الشهيد المؤسس ومسيرة الخلود ( 1- 2 )

إب نيوز ١١ مارس

عبدالفتاح علي البنوس

العظماء فقط هم من يخلدهم التاريخ في أنصع صفحاته، وتتخلد مآثرهم وتظل محط المطالعة والدراسة والبحث والتحليل، وهم من تفاخر بهم الأجيال المتعاقبة لعظيم ما صنعوه، وأهمية ما قدموه من إرث عظيم في مختلف المجالات، قد يتعرض بعضهم لمضايقات وحملات تشويه في سياق تصفية الحسابات الشخصية والحزبية والمناطقية، ونتيجة لصراع المصالح وخدمة لأجندة وأهداف ومشاريع لأطراف داخلية أو خارجية، ويترتب على ذلك الإساءة لتاريخهم وشيطنة إرثهم والتحريض ضدهم ومنع الإشارة إليهم وصولاً إلى تجريم الحديث عنهم. ولكن ومع مرور الوقت تتجلى الحقائق، وتتضح الأمور ، وتزول الأسباب والعوامل التي شكلت بيئة خصبة لممارسة هذه الأعمال العدائية القمعية الإقصائية التسلطية، وسرعان ما ينتصر التاريخ لهؤلاء ويعمل على إنصافهم ، والشروع في تصحيح المفاهيم والأفكار المغلوطة التي حاول المنافقون إلصاقها بهم، بهدف تشويه صورتهم والإساءة إليهم، وتتبدى للجميع الحقيقة الغير قابلة للتحريف والتزييف، ويحلق ذلكم الإرث، الذي ظل قيد التشويه والإساءة والتحريض ضده، عالياً ليبلغ مستويات غير معقولة، ويصل إلى مناطق بعيدة جداً، قبل أن تنتشر على مستوى العالم، وبشكل لم يكن أصحابه يتوقعون بأن يصل إرثهم إلى هذا المستوى، ويبلغ هذا المدى .
وهذا هو الحال مع الشهيد المؤسس حسين بدرالدين الحوثي رضوان الله عليه ، مؤسس المسيرة القرآنية ، وفيلسوف الثقافة القرآنية ، ذلكم البدر اليماني الذي ظهر من بلاد مران ، صادحا بصرخة الحق ، معلماً لثقافة القرآن المحمدي ، الثقافة المستوحاة من عظمة ومكانة القرآن الكريم ، بإعتباره الدستور والمنهج الرباني الذي يقود من عمل به وسار على نهجه نحو السعادة الحقيقية في الدنيا والآخرة، حيث عمل على تفسير آيات القرآن الكريم بما يتوافق مع دلالاتها وأبعادها والرسائل المتوخاة منها، التفسير الذي يلامس مضامين الآيات ويوضح معانيها وما يجب على المسلمين القيام به تجاهها، بمنأى عن المؤثرات والأبعاد والمصالح والصراعات السياسية والطائفية والمذهبية .
بلغته البسيطة، وأسلوبه الهادئ، وطرحه القيم، الخالي من التكلف والتصنع، وضع الشهيد المؤسس السيد حسين بدرالدين الحوثي النقاط على الحروف متناولاً العديد من القضايا والمواضيع التي تجنب الكثير من المفسرين والباحثين التطرق إليها ، ليخرج بإرث ثقافي فريداً من نوعه، هذا الإرث الذي أزعج أمريكا وطفلتها المدللة إسرائيل ودفع بهما إلى تحريك النظام السعودي الوهابي للقيام بمهاجمته والتحريض ضده بواسطة أذرعه وأدواته في الداخل اليمني، التي عملت على تشويه هذا الإرث ومهاجمته وتكفير مؤسسه ومن معه، وطبعت المؤلفات التحريضية ورصدت المبالغ المالية الطائلة لمحاربته ومحاولة وأده في مهده، وبعد أن بلغ التحريض مبلغه الخطير، وأصبح الشارع اليمني ملغما ضد الشهيد المؤسس ومشروعه القرآني التحرري الرائد نتيجة التعبئة المغلوطة وحملات التحريض والتشويه الموجهة، جاء الدور على السلطة الحاكمة التي بدأت بتنفيذ التوجيهات الأمريكية الإسرائيلية السعودية من خلال إعلان الحرب على صعدة، تحت عناوين ومبررات كاذبة .
التمرد على الدولة ، الاستيلاء على الزكاة ، منع السلطات المحلية من العمل ، ادعاء الإمامة، رفع أعلام إيران وحزب الله، الاعتداء على أبناء القوات المسلحة والأمن، وغيرها من الأكاذيب التي برر النظام السابق بها حروبه الست على صعدة ، في حين كان شعار البراءة الذي أطلقه الشهيد المؤسس رضوان الله عليه في العام 2002هو السبب وراء إعلان الحرب، وخصوصا في ظل انتشاره وتجاوزه مرحلة الطباعة على الجدران في الشوارع والأحياء بمحافظة صعدة وصولاً إلى مرحلة ترديده في مساجد صعدة ومنها جامع الإمام الهادي وفي الجامع الكبير بصنعاء، حيث شعر النظام بالإحراج من الأمريكيين بسبب الشعار، فذهب نحو خيار الحرب، والتي شاركت فيها السعودية، ليرتقي السيد حسين بدرالدين الحوثي شهيداً ومعه الآلاف من أنصاره إرضاءً لأمريكا والسعودية وتنفيذاً لتوجيهاتهما وأوامرهما، حيث ظن الجميع بأن استشهاده يعني وأد مشروعه الثقافي التنويري التوعوي والقضاء على مسيرته القرآنية، ولكن مشيئة كانت الغالبة وشاء القدر أن يكون استشهاده ودمه الطاهر المسفوك ظلماً وعدواناً براكين ثائرة تجرف عروش الطغاة والمستبدين، وتزهق باطل البغاة والمنافقين .
قلت قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم ووالدينا ووالديكم وعاشق النبي يصلي عليه وآله .

You might also like