الصحة..بين الأوقاف والزكاة
إب نيوز ١٣ مارس
عبدالفتاح علي البنوس
ظل الوضع الصحي في البلاد وما يزال دون المستوى المنشود ، وزاد تدهورا عقب شن العدوان السعودي الإماراتي الأمريكي البريطاني الإسرائيلي الذي استهدف القطاع الصحي بشكل رئيسي وأتى على الكثير من المستشفيات والمراكز والوحدات والمنشآت الصحية والتي استهدفت بالقصف الجوي وتحولت إلى أكوام من الخراب والدمار ، وزاد الحصار المفروض برا وبحرا وجوا من تفاقم الأوضاع الصحية نتيجة عدم سماح العدوان بدخول المعدات والأجهزة والمستلزمات الطبية والمحاليل والأدوية وفرضهم الحظر على مطار صنعاء الدولي الذي حال دون تمكين الحالات المرضية الحرجة من السفر للعلاج في الخارج وهو ما شكل ضغطا على المستشفيات المحلية غير القادرة على استيعاب كل تلكم الحالات .
والمشكلة ليست وليدة اللحظة ولكنها مشكلة مزمنة. مشكلة تراكمية نتيجة غياب السياسة الحكيمة التي ترتقي بمستوى الخدمات الطبية وخصوصا في المستشفيات الحكومية المملوكة للشعب اليمني التي ظلت وما تزال خدماتها دون المستوى المطلوب، لم نلمس أي اهتمام بتطوير وتحديث البنية التحتية للقطاع الصحي ذات الصلة بالكادر الطبي والأجهزة والمعدات الطبية ، حيث ذهبت الحكومات المتعاقبة والسلطات المحلية في المحافظات والمديريات إلى إهدار مبالغ كبيرة من مخصصات الخدمات الطبية في إنشاء المباني على حساب جودة وتميز الخدمات الطبية التي يحتاج إليها المواطن اليمني الذي ما يزال يبحث عن العلاج في الخارج ويضطر لبيع كل ما يملك من أجل ذلك ، لأنه لم يجد في وطنه ما يطبب جراحه ويداوي أسقامه وأمراضه .
لا تشخيص دقيق للحالات المرضية ولا أثر للخدمات الصحية ، وهو ما خلق أزمة ثقة بين المريض والطبيب اليمني ، قد يشخص لك هذا الطبيب حالتك الصحية ويخبرك بأنك مصاب بمرض ما، ويسارع إلى وصف العلاج لك ، وفجأة تظهر لديك مضاعفات خطيرة تضطر معها للسفر للعلاج في الخارج ، وهناك تصعق عندما يخبرك الأطباء بأن تشخيص مرضك في اليمن لم يكن صحيحا، وأن العلاج الذي مُنح لك هو سبب تدهور حالتك الصحية وهناك يبدأون بمعالجتك من العلاج الذي استخدمته في اليمن ، علاوة على الاستغلال الذي عليه المستشفيات والعيادات الخاصة التي تحولت إلى شركات استثمارية يتاجر أصحابها بأوجاع ومعاناة المرضى فحوصات غير ضرورية وكميات كبيرة من الأدوية التي لا حاجة للمريض فيها ، والهدف فقط تشغيل المختبر والصيدلية وحصول الأطباء على النسبة مقابل ذلك ، دونما أدنى اعتبار للجوانب الإنسانية ودونما مراعاة لأوضاع المواطنين في ظل العدوان والحصار.
واقع الصحة المرير يفرض على هيئتي الزكاة والأوقاف المساهمة في إخراج الخدمات الصحية من غرفة الإنعاش وتمكينها من تجاوز حالتها الخطيرة في ظل العدوان والحصار من خلال طرق باب الاستثمار المشترك بين الهيئتين في القطاع الصحي للإسهام في إنقاذ حياة أرواح الكثير من المرضى الذين يصارعون الموت دون أن يحصلوا على خدمات طبية تساعدهم على ذلك ، من خلال إقامة مستشفى عملاق في العاصمة صنعاء، يضم في داخله كبار الاستشاريين في مختلف التخصصات الطبية ، وأحدث ما توصل إليه الطب من أجهزة ومعدات طبية تقوم بتقديم الخدمات الطبية برسوم رمزية ، وتقديم الخدمات الصحية للفقراء والمعدمين مجانا.
رئيس الهيئة العامة للزكاة الشيخ شمسان أبو نشطان سبق وأن صرح عن اعتزام الهيئة العامة للزكاة إنشاء مستشفى عملاق في العاصمة يستهدف كافة مستحقي الزكاة ، ونتطلع إلى سرعة ترجمة ذلك على أرض الواقع وإن تطلب الأمر الدخول في شراكة مع الهيئة العامة للأوقاف بهدف التوسع في هذه المشاريع مستقبلا لتشمل كافة المحافظات اليمنية ، وأنا على ثقة بإذن الله وتوفيقه بأن هذه الشراكة ستؤتي ثمارها، وسيلمس ثمرتها كل أبناء الشعب، وستحدث نقلة نوعية للخدمات الطبية وستحد كثيرا من السفر للخارج .
بالمختصر المفيد، شراكة هيئة الزكاة وهيئة الأوقاف في قطاع الاستثمار الصحي الخدمي الإنساني ، بالإضافة إلى قيام وزارة الصحة بتحسين وتطوير مستوى الخدمات الصحية في المستشفيات والوحدات والمراكز الصحية الحكومية ؛ كل ذلك سيحد كثيرا من جشع وطمع واستغلال الكثير من المستشفيات والمراكز والعيادات الصحية الخاصة التي تتعامل مع المريض على أنه فريسة وقعت في شراكهم ، فيشرعون في شفطها وحلبها بمختلف الأساليب والحيل دون أن يُقابل ذلك بتقديم خدمات صحية تخدمه وتسهم في علاجه .
نعول كثيرا على هيئتي الزكاة والأوقاف في إحياء الكثير من الأنفس المريضة الباحثة عن العافية من خلال طرق باب الاستثمار في القطاع الصحي الذي يمنحهم الفوز والفلاح والرشاد في الدنيا والآخرة .
قلت قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم ووالدينا ووالديكم وعاشق النبي يصلي عليه وآله .