركيا السياحية ما ادى الى خسائر كبيرة لتركيا.
6 ـ عودة قضية مقتل الصحفي خاشقجي الى السطح برغبة امريكية مكشرة عن انيابها بوجه ولي العهد السعودي ،وحاجة السعودية للموقف التركي لتخفيف الضغط عليها أمريكا ودوليا بهذه القضية لدراية الرياض بأن تركيا التي حدثت فيها الجريمة واستغلتها بشدة ضدها على خلفية الصراع المعقد بين البلدين قادرة على لعب دورا مفرمل لجموح ادارة بايدن فما يزال في جعبة اوردوغان معلومات خطيرة يساوم ويبتز بها المملكة ابتزازا خطيرا، لن توقفها سوى انحناءة سعودية وشراكة مصالح.