دور التعليم في رعاية الإبداع والابتكار
إب نيوز ٨ إبريل
د.تقية فضائل
َ من أولويات سياسة التعليم في الدول المتقدمة الطامحة إلى النهضة الحقيقية تطوير مهارات الإبداع والابتكار لدى المبدعين والمتميزين والموهوبين ؛كون هذه المهارات ضرورة عصرية ﻻ غنى عنها في عصر الطفرة العلمية والإبداعات الفكرية ؛و ﻷن ‘الأمم لا تتقدم بالعدد الكبير من المُتعلِّمين فيها فحسب، بل وبنوعيَّة المُتعلِّمين وبوجود المُتفوِّقين والموهوبين الذين تستغل الأمة كل طاقاتهم التي تمتاز بالابتكار، وكل ما تستطيعه قدراتهم واستعداداتهم الفذَة،و جهود هذه الفئة تسهم إسهاما كبيرا في تقدم المجتمع ورقيَه ومواكبة التطورات العالمية المتسارعة في شتى المجالات .
ولأن الطلاب المبدعين هم من أبرز عوامل تقدم الأمة وازدهارها ، ويعدون ثروة وطنية ﻻبد من الحفاظ عليها وتنميتها منذ مراحل التعليم الأولى، وهذا لا يتمَ بصورة مثمرة إلا بسياسة وطنية واعية بأهمية رعاية هذه الفئة خاصة وكذلك بفكر تربوي مستنير قادر على التخطيط الدقيق والتنفيذ الأمين. فما دور التعليم في رعاية الإبداع والمبدعين في مختلف المراحل؟
تتولى المدرسة عملية الاهتمام بالمبدعين وتشجيعهم و، وتبدأ هذه الرعاية في رياض الأطفال، وتزداد في المرحلتين الابتدائية والإعدادية،لتصل إلى أوجها في المرحلة الثانوية . ومن أهم صور الرعاية لهذه الفئة تحديد مدارس خاصة بها مزودة بكافة إمكانات التعليم والتعلم بما فيها وسائل التكنولوجيا الحديثة، و يراعى كذلك اختيار كادر المعلمين المؤهلين مهنيا وشخصيا وعلميا ولديهم القدرة الكافية لتنمية التفكير الإبداعي من خلال توظيف الاستراتيجيات والطرق والأساليب الحديثة الهادفة لنموالتفكير الإبداعي لدى المتعلمين وإفساح المجال أمامهم لإبراز قدراتهم و إمكاناتهم في اكتساب المعارف والمهارات والتفكير الإبداعي مثل : استراتيجية العصف الذهني أوالزوبعة الذهنية والتعلم التعاوني وحل المشكلات الإبداعي وحل المشكلات المستقبلية واستراتيجية سكامبر وتآلف الأشتات والكرسي الساخن والتعلم بالتخيل والتفكير الناقد والاكتشاف…وغيرها من استراتيجيات و طرق كفيلة بتحفيز التفكير الإبداعي وتشجيع الابتكار الخلاق، كما أنها تجعل المتعلم عنصرا فاعلا ومؤثرا في العملية التعليمية و تمنحه مزيدا من الثقة في إظهار إبداعاته الفكرية وتحويلها إلى ابتكارات واقعية ، كمايمكن أن تقوم المدرسة التي تهتم برعاية المبدعين بالأنشطة التالية لتفعيل جوانب الإبداع لديهم وتطويرها :
*تنظيم برامج إبداعيِّة يشارك فيها الطلاب المبدعون في أوقات الفراغ.
*استخدام أسلوب التفريد في التعليم.
*تجهيز غرفة مصادر تشتمل على تقنيات حديثة ومُتطوِّرة يتردد عليها الطلاب /التلاميذ المبدعون تحت إشراف مُعلِّم الإبداع.
*تجهيز المكتبة بالكتب الحديثة والمفيدة التي تربي التفكير الإبداعي لدى التلاميذ/ الطلاب المبدعين، وتسمح لهم باستعارتها.
*تنظيم محاضرات حول موضوعات إبداعيِّة ولقاءات لشخصيات مبدعة.
*توفير الإمكانات الماديَّة لتطبيق أفكار الطلاب/التلاميذ المبدعين وتمويل مشاريعهم.
*مكافأة أصحاب الأعمال الإبداعية. وقد نجحت كثير من البلدان المتقدمة تربويا مثل اليابان وأوروبا في تنظيم برامج لرعاية المتفوقين من أبنائهاوحققت نتائج متميزة . ……. وفيما يلي عرض مختصر لبعض التجارب العالمية التي حققت نجاحا باهرا في هذا المجال. …. …. ….. ففي اليابان وبعض أقطار أوروبا الشرقية يوجد مدارس خاصة بالمتفوقين والمبدعين ، وتهتم هذه البلدان بالتنويع والتفريد في الحصة الإلزامية التي تهدف إلى تشجيع الميول الفردية وإيقاظ الاهتمامات وتنمية القدرات، وتعتمد هذه المدارس أسلوب القفز فوق الصفوف ليتمكن الطالب المبدع من القفز من صف أو أكثر ليتمكن من الانتساب إلى الجامعة في وقت مبكر. ……. وفي اليابان وبلدان أوروبا الغربية يسمحون للطلاب المبدعين الالتحاق المبكر بالمدرسة ويزودون بمقررات خاصة تتحدى قدراتهم وهناك مدارس تنشئ نواد علمية يرتادها المبدعون في أوقات الفراغ وتنظم لهم مسابقات ومباريات في مجالات مختلفة. ….. ….. في نهاية هذا المقال الموجز الذي تطرقنا فيه إلى موضوع أهمية تنمية الإبداع والابتكار لدى أبنائنا ،ﻻسيما الموهوبون والمبدعون والمتفوقون وبعض الأمور التي ينبغي مراعاتها في سبيل ذلك، وعرضنا لبعض التجارب والممارسات الناجحة في دول العالم المتطورة تربويا، نحن على أمل أن ينال هذا الجانب اهتماما كبيرا من القائمين على التربية والتعليم نظرا لدوره المهم في تطوير وطننا والنهوض به على أسس علمية تعزز قدرته على التطور والتنمية والاكتفاء الذاتي بجهود أبنائه. .