توصيف الحرب قبل أي مبادرة
إب نيوز ٢٨ مارس
علي الشرجي
لن يكتب النجاح أو حتى يتم القبول بأي مبادرة تسيء التشخيص للمشهد اليمني الذي عنوانه الرئيسي: “عدوان دولي على اليمن بقيادة السعودية مع سبق الإصرار والتعمّد، وبإشراف أمريكي وتعاون بريطاني وإسرائيلي”.
– فالعام السابع للعدوان الغاشم على اليمن دلف الأبواب وما يزال المجتمع الدولي والأممي يعتبر العدوان على اليمن حرباً أهلية.. وهذا دجل وتسطيح للأمور، للهروب من تحمِّل المسؤولية الأخلاقية والقانونية إزاء ما يُقترف بحق اليمنيين من فظائع ومجازر وحشية نتيجة مئات الآلاف من الغارات والعمليات الحربية الجوية والبرية والبحرية التي تشارك فيها أكثر من 10دول بإشراف أمريكي ومساعدة بريطانية إسرائيلية.
– لا أعتقد أن الجميع يجهل تعريف الحرب الأهلية في القانون الدولي الذي يقول: إن الحرب الأهلية هي تلك الصراعات المسلحة التي تقع داخل الدولة الواحدة بين الأفراد والدولة أو بين مجموعة من الأفراد وأخرى”.
– وهناك تعريف أكاديمي للحرب الأهلية يقوم على معيارين: أن تكون المجموعات المتناحرة من نفس البلد وتتقاتل من أجل السيطرة على الوسط السياسي.. أو على دولة انفصالية.
– وبالتالي ومن خلال تلك المفاهيم لا ينطبق على الحرب الدائرة في اليمن والسعودية وصف الحرب الأهلية إضافة إلى كون مسرح الحرب تجاوز الأراضي اليمنية إلى العمق السعودي والإماراتي وكذلك تحوَّل الوجود السعودي والإماراتي في اليمن إلى احتلال، وكل الوقائع والشواهد على الأرض تثبت ذلك، وما حديث سقطرى ببعيد!!
– لا يمكن أن نسمِّيها حرباً أهلية إذا ما علمنا أن عدد غارات طيران تحالف العدوان بلغ قرابة 266700 غارة، انطلقت من خارج الأراضي اليمنية!!
– وماذا يعني مقتل وإصابة 19874 جندياً وضابطاً سعودياً وإماراتياً وسودانياً في الأراضي اليمنية والمناطق الحدودية مع السعودية؟.. أليست حرباً بين دول؟!! هل يعقل أن يكون ذلك العدد من الجنود والضباط قد سقطوا أثناء رحلة صيد برية لمطاردة الصقور والغزلان الشاردة؟!
– ماذا يعني تدمير وإعطاب 8487 دبابة ومدرعة وآلية عسكرية وجرافة للسعودية وأخواتها في تحالف العدوان بأسلحة وولاعات الجيش واللجان الشعبية؟.. ألم تكن هذه الخسائر العسكرية ناتجة عن حرب دول على دولة اسمها اليمن؟!..
– معقول أن تلك الترسانة من أجود الأسلحة الأمريكية كانت في مهمة إنسانية عاجلة لفض الاشتباك بين اليمنيين؟، وهل يعقل أنها كانت في مناورة عسكرية مشتركة تجاوزت الحدود عن طريق الخطأ؟!!.
– أي زيف وتضليل واعتساف للحقائق حينما يصرُّ المجتمع الدولي والمبادرون على أن ما يجري في اليمن من عدوان غاشم -ضحاياه مئات الآلاف من اليمنيين- وحصار جائر، عبارة عن حرب أهلية!!
– حتى سراب (إعادة الامل) ووهم “إعادة الشرعية” المزعومة، لم يعد ينطلي على أحد على الإطلاق، فهذه تعد أكبر كذبة في التاريخ!!
– إن ذريعة (استعادة الشرعية) لم يهضمها حتى أقرب المقربين إليها، ومنهم أبناء المحافظات الجنوبية – خصوم وأصدقاء الانتقالي – وعلى سبيل الذكر أورد هنا تساؤل واستغراب الإعلامي الجنوبي اللامع الزميل عبدالعالم الحميدي- في مداخلة له مع قناة النيل وإذاعة صوت العرب – الذي قال: (إذا كانت الحرب من أجل استعادة الشرعية فلماذا مات مئات الآلاف منَّا واليوم تعلن السعودية إيقافها؟).
– وهو تساؤل أو استغراب لم يجاف الصواب وينم عن شعور يمني جنوبي حقيقي بفداحة المغالطات السعودية والدولية التي تسوقها إعلامياً وسياسياً الرياض وتبرِّر من خلالها قتل الشعب اليمني واحتلال سواحله وجزره وانتهاك سيادته الوطنية وتدمير مقومات بقائه في خارطة العالم!!
– لا قيمة حقيقية لأي مبادرة دولية أو أممية تعتبر العدوان على اليمن حرباً أهلية مهما تجمَّلت بالمسوحات الإنسانية.. وما أدراك ما الإنسانية في الملف اليمني؟.. الإنسانية المحاصرة عرض البحر، والمطارات المؤممة أممياً كحال مطار صنعاء!!
– يا عالم سمَّوا الأحداث والأشياء بمسمياتها قبل إنتاج وطرح أي مبادرة..
– إن تحديد المشكلة والاعتراف والشعور بها هو البداية الحقيقية للحل، ودون ذلك فإن كل المبادرات مضيعة للوقت وتزييف للواقع.