(نص + فيديو) المحاضرة الرمضانية السابعة عشرة للسيد عبد الملك بدر الدين الحوثي 17رمضان 1442هـ
إب نيوز ٢٩ إبريل
لتحميل الملف
أَعُـوْذُ بِاللهِ مِنْ الشَّيْطَان الرَّجِيْمِ
بِـسْـــمِ اللهِ الرَّحْـمَـنِ الرَّحِـيْـمِ
الحمدُ لله رَبِّ العالمين، وأَشهَـدُ أن لا إلهَ إلَّا اللهُ الملكُ الحقُّ المُبين، وأشهَدُ أنَّ سيدَنا مُحَمَّــداً عبدُهُ ورَسُــوْلُه خاتمُ النبيين.
اللّهم صَلِّ على مُحَمَّــدٍ وعلى آلِ مُحَمَّــد، وبارِكْ على مُحَمَّــدٍ وعلى آلِ مُحَمَّــد، كما صَلَّيْتَ وبارَكْتَ على إبراهيمَ وعلى آلِ إبراهيمَ إنك حميدٌ مجيدٌ، وارضَ اللهم برضاك عن أصحابه الأخيار المنتجبين، وعن سائر عبادك الصالحين.
اللهم اهدنا، وتقبَّل منا، إنك أنت السميع العليم، وتب علينا، إنك أنت التواب الرحيم.
أيُّها الإخوة والأخوات
السَّـلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ؛؛؛
نعود إلى الحديث على ضوء الآية المباركة في سورة الأنعام، وكان سياق الآية في قوله “سبحانه وتعالى”: {وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ مِنْ إِمْلَاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ}[الأنعام: من الآية151]، وتحدَّثنا على ضوء هذه الآية المباركة، وعلى ضوء هذا النص، هذه الفقرة من هذه الآية عن كيف يتعامل البعض مع مشكلة الفقر، وبالذات الفقر الشديد (الإملاق)، وقد يدفع البعض تدفعه معاناته من الفقر الشديد إلى أن يعتمد على وسائل محرَّمة، على وسائل محرَّمة، يسعى من خلالها لعلاج هذه المشكلة، أو للتعامل مع هذه المشكلة، وقد يظلم أبناءه وبناته، وقد يرتكب محرَّمات أخرى، وقد يظلم المجتمع من حوله، وقد يظلم البعض، فالوسائل المحرَّمة كثيرة التي يلجأ إليها البعض في التعامل مع هذه المشكلة، تحدَّثنا عن البعض، ونتحدث- إن شاء الله- لاحقاً في المحاضرات القادمة عن جوانب أخرى.
الله “سبحانه وتعالى” بعد هذا النهي قال “جلَّ شأنه”: {نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ}، فهو هنا “سبحانه وتعالى” يلفت نظرنا إلى كيف نتوجه بشكلٍ صحيح لمكافحة هذه المشكلة، ولمواجهة هذه المشكلة: بالعودة إلى الله “سبحانه وتعالى”، والالتجاء إليه “جلَّ شأنه”، والأخذ بأسباب الرزق، والاعتماد على توجيهاته “جلَّ شأنه”، {نَحْنُ}: الله “جلَّ شأنه”، الرزاق، الكريم الوهاب، الغني الحميد، ذو الفضل الواسع العظيم، من بيده ملكوت كل شيء، من بيده خزائن السماوات والأرض، يقول “جلَّ شأنه”: {نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ}، وهذا طمأنة، وضمانة، ووعد إلهي لا يمكن أن يتخلَّف أبداً؛ لأن الله “جلَّ شأنه” لا يخلف وعده أبداً، يقدِّم الضمانة لعباده، ولمن يعانون من هذه المشكلة أيضاً، أنه متكفلٌ برزقهم وبرزق أولادهم: بنين وبنات، فهذه الضمانة مهمة جداً؛ لأنها أول ما تعالجه في مشكلة الفقر: هو القلق النفسي، والضغط النفسي؛ لأنه يترك تأثيراً سيئاً جداً على الإنسان، ويكون هو الدافع لارتكاب الجريمة، والدافع للاعتماد على وسائل محرَّمة، القلق، والضغط النفسي، والتوتر النفسي، والانزعاج النفسي.
عندما يكون الإنسان معانياً من جهة، وفاقداً للأمل في الحصول على متطلبات حياته الضرورية من جهةٍ أخرى بالطريقة الصحيحة، والطريقة السليمة، والطريقة المشروعة، فهذا الضغط النفسي يؤثِّر عليه، فمع يأسه يفكِّر بوسائل محرَّمة، ويوسوس له الشيطان أيضاً ويشجِّعه، وقد يأتي أيضاً من شياطين الإنس من لهم أنشطة واهتمامات وأعمال كثيرة جداً وفق الوسائل المحرَّمة، وبالطرق غير المشروعة، فيسوِّلون له أيضاً، ويوسوسون له، ويشجِّعونه على الاتجاه معهم في الاتجاهات الخاطئة، وفي اعتماد الوسائل والأساليب المحرَّمة، فهذه ضمانة مهمة لمعالجة هذه الحالة النفسية، وعلى الإنسان أن يثق بالله “سبحانه وتعالى”؛ وبالتالي يتجه الاتجاه الصحيح لمواجهة هذه المشكلة، بدءاً بالالتجاء إلى الله “سبحانه وتعالى”، ثم الأخذ بالأسباب التي أرشد إليها.
الله “سبحانه وتعالى” من أسمائه الحسنى: الرَّزاق، هو الذي يرزق، وهو “سبحانه وتعالى” خلق لنا الأرزاق، خلق الأشياء الكثيرة جداً، وأنعم علينا بالنعم الوافرة جداً، التي فيها رزقٌ لنا، تلبِّي احتياجاتنا، تتوفر لنا من خلالها متطلبات حياتنا، وأساسيات معيشتنا، وما نحتاج إليه.
عندما نعود إلى القرآن الكريم نجد في آياته الكثير والكثير من الحديث عن نعم الله “سبحانه وتعالى”، وعما أعده لنا من الأرزاق؛ لأن الله “سبحانه وتعالى” هو الرَّزاق، كما قال “جلَّ شأنه” عنه نفسه: {هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ}[الذاريات: من الآية58]، الرَّزاق ذو القوة، المقتدر على أن يخلق ما يشاء ويريد مما يحتاج إليه عباده، ومما تحتاج إليه خليقته، والقادر على إيصال ذلك إليهم، والقادر على أن يجعله على النحو الذي يناسب احتياجاتهم، فلا يعجز ولا يضعف “جلَّ شأنه” عن ذلك.
يقول جل شأنه: {وَاللَّهُ خَيْرُ الرَّازِقِينَ}[الجمعة: من الآية11]؛ لأن رزقه واسع، ورزقه عظيم، ورزقه على أرقى مستوى، نعمه نعمٌ عظيمة.
يقول “جلَّ شأنه”: {وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا}[هود: من الآية6]، وليس فقط بني آدم، وليس فقط الإنسان، إنما كل الدواب التي على الأرض، {عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا}، فهو قد خلق أرزاقها، وهيَّأ لها الهداية إلى أرزاقها، وسخَّر لها ما تحتاج إليه في ذلك، وهيَّأ لها الظروف المناسبة لذلك، كل ما يتطلبه الموضوع هيَّأه، {وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا}[هود: من الآية6]، هو قادرٌ “جلَّ شأنه” على تدبير أمر رزقها، {كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُبِينٍ}[هود: من الآية6].
يقول “جلَّ شأنه”: {فَابْتَغُوا عِنْدَ اللَّهِ الرِّزْقَ وَاعْبُدُوهُ وَاشْكُرُوا لَهُ}[العنكبوت: من الآية17]؛ لأنه هو الرزَّاق، هو الذي بيده خزائن السماوات والأرض، هو الذي بيده ملكوت كل شيء، الذي هو على كل شيءٍ قدير، فنطلب منه الرزق، ونبتغي منه الرزق، ونأخذ بالأسباب العملية، والأسباب المعنوية، والأسباب المتنوعة التي أرشدنا إليها للحصول على الرزق والبركة.
يقول “جلَّ شأنه”: {وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ}[الإسراء: من الآية70]، هو “سبحانه وتعالى” رزقنا، وليس أيَّ رزقٍ عادي، إنما من الطيِّبات، رزق بني آدم من الطيِّبات، من طيِّبات الرزق، ولهذا النعم التي أنعم بها علينا، ورزقنا بها في الحياة، هي كلها في إطار الطيِّبات، {وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا}[الإسراء: من الآية70].
يقول “جلَّ شأنه” أيضاً: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ}[فاطر: الآية3]، هو “جلَّ شأنه” الذي خلق كل ما نحتاج إليه، متطلبات حياتنا الأساسية هي من خَلْقِه، خلقها رزقاً لنا، ونعمةً علينا، وجعلها من الطيِّبات، في المأكولات، والمشروبات، والملبوسات… ومختلف أغراض الحياة للإنسان، ليس هناك إلهٌ آخر يمكن أن نقول: [أمَّا تلك النعم فهو الذي أوجدها وخلقها من العدم].
يقول “جلَّ شأنه” أيضاً: {لَهُ مَقَالِيدُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَبْسُطُ الرِّزْقَ}[الشورى: من الآية12]، يعني: يوسِّعه، {لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ}[الشورى: من الآية12]، يجعله بِقَدَر، وفق حكمته “سبحانه وتعالى”، لكنه يرزق، يرزق الجميع، ويصل رزقه إلى الجميع.
من أسمائه “سبحانه وتعالى”: الوهاب، من أسمائه الحسنى، فهو المنعم واسع النعمة، والذي يهب الكثير والكثير من نعمه لعباده، سواءً ما كان منها النعم الجماعية، أو على مستوى كل شخصٍ منهم، أو مستوى ما أنعم به على البعض منهم، الوهاب، فهو يهب الكثير والكثير والكثير بغير حساب، يقول “جلَّ شأنه”: {أَمْ عِنْدَهُمْ خَزَائِنُ رَحْمَةِ رَبِّكَ الْعَزِيزِ الْوَهَّابِ}[ص: الآية9].
من أسمائه الحسنى “سبحانه وتعالى”: الكريم، {يَا أَيُّهَا الْإِنْسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ}[الانفطار: الآية6]، {تَبَارَكَ اسْمُ رَبِّكَ ذِي الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ}[الرحمن: الآية78]، ولذلك نعمه واسعةٌ جداً، عطاؤه عطاءٌ واسعٌ جداً، وعطاءٌ كريم، يقدِّم أحسن الأشياء، أفضل الأشياء، ذات جودة عالية، ذات منفعة كبيرة، ذات جمال وروعة، نجد هذا في مختلف ما أنعم به علينا من المأكولات وغيرها.
قرأنا في سورة الرحمن في الحديث عما فيها من النعم، وما عرضه الله لنا من النماذج من النعم العامة، وكيف هي على أرقى مستوى، وتحدَّثنا على ضوئها عن كثيرٍ من النعم، وهناك أيضاً حديثٌ واسعٌ جداً في القرآن الكريم عما أنعم الله به، بدءاً من الحديث عن تجهيز هذه الأرض بمتطلبات احتياجاتنا كافة، الأرض بكلها ككوكب نعيش عليه، هيَّأها الله لحياتنا من كل الجوانب، ووفر فيها كل متطلبات حياتنا، فهو “جلَّ شأنه” يقول: {وَلَقَدْ مَكَّنَّاكُمْ فِي الْأَرْضِ وَجَعَلْنَا لَكُمْ فِيهَا مَعَايِشَ قَلِيلًا مَا تَشْكُرُونَ}[الأعراف: الآية10]، فهيَّأ فيها ما نحتاج إليه لمعيشتنا، ومكننا، هيَّأ لنا فيها الحركة، العمل، السعي فيها للإنتاج، فأتى التمكين مع ما أعدَّ فيها من النعم، وما جعل فيها من المعايش، ما نحتاج إليه لمعيشتنا، فهيَّأ فيها ما نحتاج إليه من المعايش، وجعل حتى في البشر أنفسهم على المستوى المعرفي والذهني، وعلى مستوى ما منحهم من طاقات وقدرات، وهيَّأ لهم من وسائل وأسباب ما يصلون فيه إلى معايشهم، وما تتوفر لهم من خلاله احتياجاتهم ومتطلباتهم الأساسية.
يقول “جلَّ شأنه” أيضاً عن الأرض: {وَالْأَرْضَ مَدَدْنَاهَا}[الحجر: من الآية19]، يعني: جعلها مبسوطة، هي كروية، ولكنها مبسوطة، وليست كلها أماكن شاهقة، ومعلَّقة، وصعبة الحركة، {وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ}[الحجر: من الآية19]، الجبال التي تثبتها، وتجعلها مستقرةً، لا تكون مضطربةً، حتى لو كانت في حركة، فهي حركة من دون اضطراب يؤثِّر على حياة الإنسان، والجبال بنفسها كثيرٌ منها جعلها الله مغطاة بالتراب؛ حتى يتهيَّأ عليها السكن، والزراعة، والاستفادة منها، وكثيرٌ منها أودع الله فيها أصناف وأنواع من المعادن، ويستفيد الإنسان منها في عملية البناء، ويستفيد الإنسان منها في أغراض كثيرة، مع أنها تقوم بمهمة رئيسية في استقرار حياة البشر على الأرض؛ باعتبارها رواسي.
{وَأَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مَوْزُونٍ}[الحجر: من الآية19]، مختلف النباتات، مئات الآلاف من النباتات المتنوعة، والتي لها فوائد متنوعة، تنفع هذا الإنسان، شيءٌ منها: في غذائه، شيءٌ منها: في طبه وعلاجه، شيءٌ منها: في ملبسه وكسائه وأثاثه، شيءٌ منها: في مسكنه ومتطلبات عمرانه… فوائد كثيرة جداً، إضافة إلى فائدتها على الأرض نفسها فيما يتعلق بالأوكسجين، والتمثيل الضوئي ومنافع أخرى، وفائدتها أيضاً للثروة الحيوانية التي يستفيد منها الإنسان كذلك، وكلها بشكلٍ متوازن، وبقدرٍ مناسب.
{وَجَعَلْنَا لَكُمْ فِيهَا مَعَايِشَ}[الحجر: من الآية20]، ما تحتاجون إليه في معيشتكم، في أكلكم، في شربكم، في غذائكم، في متطلبات حياتكم، في وسائل دخلكم، {وَمَنْ لَسْتُمْ لَهُ بِرَازِقِينَ}[الحجر: من الآية20]، الدواب والحيوانات الأخرى التي هي خارج إطار اهتمامكم في هذه الحياة.
وهكذا أيضاً يذكِّرنا بهذه النعمة، ويلفت نظرنا إلى استثمار هذه النعم، من منطلق أنه استخلفنا على هذه الأرض، وجعل لنا هذا الدور المهم في استثمار نعمها وفق توجيهاته وهديه، يقول “جلَّ شأنه”: {هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ}[الملك: الآية15]، هو “سبحانه وتعالى”، هو ربنا الذي يجب أن نعبده، وأن نشكره، وأن نتحرك في استثمار نعمه وفق توجيهاته وتعليماته؛ لأنها التعليمات الصحيحة التي يتهيأ لنا من خلالها الاستثمار لنعمه على أرقى مستوى، وبما يحقق لنا التكامل المعنوي والمادي، والسمو الروحي مع بعض.
{هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا}، هيَّأ الله لنا الأرض لنعمل عليها، لنتحرك عليها، لنسافر فيها، لنعمل فيها الأشياء الكثيرة جداً وهي مهيأة لذلك، مسخَّرة لذلك، وهذا عامل مهم جداً في التمكين في النعمة، كان بالإمكان أن تكون هذه الأرض كثيرة الزلازل جداً، ومضطربة، ومليئة بكلها بالبراكين، وفي وضعية غير مستقرة، فتكون الحياة عليها صعبةً جداً، لكن الله هيَّأ لنا أن تكون ذلولاً: مستقرةً، وتستقر الحياة عليها، وأن يتهيَّأ لنا فيها الكثير من الأعمال والأشغال في ظاهرها وباطنها.
{فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ}، مطلوب منا أن نستثمر هذه النعم، أن نتحرك في هذه الأرض، أن نعمل، لا يمكن أن نستفيد من هذه النعم ونحن نعتمد على البطالة، والجمود، والكسل، والإهمال، والقعود، لا بدَّ من الحركة، من الأخذ بالأسباب، والله “سبحانه وتعالى” زوَّد الإنسان في مداركه ومعارفه، وهداه وألهمه، وجعل له أيضاً في وسائل هذه الحياة ما يستفيد منه، {وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ}، فهيَّأ المعايش، وهيَّأ الأسباب والوسائل، ومع ذلك سخَّر، يقول “سبحانه وتعالى”: {أَلَمْ تَرَوْا أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلَا هُدًى وَلَا كِتَابٍ مُنِيرٍ}[لقمان: الآية20]، نعمة التسخير هي نعمةٌ عظيمةٌ جداً؛ لأن الله “سبحانه وتعالى” خلق هذه النعم، نعم كثيرة جداً، وموارد ضخمة جداً للثروات التي يحتاج إليها الإنسان، ويستفيد منها الإنسان، وينتفع منها الإنسان في شتى مجالات حياته، ولكن مع ذلك سخَّر، فهو جعل هذه النعم وفق نظم، وجعل فيها خصائص يستفيد الإنسان من خلالها بأشكال كثيرة، وبأساليب متنوعة، وبأشكال متعددة، فيكون لك في استخدام أي نعمة من النعم طرق كثيرة، وفوائد كثيرة، ومنافع متنوعة، وهذه من النعم العجيبة جداً التي أنعم الله بها على الإنسان.
في مسألة التسخير يأتي الحث لنا في القرآن الكريم إلى التفكير، والتفكر، ودراسة هذه الأشياء، دراسة هذه النعم، معرفة ما أودع الله فيها من الخصائص والمنافع، وكيفية استثمارها، والانتفاع بها، والاستخراج لها، وإعادة إنتاجها بأشكال متنوعة ومتعددة.
أيضاً النظم والسنن الكونية، والقوانين الكونية، التي أودعها الله في السماوات وفي الأرض، وفيما يتعلق بمختلف ما خلقه لنا في هذه الحياة، وأتى أشياء كثيرة جداً، مما يدرس الآن في علم الفيزياء، وفي علم الكيمياء، ما يجعل لدى الإنسان إمكانية واسعة لاغتنام هذه الثروات، والانتفاع من هذه المنافع التي أوجدها الله “سبحانه وتعالى”، كل ذلك عن طريق التسخير، الله “سبحانه وتعالى” هو الذي هيأ لنا هذه النعم، وجعل فيها هذه الخصائص، وجعل فيها أيضاً إمكانية أن نستثمرها وننتفع منها بأشكال متعددة، ثم الوسائل لذلك، الوسائل التي نحتاج إليها في ذلك، الله “سبحانه وتعالى” هو الذي هيأ لنا هذه الوسائل، التي ساعدتنا في حركتنا في الحياة، وفق نظم جعلها وفق تدبير وتهيئة وتسخير لهذه الأشياء التي خلقها لنا، فننتفع منها بأشكال كثيرة جداً.
عنوان التسخير هو من أهم العناوين في القرآن الكريم، وهو يلفت نظر الإنسان إلى استثمار هذه النعم والحركة فيها، والاستفادة من ذلك، من خلال العلم، التفكير، التجربة، الدراسة، الهداية الإلهية التي تأتي له في ضمن ذلك، في ضمن اهتماماته العلمية الصحيحة، في ضمن اهتماماته، في تجاربه في الحياة، في ضمن توجهه لاستثمار هذه المنافع.
{وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ}[لقمان: من الآية20]، أسبغها وأتمها، نعم كثيرة جداً ووافرة، {ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً}، منها ما هو ظاهر أمام أعيننا مشاهد وملموس، ومنها ما هو باطن:
إما باطن في الأرض، في باطن الأرض، نستخرجه من باطن الأرض، مثل ما فيها من الثروة النفطية، والمعادن، والخيرات الكثيرة جداً.
أو موجود، إنما خارج إدراك الإنسان، لكنه بالتجربة يكتشفه ويلمسه، مثل ما قصة الأثير، مثل ما يستفيد الإنسان منه في الموجات التي يعتمد عليها في الاتصالات، وفي غير ذلك.
وكذلك ما لا ينتبه له الإنسان من النعم ويغفل عنه، وهو كثير في ألطاف الله “سبحانه وتعالى”، وفي رحمته الواسعة، وفي فضله الواسع.
الله “سبحانه وتعالى” أيضاً يقول في القرآن الكريم: {اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقًا لَكُمْ}[إبراهيم: من الآية32]، الماء من الثروات الأساسية، ومن الاحتياجات الضرورية، يعتمد عليه الإنسان في حياته بشكلٍ واسع، بدءاً من الشرب، وكذلك بشكلٍ أساسيٍ جداً فيما يتعلق بالزراعة، الماء ثروة مهمة جداً، ونعمة عظيمة، من النعم العظيمة التي أنعم الله بها علينا، وأيضاً هيأ لنا وسائل للاستفادة من هذه الثروة بأشكال كثيرة، وأيضاً في التعامل معها، عندما تأتي الأمطار، تأتي مياه كثيرة جداً، ولكن في كثيرٍ من الدول يتجه البشر إلى كيف يخزنون هذه المياه بشكلٍ أفضل، في سدود، في حواجز، في برك، في أشكال متنوعة.
عندنا نحن العرب تقصير في هذا الجانب وقصور، قصور في العناية بالاستفادة من تخزين هذه المياه، ومن حسن تصريفها، حسن تصريفها وفق قنوات، ضمن أنشطة واهتمامات زراعية واسعة منظمة، ولذلك تجد كيف تتحول المسألة إلى مشكلة في كثير من المناطق، الكثير من الناس يبنون منازلهم في مجرى السيل، وتأتي المآسي، وتتكرر مثل هذه المآسي، أيضاً لا ينظمون تصريف هذه المياه التي تأتي وتتدفق من الأمطار، وفق طريقة يستفاد منها في الزراعة، فتتحول الأمطار إلى مشكلة عند الكثير من الناس، وفي الكثير من المناطق، لهذا السبب، وتتحول- في نفس الوقت- مشكلة الجدب مشكلة أخرى، فإن جاء جدب، صاح الناس من الجدب، وإن جاءت الأمطار ونعمة الغيث، صاح الناس من ذلك، وكثرة الإشكالات، والمشاكل، والمعاناة، والمآسي في كثيرٍ من الأحيان، ليس هناك حُسن تعامل، ورشد في التعامل مع هذه النعم، هذه نعمة، كيف نتعامل معها؟ كيف نستفيد منها على نحوٍ واسع، بأشكال متنوعة، بوسائل متنوعة؟ ذهنية الناس- خاصةً لدينا نحن العرب- بعيدة عن التركيز على هذه الأمور؛ لأن واقع الحياة عند العرب أصبح عشوائياً إلى حدٍ كبير، وفوضوياً إلى حدٍ كبير؛ لأنهم فقدوا عناصر أساسية تبنى عليها النهضة والحضارة.
{وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً}، فالشيء الصحيح أن يتجه الإنسان- مع الشكر لله “سبحانه وتعالى”- إلى استثمار هذه النعمة، إلى العمل على كيفية الاستفادة منها بشكلٍ واسع، إلى حسن تصريفها، لاحظوا حتى عندما تنزل، تنزل سيول ضخمة جداً إلى مناطق زراعية، إلى الجوف مثلاً، أو إلى تهامة، أو إلى مناطق أخرى، مسألة الاستفادة منها، تصريف هذه المياه، عبر قنوات مفيدة للزراعة عمل ضعيف جداً، وغائب إلى حدٍ كبير، في المناطق نفسها كان الآباء والأجداد يهتمون بالبرك وخزانات المياه بأفضل من الآن بكثير، غابت هذه المسألة إلى حد كبير لدى الناس، الحواجز والسدود لم تكن من المشاريع الرئيسية التي تهتم بها الدولة فيما مضى، ولا المواطنون، الحواجز للمياه بأشكال متنوعة مسألة ضعيفة جداً، ويقل الاهتمام بها، لا التصريف، ولا وسائل وإمكانات التخزين للمياه.
{فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقًا لَكُمْ}، الزراعة، الزراعة بمختلف محاصيلها: الفواكه، الحبوب، مثل: الذرة، البر، الشعير…إلخ. مختلف أنواع المحاصيل الزراعية: الخضروات…إلخ. ثروة ومورد ضخم؛ لأنه عند الحديث عن الجانب الاقتصادي، من أول ما يأتي الحديث عنه: الموارد، الموارد العامة التي تمثل ثروة حقيقية للأمة، المياه، الزراعة، الزراعة ثروة رئيسية، ثروة مهمة، ثروة عظيمة، إذا أحسن الإنسان الاستفادة منها، واشتغل فيها بشكل صحيح، والتزم فيها بالضوابط الشرعية والتوجيهات الإلهية، تأتي له البركات أيضاً، وتعالج له مشاكل كبيرة في حياته، ونأتي- إن شاء الله- للحديث عن هذه الأمور لاحقاً.
{وَسَخَّرَ لَكُمُ الْفُلْكَ لِتَجْرِيَ فِي الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ وَسَخَّرَ لَكُمُ الْأَنْهَارَ (32) وَسَخَّرَ لَكُمُ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ دَائِبَيْنِ وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ (33) وَآتَاكُمْ مِنْ كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ}[إبراهيم: 32-34]، حتى نعمة الوقت، نعمة الوقت من النعم العظيمة جداً، إذا أحسن الإنسان استثمار وقته، وهي من النعم التي يهدرها الناس، من أكثر ما يفرط الناس فيه هو في نعمة الوقت، كم يضيعون من الأوقات في أشياء تافهة، كم يضيعون من الأوقات في كلام كثير جداً، بالذات عندنا في اليمن مع القات، تأتي الأفكار الخيالية، وعلى حسب التعبير المحلي [الهدرة]، كلام كثير لا فائدة منه، وتضييع أوقات طويلة جداً، حتى نعمة الوقت من أعظم النعم، من أهم النعم، إذا أحسن الإنسان إدارته، ونظمه، واستثمره في العمل، وتخلص من الأشياء الكثيرة التي لا قيمة لها، لا أهمية لها، لا داعي للكلام الكثير عنها، كثير من الأمور لا داعي للكلام الكثير عنها، يمكن أن يختصر الكلام بشأنها؛ لاستثمار الوقت، وإن شاء الله نتحدث أيضاً عن نعمة الوقت في وقتٍ لاحق بشكلٍ أوسع.
{وَآتَاكُمْ مِنْ كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ}، كل متطلبات حياتنا قد أوجدها الله لنا، إنما بقي كيف نستثمرها، كيف نعمل فيها، {وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا}، نعم واسعة جداً، وكثيرة جداً، وهائلة جداً، لا يمكن إحصاؤها وحصرها، إلى هذه الدرجة.
يقول “سبحانه وتعالى”: {وَالْأَنْعَامَ خَلَقَهَا}، الأنعام: الإبل، البقر، الغنم (الماعز، والضأن)، من أعظم النعم، ثروة حيوانية ذات أهمية كبيرة جداً في حياة الإنسان؛ إنما كيف يستثمر هذه النعمة؟ كيف يستفيد منها؟ {وَالْأَنْعَامَ خَلَقَهَا لَكُمْ فِيهَا دِفْءٌ وَمَنَافِعُ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ (5) وَلَكُمْ فِيهَا جَمَالٌ حِينَ تُرِيحُونَ وَحِينَ تَسْرَحُونَ}[النحل: 5-6]، الثروة الحيوانية، إضافة إلى الثروة الزراعية، ثورة ضخمة جداً، ومهمة جداً، والإنتاج منها إنتاج واسع، الإنتاج الغذائي إنتاج واسع، الحليب ومشتقاته الكثيرة جداً، اللحوم، وهكذا، أشياء كثيرة، الزبدة، وأيضاً في الدفء والأثاث، والملابس، منه أشياء كثيرة جداً، ومع جماله، ومنافع أخرى، منافع أخرى، فهي من الموارد الضخمة والمهمة، والمهيأ للإنسان أن يستثمر فيها، أن يربي أبقاراً، أو أغناماً، أو ماعز، أو إبل، تنتج، ويكون مصدر رزق مهم له.
كان العرب فيما مضى يهتمون بهذه الثروة، إلى حد أنها كانت من عمولاتهم الرئيسية التي يدفعون فيها الديات، ويدفعون فيها المهور، ويدفعون فيها أشياء كثيرة، وكان لديهم مئات الآلاف من هذه النعمة، من الأنعام، من المواشي، من الأبقار، والأغنام، والإبل، كانت ثروة رئيسية في العالم العربي، الآن تقلصت وتركها أكثر الناس، الناس أفقروا أنفسهم، أفقروا أنفسهم، يذهبون إلى الفقر، إلى الفقر، سياسيات خاطئة، أفكار خاطئة، يتكدسون في المدن، ويجلسون في شقق منعزلة، ويتركون أرض الله الواسعة، حيث يمكنك أن تربي أبقاراً وأغناماً، وإبلاً، وتمتلك هذه الثروة، وتنتجها، وتستفيد منها في غذائك، وتمثل مصدر دخل لك، لكن ماذا؟ يتهربون يعني، هناك تيه عجيب في العالم العربي.
يقول “سبحانه وتعالى”: {وَهُوَ الَّذِي سَخَّرَ الْبَحْرَ لِتَأْكُلُوا مِنْهُ لَحْمًا طَرِيًّا وَتَسْتَخْرِجُوا مِنْهُ حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا وَتَرَى الْفُلْكَ مَوَاخِرَ فِيهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ}[النحل: الآية14]، الثروة البحرية ثروة ضخمة جداً، فيها المأكولات، الأسماك، نعمة كبيرة جداً؛ إنما كيف يستثمر الإنسان هذه النعمة بشكل صحيح ولا يخرب، ولا يخرب، وكيف ينمي وسائل الإنتاج، ويطور وسائل الإنتاج، وينظم آليات العمل، بطريقة تكون عملية الإنتاج أقل كلفة وأكثر وفرة، إضافة إلى الحلية: الزينة، حتى الزينة تستخرج من بين البحر، الحركة فيه، الحركة التجارية، حركة السفن والقوارب…إلخ. وسيلة للحصول على النعمة، ووسيلة للشكر، حتى للدين، شكر النعمة، فتكون نعمة الشكر نعمة حاضرة، وليس فقط نعمة الصبر على الفقر، بل ونعمة الشكر على النعمة.
موارد ضخمة، الأرض مورد اقتصادي ضخم، فيها المعادن بكل أنواعها، فيها ما يحتاجه الإنسان للعمران والبناء… أشياء كثيرة جداً تستخرج من الأرض، ثروات ضخمة.
الزراعة ثروة ومورد ضخم جداً ومتاح، هناك أراضي زراعية شاسعة جداً، واسعة وكثيرة، ومناطق لا زالت أكثرها مهملة، لم تستصلح بعد، والقطاع الزراعي مورد ضخم جداً، ويمكن تطويره، وتحسين الإنتاج فيه، وتقليل التكاليف…إلخ.
المياه مورد ضخم جداً، ويمكن الاستثمار لها، والانتفاع منها بشكلٍ أفضل، الثروة الحيوانية، الثروة البحرية، الموارد موجودة، الموارد العامة موجودة، ليس هناك أزمة في الموارد، عندنا في اليمن مثلاً، وفي مختلف البلدان العربية، وفي بقية العالم، لكن الغبن كبير في العالم العربي، والغبن كبير عندنا في اليمن، كانوا يقولون في المناهج الدراسية، وفي الإعلام الرسمي- فيما مضى- أننا بلد فقير بالموارد، هذا كذب، هذا كذب، نحن بلدٌ غنيٌ بموارده، عندك أرض، أو إن احنا في الهواء معلقين! عندك إمكانية للزراعة، بل وتنوع بيئي يساعدك على التكامل في المحاصيل الزراعية، البيئة الجبلية تنتج أنواع معينة ممتازة جداً من المحاصيل الزراعية، البيئة في المناطق الشرقية تنتج أيضاً أنواع معينة وبوفرة كبيرة وجودة عالية في محاصيل زراعية معينة، البيئة في تهامة كذلك يمكن أن تنتج محاصيل كثيرة جداً، وبجودة عالية.
هذا مهيأ، هذا ممكن، رؤوس الأموال متوفرة، الاستهلاك متوفر، الموارد موجودة، الموارد البحرية، الموارد في الأرض: المعادن… إلى غير ذلك، المياه تأتي، الأمطار تأتي، تأتي أمطار غزيرة، ومع التقوى والإيمان تأتي أيضاً بشكلٍ أكثر، ويمكن للإنسان أن يستفيد منها في تصريفها وتنظيم قنوات الري، وتنظيم عملية الري، كذلك مسألة الاستفادة منها في الحواجز، والسدود، والبرك… هذا يتطلب عمل وأفكار صحيحة، وعمل صحيح، وجد واهتمام، ومن منطلق صحيح.
أضف إلى ذلك مع كل هذه النعم والموارد الضخمة يفتح الله المزيد مع الإيمان والتقوى، الله قال “جلَّ شأنه”: {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ}[الأعراف: من الآية96]، أن يمد بالمزيد، وأن يجعل البركة في الحاصل، وأن يمن من نعمه الواسعة جداً، يفتح البركات، فالموارد الاقتصادية موجودة؛ إنما كيفية الاستثمار لها، والاستفادة منها، ووجود الدافع والحافز الكبير على العمل، هذا مما سنتحدث عنه- إن شاء الله- لاحقاً، إنما كان همنا في هذه المقدمة الحديث عن الموارد العامة، الموارد الاقتصادية العامة، فهي موجودة ومتوفرة، والله المنعم الكريم الرزاق الوهاب.
نسأله “سبحانه وتعالى” أن يمنَّ علينا وعليكم من واسع فضله، وأن يوفقنا وإياكم لما يرضيه عنا، وأن يتقبل منا ومنكم الصيام، والقيام، وصالح الأعمال، وأن يرحم شهداءنا الأبرار، وأن يشفي جرحانا، وأن يفرِّج عن أسرانا، وأن ينصرنا بنصره، إنه سميع الدعاء.
والسَّـلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ تَعَالَى وَبَرَكَاتُهُ؛؛؛