يوم الفرقان يتجدد في عهد الانصار
إب نيوز ١ مايو
*كوثر محمد
وَمَا أَنْزَلْنَا عَلَى عَبْدِنَا يَوْمَ الْفُرْقَانِ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ وَاللهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ
من سورة الأنفال- آية (41)
يوم الفرقان يوم تجلى فيه الإسلام بأبهى حلة وأزهى قوة وأعز مكانة بين المسلمين غزوة بدر هي الغزوة التي كانت فرقانا بين الحق والشر بين الظلم و الخير بين الطاغوت و النهج الإلهي، وفي عهدنا القريب نجد الفرقان يعود مرة أخرى بين الطاغوت و حزب الأعراب واليهود والنصارى من جهة وبين أنصار الله من جهة أخرى ، وعندما نقارن بين الماضي والحاضر بما حكاه القرآن الكريم وجسدته الأحداث الجارية
وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللهُ بِبَدْرٍ وَأَنْتُمْ أَذِلَّةٌ فَاتَّقُوا اللهَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ
من سورة آل عمران- آية (123)
فمن ناحية قيادة المعركة كان قائد المعركة النبي صل الله عليه و آله وسلم وهو قائد محنك وإنسان رشيد و حكيم قومه و مؤهل من الله تعالى واليوم نجد القيادة الممثلة في السيد عبد الملك بن بدر الدين الحوثي وهو ابن النبي الذي ينتهج نهجه في حربه ضد أعداء الله ، وهي تمثل فرقانا بين الحق و الباطل
كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللهُ يَعْلَـمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَـمُونَ
من سورة البقرة- آية (216)
تحرك النبي ومثله السيد القائد بنهج الله تعالى وهو تحرك نابع من الرغبة في التحرر من نهج الطاغوت الذي يعمل على الهيمنة و الاستعباد و السيطرة ، فكان المستوى الإيماني حاضرا طوال الوقت بالنفس والمال والوفاء ، وإذا كان هناك أحد يجب أن يتجنب هذا الصراع بالدرجة الأولى كان هو النبي؛ لأنه المستهدف الأول في ذاك الزمان و السيد القائد مستهدف اليوم ، فــَلو كان من الممكن تقديم الإسلام و المواعظ بالكلمة والدعاء لما خاضوا الحروب الشرسة مع أعدائهم ولكن كان الأعداء أشد كفراً ونفاقا ومكرا فوجب على المسلمين قتالهم في كل مكان ، إذن فقد وجب التحرك العسكري هجوما أو كما في بدر دفاعا عن النفس وهذا يشابه ما نحن عليه اليوم
‘إِنَّ اللهَ اشْتَرَى مِنَ الْـمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالْقُرْآَنِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللهِ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُمْ بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ
من سورة التوبة- آية (111)
ولم يكن عملهم بالدعاء والتضرع لله والذل لأعداء الله في زوايا المساجد أو داخل البيوت و إنما كانت حركتهم في إطار الدعاء والعمل وإعداد العدة والتحرك وفق توجيهات الله وهي نفس التوجيهات الإلهية التي نسير عليها اليوم ، فليس الجهاد بالكلمة فقط وإنما بالعمل ، ليحصلوا على الدعم الإلهي لهم بالثبات والنصر المؤزر
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ
من سورة محمد- آية (7)
كانت معركة بدر بالأمس ومعركتنا اليوم عبارة عن تمحيص وفرز للنفسيات فهي لم تأت في وقت يعيش فيه الناس وضعهم الاعتيادي وإنما جاءت في مرحلة صعبة يغاث فيها الناس فتبرز أكثر في ساعة الشدة تلك المواقف فتسير سنة الله في غربلة المؤمنين
إِذْ يَقُولُ الْـمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ غَرَّ هَؤُلَاءِ دِينُهُمْ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ فَإِنَّ اللهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ
من سورة الأنفال- آية (49)
كان من التحق بالقتال في بدر قلة مع تخوف بعض المسلمين وتراجع بعضهم الآخر بحجة عدم تكافؤ الجيشين ، ولكن من التحق بالقتال كانوا هم المؤمنون الخُلص ، وهذا مانجده اليوم أيضاً من تقدم من المجاهدين للقتال اعدادهم قليلة ولكنهم مخلصون في جهادهم ، رغم الشائعات التي تحركت قديما وتتحرك اليوم بعدم القدرة على القتال بسبب نقص الأموال والعتاد ونقص الخبرة وقلة عدد الجيش ، فهذه الشائعات تزعزع النصر أمام أعينهم وتجعله بعيدا عنهم ، فتنسيهم بأن من يقوم بالشائعات عبارة عن مجموعة من المنافقين في أوساطنا وإنما النصر بالتوكل على الله وهو قاب قوسين أو أدنى مع تحرك الصادقين الثابتين الواثقين بالله مهما كانت إمكانياتهم بسيطة فهم اليوم مثلا يقارنون الأسلحة المتقدمة والجيوش العسكرية و التجهيزات الكبيرة لأمريكا و إسرائيل ويخافون منها رغم أن كل ذلك اليوم نجده قد سقط في أيدي المجاهدين
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ
من سورة محمد- آية (7)
كانت الحالة النفسية للمجاهدين في الصورتين متشابهتين؛ فقديما كانوا حديثي العهد بالإسلام وحديثا هم حديثو العهد بالمسيرة ، فمحاولات التراجع والقلق تذهب مع نزول السكينة على قلوبهم و نزول الملائكة لدعمهم و تهيئة الجو لمساندتهم حتى نزول الغيث لسقايتهم ، وماهي إلا بعض المساندة الإلهية فهناك الكثير مما يحدث ونحن نجهله
وَمَا جَعَلَهُ اللهُ إِلَّا بُشْرَى لَكُمْ وَلِتَطْمَئِنَّ قُلُوبُكُمْ بِهِ وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ
من سورة آل عمران- آية (126)
كان الاشتباك العسكري أمرا لابد منه فهو إحقاق للحق و إبطال للباطل و تكون البداية بالتهيئة النفسية للمجاهدين من الله ومن قاداتهم العظماء و التهيئة العسكرية بالتدريب والتأهيل وإعداد العدة والتحرك على أرض المعركة ليكون الله معهم في ثباتهم ومؤازرتهم و نصرهم لإحقاق الحق و دحر الباطل و نصر المنهج الإلهي و ليجازى بعد ذلك المؤمنون بالغنائم و الأسرى و النصر العظيم و التمكين من الله للمؤمنين على أرضه وهذه كرامات كبيرة من الله لعبادة
وَإِذْ يَعِدُكُمُ اللهُ إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ أَنَّهَا لَكُمْ وَتَوَدُّونَ أَنَّ غَيْرَ ذَاتِ الشَّوْكَةِ تَكُونُ لَكُمْ وَيُرِيدُ اللهُ أَنْ يُحِقَّ الْحَقَّ بِكَلِـمَاتِهِ وَيَقْطَعَ دَابِرَ الْكَافِرِينَ
من سورة الأنفال- آية (7)
معركتا الفرقان معركتان مصيريتان ومهمتان رغم صعوبة الظروف و قلة العتاد التي كان يعرف العدو والناس جميعا بذلك قبل المعركة من ضعف الإمكانيات و القدرات ، ولكن عندما يراد بالنصر أن يكون نصرا للدين و نصرا للنهج الإلهي فقد كان التحرك أمراً مهما ، عندما تتحزب الأحزاب سواء أكانت مجموعة من القبائل أم مجموعة من الدول و ظهر العداء للدين الحنيف و الكفر به والتطبيع مع أعداء الله كما هو اليوم فمن المهم توجيه ضربة قاسية وموجعة لهم لحدٍ كبير فيتجلى بعد المعركة صداها بين الناس و القبائل أو الدول و يعرف من قتُل من صناديدهم وقاداتهم ، تظهر هنا القوة الجديدة التي تفرض فيما بعد احترامها حتى من أعدائها
وَمَا جَعَلَهُ اللهُ إِلَّا بُشْرَى لَكُمْ وَلِتَطْمَئِنَّ قُلُوبُكُمْ بِهِ وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ
من سورة آل عمران- آية (126)
إن أمة الإسلام أمة مستهدفة ومن الضروري أن يكون قدوتها النبي محمد صل الله عليه و آله وسلم رغم كل الظروف ورغم اختلاف الزمن .