ستةُ أعوام ، صموداً وصعود.
إب نيوز ٢٦ مارس
منار الشامي.
لم تكن البدايةُ قصةً نحكيها من الخيال ، لقد كانوا نائمين حقاً الأمُ وزوجها وأبنائُها ، بعد منتصفِ الليل اختلطت أشلائهم ببعضهم ، نعم سادتي رحلوا بغارةٍ غادرة ، من واشنطن باسم السعودية تتحالفُ أكثر من سبعةَ عشر دولة لتقتل هذه الأسرة ، نعم أعزائي دعونا لا نستغرب لإن أهدافهم صريحة يودون لو يحرِروا الشعب اليمني من نفسه ، نعم من نفسه !
سنقولُ بأن ذلك اليوم كان مشؤوماً لحدٍ ما ، لقد كان التاريخُ آنذاك يوافقُ السادس والعشرين من شهرِ مارس للعام ألفين وخمسة عشر للميلاد ، استيقظت صنعاء واستيقظت معها بقية المحافظات علِم الجميعُ بأمر الحرب ، وذاع صيتُ أهدافها الرائعة التي تسعى لأن تُحرر اليمنيين من أنفسهم ، هو غباءٌ كما تعلمون لكن لا يجدرُ بنا أن نحكمُ على حربهم قبل أن نعرف ما الذي سيحصل ، الجريمةُ الأولى كشفت للجميع مكنونها ، أمٌ وأبٌ وأبناء .
حلّ الرعبُ قلوب الأطفال ، كان يقولُ أحدهم ما معنى الحرب كان يشعرُ بأنها سيئة ، لم يعلم عزيزي الصغير بأنه لاحقاً سيتعرفُ عليها ، سيقرأها ويمرُ بفصولها ، اعتذر بل سيرويها ويدونها هو بنفسه، النساءُ والرجال كانوا يعرفون معنى الحرب لكنهم على رغمِ المُرّ الذي يتجرعونه لم ييأسوا ، كانت الأمُ تربتُ على أكتافِ أبنائها تقول ” لا تقلقوا إن الله معنا ” تعلموا هذا الشيء تعلموه جداً ، حتى وُثقت بعض الجرائم التي يقول فيها أحد الأطفال “لكن سنقول لهم بأن قوة الله أكبر من قوةِ أمريكا”.
استمر مسلسلُ الدم وسلسالهُ ، كُل محافظةٍ تجرعت من الوبالِ أقصاه ، اهتدت الدورّ وطُرِق العبور فإن نجوت من منزلك ستلحقُك الطائرة وهي تبحثُ عنك إلى مزرعتك وإلى مقر عملك وإلى سوقك وإلى مقبرتك حتى !
لن تتركك ، إن تركتك ستذهبُ لإخذ أبنائك من المدرسة ، ستلاحقُ حتى زوجتك وأختك وأمك إلى صالات الأفراح ، تلك الصالات التي عادةً ما تُغادرها الطائرات لتُصبح مأتم .
الجميعُ يعرفُ وينظر ، ليس هناك شيءٌ خفيُّ أو غامض ، سترى كل شيء دون حلَقةٍ ناقصة ، الجرائم الوحشية ، الدماء المُراقة ، الأشلاء المبعثرة ، الأطراف المُبتّرة ، حتى الجثث المُتفحمة ، ليس عرضاً سينمائياً تعرضهُ هوليود ، ليست بفلسطين وما هي بنكبتها، في اليمن تعرفونهُ أنتم ، أساساً من لا يعرفُ أصلهُ إن كان عربياً وبدايتهُ إن كان أعجمياً مثلاً ، تتجاهلون كل هذا ، دعونّي أحكي لكم بإن الحرب لم يشنها اليهود وأعداء الأمة ، جارتنا شنتها !
بلدُ الحرمين الشريفين التي لا يجدرُ بها أن تدخل في مُحرمٍ أو إثم ، نعم تلك التي من المفترضِ أن تحرر الأقصى !
تجمع العرب ليس لحسم قضية فلسطين بل لمحو من ينصرُ الله ويرفعُ من شأن قضية فلسطين ، أمريكا تقودُ الحرب وتحركها كيفما شاءت ومتى ما أرادت ، بقية الدول قال عنها القائدُ العظيم “أشباهُ الأحذية ” ليس لإنهم أداه تستعملها أمريكا بل لإنهم يمهدون لأمريكا وإسرائيل ويدعمونها لفعلِ ذلك !
لكن الله أعز اليمن برجالها ، فخسِئوا وباءوا بغضبٍ من الله شديد ، لإن القصة لم تكن حرباً بين دولٍ تتصارعُ على أطماعها ، المسألة منذُ البداية كانت مسألة حقٍ وباطل ، كذلك خيرٌ وشر، كانت مسألة إتكالٍ أيضاً ، هم يتكِئون على أمريكا “العصا الغليظة” واليمن يتكأُ على من جعل عصاة موسى حيةً تلتهمُ حبال فرعون ووهمه !
متى ما كانت القضية قضية حقٍ وباطل تلقائياً يزهقُ الباطل ، هنا ينصرُ الله الحق ، يؤيد من يقف معه ، يُرسل الملائكة بجانبهم ، يمنحهم العلم والبصيرة ، يؤتِهم من القوة ما رزق به الحواريين مع عيسى والمؤمنين مع مُحمد ، لإن الله أقوى ودين الله أقوى والحقُ قوةٌ عظيمة لا تتوارى .
في اليمن دام الصمود ست سنواتٍ مابين مظلومية وانتصار ، وألمٌ وشفاء، وضعفٌٌ وقوة، وصمودٌ وصعود، قائدٌ مغوار من نسل بيت النبوة يقودُ زمام المعركةِ الخطيرة ، ينصرهُ الأحرارُ ممن نصروا الرسول من ذي قبل ، رغم الجراح والمعاناة ، والبذل والتضحية يصمدُ الشعب تتكاتفُ الأيادي ، يُلمُ الشمل ، العدو واحد والهدف واحد والشعب واحد والخيارُ الصمود حتى الانتصار .
مرت الأيام العِجاف ، وبدأت التحولات بفضلِ التضحيات ، وبعمقِ الألم كانت الصحة وبعمق الداء كان الدواء، انقلبت الموازين وانقلب سحر السحرة عليهم ، وسقط المعتدين في الحفرة التي حاولوا جرّنا إليها ، خابت ظنونهم ، فشلت مشاريعهم ، تلاشت أهدافهم ، واستمروا في السقوط مقابل الصمود ، لم تكن التضحيات قليلة ، ولم يكن الوجعِ طفيفاً ، لكن الحق يسمو لُيظهر وعد الله الحق بنصرِ اليمن ، صناعاتٌ عسكرية ، تقدماتٌ ميدانية ، جبهاتٌ اقتصادية ، بعونِ الله ثقافةٌ قرآنية ، أتوا يتحدوننا فجعلنا من التحدي فرصةً لبناء أنفسنا وتطويرها حتى أيدنا الله بفضله فأرديناهم صرعى قوتنا ، وقتلى بأسنا وقلنا بأن الله حق ، والله وعدنا بالنصر الذي تبدأ مراحلة من هذا العام الذي قال فيه السيد القائد “قادمون ومتقدمون” .
.