كاتب و باحث سياسي لبناني : اليمن رأس جزيرة العرب
إب نيوز ١٧ إبريل
يسجل اليمن مزيداً من الانتصارات في جبهاته الوطنية، تفرض على السعودية مزيداً من التراجع في مأرب ومعظم الجبهات الأخرى. ولولا الدعم الأمريكي للقوات السعودية في غير منطقة، لكان اليمنيون اليوم يجولون في عمق المناطق السعودية وبقوة شديدة.
المشكلة أن السعودية ركن أمريكي كبير يربط بين إمكانات النفط الهائلة والقدرات المالية الهائلة، لذلك يعمل الأمريكيون على تأمين الحد المعقول لحماية السعودية ومعها قطر والإمارات من عدة أنواع من الأخطار: إيران واليمن بشكل أساسي ومعهما بلدان أخرى لا تقل خطورة. يكفي أن اليمن أثبت أنه قوة هائلة تتجه إلى التمكن العسكريّ والشعبي في إطار تحالفات عميقة قد تجعل من جزيرة العرب منطقة مفتوحة على معارك لن يجد الأمريكيون منقذاً لمشاكلهم فيها، خصوصاً النواحي النفطية والغازية والاقتصادية.
كيف يتمسك اليمن بجزيرة العرب؟
الأمر ليس صعباً، فمن ناحية الموقع اليمن هو رأس جزيرة العرب وله نفوذ يربط بين عُمان وصحراء سيناء، وابتدأ يخترق السعودية مهدداً قطر وملوحاً بتهديد الإمارات وربما الكويت.
فهل هذا يعني أن اليمن هو الممسك الأساسي بالجزيرة العربية؟ لا شك في أن له دوراً كبيراً فيها، من خلال تحالفاته الكبيرة مع إيران وسورية، وقوته اليمنية الداخلية التي تقوم على تحالفات شعبية قوية، خصوصاً في الشمال، وقد تصل إلى الجنوب الذي بدأ ينتابه إحساس بمظلومية سعودية تنهشه، وظلم إماراتي يحاول السيطرة على جزره كسقطرى وميون والمناطق المواجهة لأفريقيا الساحلية.
هل يتجاوز الدور اليمنيّ حدود الجزيرة؟
هناك من يؤكد أن اليمن ذاهب إلى فلسطين من خلال صحراء سيناء، وقد يعبر أجزاء من السعودية عبر مواجهات قاسية مع الأمريكيين وربما مع قبائل من أصول يمنية، استوردها السعوديون في أوقات قديمة زاعمين أنها من أصول سعودية. اليمن إذن فريق أساسي في الصراع على جزيرة العرب من جهة، والمسرح الفلسطيني من جهة ثانية، وله أدوار في تحالفات عميقة مع إيران والعمق السوري.
يكفي أنه ضارب في عمق التاريخ بمعدل بضعة آلاف سنة مقابل دويلات عربية خليجية لا يزيد عمرها عن أقل من 100 سنة، ومنها السعودية والإمارات وقطر، وغيرها. وهذا يدل على أن العمق التاريخي يهب اليمن إرادة قتال كل تلك القوى الصغيرة المحمية من أمريكا و”إسرائيل”.
وهذا يدل على أن أحداث الأردن ليست بريئة، فهناك ولي العهد السعودي محمد بن سلمان الذي أراد في التمرد الأردني محاولات فرض اتصال أردني ـ سعودي ـ “إسرائيلي” يؤثر على اليمن، وربما على سورية وبلدان عربية أخرى. وهناك يكمن المشروع السعودي الذي بدأ يرى أن “إسرائيل” هي البديل الفعلي القادر على الدفاع عن السعودية وإيلاء محمد بن سلمان أدواراً كبيرة خصوصاً في وجه إيران وسورية.
المشروع إذن هو “إسرائيلي” يرتبط بمحمد بن سلمان عبر وصلة أمريكيّة لا تجد غضاضة في مثل هذا النوع من العلاقات.
فعلاقة تربط بين السعودية و”إسرائيل” والأردن لها أبعاد هامة جداً على مستوى التأثير على إيران وسورية وحزب الله في لبنان كما يعتقد السعوديون والأمريكيون.
فهل يخسر اليمن أمام المشروع السعوديّ؟
لن يخسر أبداً؛ لأنه متمكن شعبياً وقد يجد قوى دولية داعمة له على أكثر من جبهة، خصوصاً في إطار الصراع الأمريكي الروسي الإيراني السوري، وهو صراع يتّجه إلى التطور نظراً إلى التراجع الأمريكي في أكثر من جبهة.
فهل يندلع القتال في جزيرة العرب وسورية وإيران ولبنان؟
الوضع ليس ضعيفاً، والقتال على هذه الجبهة واسع جداً، يكفي أن حزب الله تنظيم وازن ومقتدر ومعه سورية في جناحه الشرقيّ ولبنان في أكثر من نقطة وموقع ما يدل على أن المعارك واسعة ولن تقتصر على بؤر ضعيفة، كما يرى البعض.
الحرب إذن مفتوحة، والصراع اللبناني “الإسرائيلي” ومع سورية لن يكون محدوداً، ما يؤشر إلى أن الإمكانات “الإسرائيلية” محدودة، مهما غالت في تأمين تحالفات.
وهذا يؤكد أن الحلف السوري الإيراني وحزب الله هو الأقوى والقادر على بناء شبكة قتال دائم بوسعها رعاية المنطقة العربية حتى مرحلة وضع “إسرائيل” في زاوية ضيقة ومعها حلفاؤها في الجزيرة العربية وبلدان الخليج.
*د . وفيق إبراهيم
كاتب وباحث سياسي لبناني