أمــي شمس ولا تنتظر الشموع
عــــفاف الــــــبعداني
إب نيوز 21/ مــارس
هل حدث مرة أن نجوم المساء احتفلت بالشمس وتراقصت طربًا وتبادلت الوهج المسائي معها ، أو هل صادف ذات مرة ، نزلت اﻷرض لتشترِ لها مصابيح وتغلفها وتقدمها إلى سيدة الفضاء بمناسبة اليوم العالمي للشروق ؟؟
لا…….لا أظن هذا أبدًا !! وإن حدث سيكون محتمل أنه مقتبس من قصة القطة السمراء لصغارها الخمسة ؛ ﻷنه ليس من المعقول والمنطق أننا نحتفل باليوم العالمي للشروق والشمس وفية، كل يوم تشرق وبدون مقابل تحنو بظلالها الوارفة لتدفئنا من برودة القطب الشمالي ، وأساسًا هي لا تحتاج منا زخم المصابيح ، هي ضياء بحد ذاتها وليس من الآ ئق أن ننسى شروقها اليومي ونتذكرها في يوم واحد بالسنة .
ومن هنا بزغت ” نكتة العصر ” حيث أن النجوم والفضاء كانا أكثر تأدبًا، و أقل طاعة للثقافات المتغربلة، الثقافات الغربية اﻷوروبية ، التي تركت اﻷمهات وشيدت لها دار خاصا، هو عملاق في البنية التحتية ، ولكن يالا أسفي و ياغويص وجعي إنه صغير مشين في العلاقات التربوية واﻹسلامية ، وهو أشد وهنًا من بيت العنكبوت ما أقصده هو دار المسنين للعجزة ، نعم ترمى اﻷمهات في هذا المقر وتُترك لشهور وربما للسنين وفي نهاية الصيف الحارق يأتي اﻷبناء المطيعين ؛ ليحتفلوا ويتشدقوا بالطاعة أمام اﻷمة اﻹسلامية ويضجوا العالم باﻷمومة الزائفة والهدايا المطلية باﻷثمان الباهضة ، نعم تضج اﻷصوات إنه يوم ٢١ مارس “عيد اﻷمهات” .
هذه هي قصة الغرب أو باﻷخص غيرالمسلمين ولكن نحن توارثنا هذا اليوم وأصبح عيدنا المبجل يتخلل بيننا ويغزو سطوح منازلنا العاقة فالكل يشرع بشراء الهدايا وبترتيب الصناديق ، وتجهيز الشموع ، الجاتو ذو العشرة أدوار، ويتحرك البعض لتدوين النصوص ومنهم يتأهب لانتظار الطرب الجديد والحصري لهذه المناسبة .
تتفاجئ وأنت تسمع وتشاهد ماذا يحدث ! ومايحصل ولماذا هذا الزخم الواسع من الاحتفالات؟؟ فيسرع أحدهم بالجواب ألا تعلم ﻷبد أنك مقصر في حق أمك أو أنك عاق !! تزيد دهشتني أنا عاق ربما ولكن لماذا؟؟ ويدنيني الجواب إنه عيد اﻷم… يتهامسون مع بعضهم سرًا ولا أسمع إلا بصيص حديث … إنه متشدد و متحجر أنه لايفهم ولن يفهم بهذا اليوم .
سمعتكم !! أيعقل أننا أصبحنا متحجرين ومتشددين وعاقين ﻷن جرمنا المرتكب أننا لم نقتدي بثقافة الغرب ، مضيت وبت أقاسم نفسي وجع المحاسبة ، هل أنا فعلاً متحجرة ، وكم يا ترى قصرت في حق أمي ، ومررت من طقسهم الاحتفالي بهدوء ، وحقيقة لم أمتلك زعامة اﻹقناع وتوقفت ربما ﻷني بهذه الفترة مرهقة جدًا من مشاغل الحياة المتتالية، و ذاكرتي أصبحت متعبة من محاورة الناس، وبالصدفة سمعت أمهات يتحدثن ويقولن ابني الحبيب باﻷمس اشترى لي عباءة رائعة وهنأني بيوم عيدي .
حينها خجلت من سعادتهن العارمة وبدأت أصدق أني متحجرة، صمت وأكملت سيري وبقيت متخيلة ماذا لو اهتمينا بإمهاتنا كل يوم؟ ماذا لو دخلنا بيوتنا محملين لها بالكلمات العبيرية ؟ أظن أن أيامها ستتحول إلى أعياد ولن تنتظر شموع ٢١ مارس طيلة السنة ، ماذا لوأخفظنا لها جناح الذل من الاحترام والتأدب لن تشعر بالنقص أليس ذلك صحيح ؟ ؟
ووصلت بيتنا وبت أطالع يدا أمي الحنونة من بعيد وهي تسقي مشاقرنا المحظوظة وانتابني شعور بالتقصير لوتقاسمه الكون أعتقد لتثائب من هول المصير .
وجاء مساء مارس و أنا ليس بحوزتي شموع ولاجاتوا ، ولا قنينة عطر ، كل ما أمتلكه قلم ودفتر ، أخذت ورقة وقلم وبت أصوغ وﻷول مرة أكتب ﻷمي .
” رسالة إلى أمي”
((أمي الجميع هنا وهناك يحتفل ويزعم أنه يوم عيدك ، و قد قالوا فيني أني عاق ﻷني لم أشترِ لكِ هدية ولم أحتفل معك ، ولكني أقف ﻻنافسهم وأقطف لك كل أزهاري وأعطيك كل ألواني وأجعلها تسجد في محرابك العاطفي، سأقبل يداك كل ما أوجعتني الحياة، و سأرسم لك عيد يختلف عنهم ، ليس عنوانه مارس وإنما نصه كوني بقربي وبصحة جيدة وجسد قوي وسأكون بخير فحياتي بحضورك شروق ألتمس منه كل عبق جميل، وحياتي بغيابك غروب لا أرَ منه إلا شمسا تودع سحاباتها لتمهد لها ليلاً مكسوًا بالظلام ، ومهما طالت كلماتي يا أمي ستقف محتجزة عند باب مغلق في أن تصف كلما يروقه لي عنكِ، فعذريني إن قسيت وسامحيني إن جفوت وبصوتي الرنان عليك به اعتليت ، فمهما تماديت وعن حبك التهيت ، سيظل رضاك حلم يخمد آهات السنين ومصادره أمل يجوب في أغوار الحنين وطبت بخير يا أجمل أم في الدنيا ))
تركت لها رسالتي في الدرج الثالث ، وبقيت هنا الرسالة اﻷخيرة
يامن كان له أم و ماتت لاتبتأس من قدر الحياة وأعرف أنه كما قيل لوكشف الغطاء لاخترنا الواقع فعش وليكن ولاءك “سأعيش وأثبت للحياة ماعلمتني إياه أمي ”
ويامن كان له أم مازالت على قيد الحياة إلزم رضاها فأنا وأنت وهي وهم بأمس الحاجة أن نعرف مامعنى كلمة أم .