و استطاعت روحك فهم روح الحياة سيدي/حسين…

إب نيوز ١٣ مارس

عفاف البعداني

هناك ظل ملازم للحياة ، أسمه العمر و هو أشبه بليل حالك ، يستمد ضياؤه من بعض سويعات الصباح ، لا مفر من تعاقباته المتوالية على مرءى الفناء الوجودي ، ففي كل مرة نخطيها نحو المكوث أكثر نصادف قدر الله فجأة و لا غالب لأمر الله دائمًا في قضية الموت والبقاء ، ولكن من بين هذه السنن ثمةَ ملهمٌ قوي أودعه الله في عباده قبل المغادرة إلى مدن السماء ، لعلمه جل في علاه أن الدنيا دار شقاء وأن خليقة البشر مجبولة على المطالعة والبحث لنيل الفضيلة مهما بَهُض الثمن ، لذا كم نحن محتاجين لمسببات أرضية من شأنها تحلية مرارة العيش على هذا الكوكب التعيس .

وتظهر هذه المعينات جلية على عدة محاور ، منها البصرية ، و الصبر… والثقة بأن ما عند الله يبقى وما عند الإنسان ليس إلا محض اقتدار ، ولا يجدر بأن نقضي العمر بين شراك الخوف من المصير، وارتجاف النفس المتضعضعة، على ذاك الإثر انسجم الإنسان مع مسببات الحياة بطريقة متلائمة، وكأنه بات معفيًا من لسعات الدنيا الموجعة وضراوة عالمنا النديم .

وهذا ماجسده بالضبط السيد// حسين بدر الدين….. لم تكن الحياة بالنسبةِ له إلا مراحلا متعددة من استخلاف الأرض و العلو إلى رتبة عالية من عناية الله عن طريق العلم والبحث والمطالعة لمحور العالم المتحرك ، بل العجيب من كل ما ذكر أنه تنبأ لكل ماهو حاصل بيقين قوي خارج عن نطاق الاحتمال ، كل استنتاجاته كانت لصيقة بأحداث العصر الوليدة ، فعندما قال : ” اصرخوا وسوف تجدو من يصرخ معكم” صرخ شعب بأكمله، شبابه نساءه شيوخه، وصغاره، وبدأت أمريكا تدخل دائرة القلق والخطر المحدق ، فقامت بشن الحرب علينا واستبد بها الكيد، فمشروع قراني كهذا سيحدث نقلة نوعية للشعب اليمني ، وللأمة ككل .

ويقيني يقول أن السيد يمتلك عين ثلاثة ، كالصوفيين يرى الأشياء عن بعد فضيع ، ويعد لها نتائجا محسوبة وكأنّ العالم كرة صغيرة في متناول يديه، فقضية الدين وسلامة الشعوب من النهب والانحراف الأخلاقي مسؤولية تولاها عاتقه، فأدى ما أملت عليه فطرته ، صرخ بوجه أمريكا محفزًا أذهان الشعوب للجهاد موضحا خطر أمريكا على المنطقة ، ومدركًا العواقب الجُمى التي ستترصده من كافة الطوائف ، فقه السيد// حسين… أن العالم سيحاربه ويقف مع أمريكا بكل تبجح ، وإن كانوا هم أول المتضررين منها، فمن عساه يقف بوجه دولة مهيمنة كأمريكا، ولكن دموية السيد حسين استقوت على كل ندوبات الدنيا ، و غيرت مسار كوكب بأكمله امتزجت بالتضحية في سبيل الله دون التربيت على حب الدنيا الزائلة .

وعلى رغم شحتي القرائية لملازم السيد إلا أني عندما عنيت البعض وقرأت منها، شعرت أنه اختار منطقة جادة للمخاطبة وهي فلسفة الفكر ، فمعادلته تقربك مع الله أولاً ، ومن ثم تجعلك تتصالح مع عنفوان الأرض ، تأخذك بشكل انسيابي غير متوقع نحو ما يريد دون أن تجد مشقة في الفهم والمواصلة، استخدامه لطريقة الشرح والتوضيح من المحيط الأقرب لذهننا دون اللجوء لأي قصص مترعة بالخيال بل تصب من عين الواقع المعاش جعلتنا نعي ونفهم أكثر ما يتحدث عنه دون الاستناد لأي قواعد آخرى تفصيلية مهما كان رتبتك العلمية، كان بارعا في فن الإقناع رغم تفاوت مدى الطوائف والأحزاب خصوصا في اللشعب اليمني ، ولا غرابة من ذلك كله فهو استخدم لغة القرآن كطريقة دامغة ومقنعة تجمع شتات الفكر ، وتناقضه مع عدة حقائق .

سيدي حسين : الشيء المبهم والذي لم أستوعبه للحظتي هو كيف استطاعت روحك أن تفهم روح الحياة بهذا العمق، أي جرح تكبدته حتى بزغت أورقة الفجر معك ، أي عذاب تجرعته حتى تضامنت معك كل الموجودات وتحنو لك كل المرئيات ، أي قلوب أحييتها حتى تجيء إليك الأرواح أوية وصارخة ، أي حب حضيته حتى وأفاك شعبا بأكمله، هل صح ما قرأته عنك وعن أسرتك ، أو أني ربما لم أستوعب بعد الجرائم الفضيعة التي ارتكبت بحقك كإنسان قبل أن تكون مسلما ، أم أن مقتضى الحقيقة هي : أنك تصافيت مع الألم كون العذاب في رحاب الله يهون فنحن ضعاف النفوس في فهم ذلك يا سيدي .

.

You might also like