هيئة الزكاة .. والتجار !!
إب نيوز ٢٣ إبريل
د.يوسف الحاضري
حتى العاملين عليها إذا كان لديهم تجارة أو مزارع وبلغت أموالهم النصاب فعليهم أن يدفعوا الزكاة إلى هيئة الزكاة فأركان الإسلام لا تسقط بأي حال أو وضعية لأي إنسان عوضا عن أن فوائدها يجب أن يتسابق الجميع لينالوها
وصل إلى مسامعي أن هناك مشاكل بين بعض التجار والهيئة العامة للزكاة بسبب أن الهيئة تلزمهم بتقديم إقرارات مالية مرتبطة بموضوع الزكاة وبعض التجار يرفضون ذلك، وعندما تحريت عن سبب هذا الرفض أبلغت من البعض بأنهم لا يريدون أن يدفعوا كامل الزكاة للهيئة ويريدون أن يجتزوا ولو 25% ليدفعوها مباشرة من قبلهم إلى محتاجين من أقاربهم وجيراتهم أو يقيمون بها مشاريع خيرية رمضانية اعتاد الناس عليها وعليهم كالإفطار أو المخابز الخيرية أو غيرها ، وربما تكون هناك أمور أخرى لم أعرفها، ولكنني سأسلط الضوء على هذا الجانب إن صح بالفعل وكانت هذه هي المشكلة أو جزء من المشاكل التي بينهم..
لو يقول أحدهم في (الركن الثاني من أركان الإسلام) سأصلي صلاة الظهر (المفروضة) ثلاث ركعات وسأؤجل ركعة لوقت آخر أو يقول في (الركن الرابع) سأصوم ثلثي رمضان وأؤجل الثلث الأخير لشهر آخر حسب رؤيتي أو مزاجي فهل يعقل أن يقبل منه أو هل يمكن أن نصف هذا القائل بالمؤمن العاقل الواعي لما يقول رغم أنه يقوم بعملية الصلاة والصيام ويبذل جهدا في ذلك؟! كما هل يعقل أن يقول أحدهم في الركن الثالث من أركان الإسلام (الزكاة) إن أقدم ثلاثة أرباع الزكاة للهيئة والربع الأخير سأوزعه حسب رؤيتي ، في وقت الأركان الخمسة التي فرضها الله على أي إنسان يريد فيها أن يشيد أعمدة الإسلام تشييدا سليما قويا سديدا لا يجب أن يتعامل معهن بمزاجية أو (حسب رؤيتي) بل عليه أن يقوم بها حسب رؤية الله وتوجيهاته ويسلموا تسليما وان يقوموا بدفع كامل الزكاة المستحقة عليهم إلى الهيئة العامة للزكاة والهيئة هي المسؤولة والمفوضة بتوزيعها على المصارف المحددة من الله أيضا دون مزاجية بل كما يريد الله وفقا للأولوية والأكثر أهمية..
أما أولئك التجار الذين يتذرعون بقولهم إنهم يريدون أن يجتزئوا جزءاً من الزكاة ليصرفوها حسب رؤيتهم للفقراء والمساكين ضمن أقاربهم وجيرانهم ومعاريفهم أو لإقامة مشاريع خيرية كالأفران والإفطار وغيرها فعليهم أن يتقوا الله في انفسهم فلا ينفع أن أصلي مثلا صلاة الظهر أربع ركعات وأنوي بركعتين منها نافلة لله فالله غني عننا جميعا ، ولا ينفع أن أصوم رمضان وأنوي بيومين أو ثلاثة أيام نافلة وتطوعاً لله أو مثلا أقضي أياما كانت علي سواء من رمضان ماض أو كفارة يمين أو نذر أو غيرها ، فصيام رمضان يجب أن نصومه كاملا فريضة من الله وبعد رمضان يمكن أن نصوم تطوعا أو قضاء أو كفارة من الأيام التي ليس مكتوباً علينا صيامها (كتب عليكم الصيام) وكذلك إخراج الأموال، فالزكاة يجب أن تخرج للهيئة كاملة (فريضة من الله) ثم بعد ذلك يمكن أن ننفق من أموالنا الأخرى ما نريد لله، نخرجها للفقراء من الأقارب والجيران ونقيم بها مشاريع خيرية ترفعنا عند الله سبحانه وتعالى، ولا نتقوقع فقط في جانب (الزكاة) وما بعدها نقبض أيدينا عن الأنفاق في سبيل الله والصدقة والتجارة مع الله..
ماذا يضر رجل الأعمال هذا أو ذاك وبعد أن يخرج الزكاة المفروضة عليه كاملة لو أخرج 1% من أرباح سنة كاملة ويوزعها على من يريد ويقيم مشاريع خيرية رمضانية ويتمتع بـ99% من الأرباح كخير وبركة من الله دون أن ينظر لمبلغ ما اخرجه من الزكاة وينظر لما بقي له من أموال رزقه الله إياها ويأمل أن يبارك له الله فيها وعليهم ان يقفوا كثيرا عند هذه الآيات من سورة البقرة ( أَيَوَدُّ أَحَدُكُمْ أَنْ تَكُونَ لَهُ جَنَّةٌ مِنْ نَخِيلٍ وَأَعْنَابٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ لَهُ فِيهَا مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ وَأَصَابَهُ الْكِبَرُ وَلَهُ ذُرِّيَّةٌ ضُعَفَاءُ فَأَصَابَهَا إِعْصَارٌ فِيهِ نَارٌ فَاحْتَرَقَتْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللهُ لَكُمُ الْآَيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُون(266َ) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَلَا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ وَلَسْتُمْ بِآَخِذِيهِ إِلَّا أَنْ تُغْمِضُوا فِيهِ وَاعْلَـمُوا أَنَّ اللهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ (267) الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُمْ بِالْفَحْشَاءِ وَاللهُ يَعِدُكُمْ مَغْفِرَةً مِنْهُ وَفَضْلًا وَاللهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ (268) )
فعدم الإنفاق والصدقة إيمان بالشيطان وكفر بالله، وبقية التدبر أتركه لكم وأريد أن أذكركم في الأخير أن الله توعد الذين يكنزون الأموال التي يجمعونها بالحلال وبالتجارة الحلال دون أن ينفقوا منها بقوله تعالى في سورة التوبة ( وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلَا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ(34) يَوْمَ يُحْمَى عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَى بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ هَذَا مَا كَنَزْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ فَذُوقُوا مَا كُنْتُمْ تَكْنِزُونَ(35)) فكيف سيكون التهديد لأولئك الذين لا يخرجون الزكاة (التي هي فرض وركن من أركان الإسلام) أو يتلاعبون بها..
على رؤوس الأموال والتجار ألا ينظروا إلى ما كتبه الله للفقراء والمساكين من أموالهم والذي لا يتجاوز 2.5% وان ينظروا إلى ما أبقاه الله لهم (97.5%) ولو كان الله فرض عليهم أن يزكوا النصف كاملا من أموالهم فسيكونون ملزمين بذلك ولكن رحمة الله ورأفته بهم جعل النسبة قليلة جدا جدا وعليهم أن يحسنوا كما أحسن الله لهم مبتغين في ذلك الدار الآخرة ليكسبوا خير الدنيا (بثرائهم) والدار الآخرة بنجاحهم في ابتلائهم بهذه الأموال فعدم اتباع هذه التوجيهات الربانية هي الفساد كل الفساد في الأرض وعليهم ان يراجعوا قصة قارون في سورة القصص ويتدبروها.. والله من وراء القصد.
*كاتب وباحث في الشئون الدينية والسياسية
abo_raghad20112@hotmail.com