النفاق والتطبيل وصناعة الفراعين .
إب نيوز ١٥ مارس
عبدالفتاح علي البنوس
لست من هواة النفاق والمديح والتزلف والتطبيل لذوي الجاه والسلطة، وإن مرت علينا فترة زمنية فرض علينا النظام السابق خلالها الانغماس في مستنقع التطبيل والمدح والثناء والتلميع له والحديث عن إنجازاته (العملاقة) و(التحولات الكبيرة التي شهدها الوطن في عهده ) وتقديمه للشعب على أنه (سفينة نوح) من ركبها نجا ومن تخلف عنها غرق وهوى) وتصويره على أنه المنقذ، ولولاه لما أكلنا وشربنا ولبسنا وتعلمنا ولما وصلت إلينا خدمات الهاتف والمياه والكهرباء ولما أنشأت المدارس والجامعات والمستشفيات والمطارات والمشاريع الإنمائية والخدمية، وكأن مهمة هذا الحاكم هي الجلوس على كرسي السلطة والحصول على امتيازاتها، هذه السياسة المشبعة بالنفاق والتزييف الجمعي لوعي المجتمع هي التي تقف خلف صناعة الطواغيت والفراعنة والجبابرة.
ودائما ما يكون الكثير من محترفي النفاق والتطبيل للحكام وصناع القرار والثناء عليهم بما ليس فيهم والإشادة بهم دونما وجود لأي سبب يستدعي ذلك، هم السوس الذي ينخر في جسد الدولة والوطن، وهم من يعملون على توظيف نفاقهم للحصول على مكاسب ومصالح مادية أو نفعية، فنجدهم على طول الخط يرددون عبارات (تمام يا فندم) و(قوة القوة) وغيرهما من العبارات التي تولد لدى هذا الحاكم أو ذاك المسؤول القناعة التامة بصوابية قراراته وسياسته وتوجهاته، ويذهب نحو ترسيخها ومواصلتها ويستبسل في الدفاع عنها وإحاطتها بالمبررات التي يقنع بها نفسه ومن حوله من بطانة وحاشية ولا يجد أي حرج في الذهاب نحو إقناع المواطنين بها.
والمشكلة أن بعض هؤلاء المطبلين يمارسون هوايتهم المخزية والمهينة من ذات أنفسهم، هكذا من باب الفضول (والدبور) فيطبلون بأساليب وطرق يخجل ويستحي منها المطبل لهم، والذين يدركون جيدا بأن ما قيل فيهم لا يمت للحقيقة بصلة ولا يستحقونه على الإطلاق، والكارثة عندما يكون التطبيل خاصا بالجانب التاريخي، حيث ينشط بعض المطبلين في تزييف التاريخ وترميز بعض الشخصيات ومنحها الكثير من المواقف والأدوار النضالية والوطنية والاجتماعية ويسردون الكثير من الأكاذيب والبطولات الأسطورية مقابل الحصول على الأموال والهدايا والمكرمات، والمحصلة تاريخ مشوه يفتقر للمصداقية، رغم أن غالبيتهم لا يمتلكون أي رصيد نضالي ولا أي مواقف وطنية.
والغريب أن هذا النوع من المطبلين ينشطون بكثرة هذه الأيام، وهو ما يستدعي التحذير منهم، ومن مغبة البناء على تطبيلهم واتخاذ مواقف وقرارات على خلفيتها وإستنادا لها، فالمسؤول الذي يقرب منه مطبلا معلوم تطبيله سيجانبه الصواب في كثير من قراراته ومواقفه، وسيتعرض للكثير من العثرات والسقطات التي قد يدفع ثمنها غاليا، المسؤول في منصبه بمثابة الخادم لمن هم تحت طائلة مسؤوليته، وقيامه بعمله والمهام الموكلة إليه على أكمل وجه لا يحتاج إلى (مطبلين) و(ملمعين) لأنه مطالب بالقيام بذلك، وفي حال تقصيره وعدم قيامه بذلك سيتم الاستغناء عن خدماته وتعيين من يمتلك الكفاءة والقدرة على العمل بجد وإخلاص، وليست هذه المشكلة في الأمر، ولكن المشكلة تكمن في التلميع والتطبيل والتكريم للفاشلين والفاسدين من المسؤولين وحصولهم على تقييمات إيجابية في مستوى الأداء وهذه هي الطامة الكبرى.
بالمختصر المفيد، يجب أن يكون شعار المرحلة (لا للتطبيل والمطبلين) نحن في عدوان غاشم يقوده تحالف مجرم، شرعن له وسانده وأيده حثالة من الخونة العملاء، بينهم قيادات لطالما أغرق الكثير منا في التطبيل لهم ومدحهم والثناء بهم والتغني بمواقفهم الوطنية والبطولية المزعومة، وإذا بهم مجرد قفازات بيد السعودي والإماراتي والأمريكي، وأحذية في أقدامهم، لا يمتلكون ذرة وطنية، وليس لديهم أي قيم أو مبادئ، ولا يستحقون كل ذلك النفاق والتطبيل، لذا لا حاجة لامتهان هذه المهنة المهينة ولا للقيام بهذا الدور المخزي، لا للتطبيل والمطبلين، لا للنفاق والمنافقين، يكفي ما حصدنا من وراء صناعة الفراعنة والطواغيت والمجرمين، لنتفرغ لمواجهة العدوان وبناء الوطن وفاء للشهيد الرئيس صالح علي الصماد رضوان الله عليه، وتنفيذا لمشروعه الوطني الرائد ( يد تحمي ويد تبني ).
قلت ما سمعتم وأستغفر الله لي ولكم ووالدينا ووالديكم وعاشق النبي يصلي عليه وآله.