أبرز النقاط من المحاضرة الرمضانية السابعة والعشرين للسيد القائد/ عبد الملك الحوثي (سلام الله عليه)
إب نيوز ٩ مايو
*تلخيص/ مرام صالح مرشد
_ في قوله تعالى: (وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللهُ إِلَّا بِالْحَقِّ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ)، في قائمة المحرمات يأتي التأكيد على حرمة قتل النفس التي حرم الله إلا بالحق، والقتل عدواناً وظلماً هو من أبشع الجرائم، وتسبب للإنسان سخطاً ولعنة من الله، يطرده من رحمته.
_ من أخطر الجرائم التي يعاني منها المجتمع البشري منذ أن خلق آدم، ولها تأثير سلبي على حياة الناس وأمنهم وجناية تفقد الإنسان بقية الأشياء هي جريمة قتل النفس، وقد ذكر الله تعالى ذلك بعد قصة ابني آدم في قوله: (مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا وَلَقَدْ جَاءَتْهُمْ رُسُلُنَا بِالْبَيِّنَاتِ ثُمَّ إِنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ بَعْدَ ذَلِكَ فِي الْأَرْضِ لَـمُسْرِفُونَ)، يأتي التأكيد على مستوى حرمة هذه الجريمة والتوضيح لبشاعتها وسوئها ووزرها بقتلك لنفس كأنك قتلت المجتمع البشري بكله، وهذا لم ينفع بني إسرائيل بل استمروا في سفك الدماء، وقد قال تعالى للتأكيد والوعيد: (وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا)، الجزاء هو جهنم خالداً فيها، ويبقى متعذباً أشد العذاب الذي يتمنى فيه أن يموت ولا يستمر في التعذيب، فغضب الله أمر رهيب جداً، لم يعد القاتل في محط رحمة الله فقد طُرد منها وفقد الرعاية الإلهية والتوفيق والخير.
_ الدوافع التي تدفع الناس لارتكاب هذه الجرائم هي دوافع سيئة منها:
1/ الحسد، كما في قصة بني آدم لأن الله تقبل قربان أخيه ولم يتقبل قربانه وغيرة الحسد دفعته أن يقتل أخاه، فعندما تغار من انسان على مكانه محترمة، أو نعمة أنعمها الله عليه، حاول أن تخلص نفسك منها لأنه يؤثر عليك فيدنس نفسك ويدفعك لارتكاب الجرائم، فالإنسان عندما يحسد فهو في موقف غبي جداً فإذا أردت النجاح والخير ارجع إلى الله، لا تتجه للحسد، وقد قال الله تعالى في كتابه: (وَمِنْ شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ).
2/ الطمع، دافع خطير وبارز وقد يأتي على مستوى دول أو أنظمة أو كيانات، فهي حالة لا إنسانية، فلو أراد الإنسان الخير فليتجه إلى الله عنده خير الدنيا والآخرة، أما حين يعتدي ويقتل ظلم ليسلب شيء فإن عاقبته الزوال، فلتفترض أنك حصلت على ثروات وإمكانات معينة، هي لفترة وجيزة ومحددة ولكن العذاب دائم، لقوله تعالى: (وَلَوْ أَنَّ لِلَّذِينَ ظَلَـمُوا مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا وَمِثْلَهُ مَعَهُ لَافْتَدَوْا بِهِ مِنْ سُوءِ الْعَذَابِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَبَدَا لَهُمْ مِنَ اللهِ مَا لَـمْ يَكُونُوا يَحْتَسِبُونَ)، بمستوى كبير من الثروة في موقف الحساب تتمنى لو تحصل على مثل هذه الثروة فتقدمها فدية تفتدي بها نفسك لتخلص نفسك من هذا العذاب ولكن ذلك لا يمكن، بل لو كانت الأرض ذهباً وأردت أن تفتدي بها نفسك لا يمكن ذلك، فاليوم الذي دفع الكثير للإنضمام إلى صف العدوان، هو الطمع إما في المال أو الرُتب، انضموا لصفهم ليقتلوا معهم أبناء شعبهم.
3/ الغضب، هو خطير جداً، فالبعض من الناس بالذات لو له قدرة أو جرأة فهو لا يتورع أن يرتكب جريمة كبيرة، “مؤمن الرضا كافر الغضب” إذا كلن ليس في حالة انفعال فهو مؤمن وكلماته وصفاته متزنة، وفي لحظات الانفعال والغضب يتغير كل شيء، فالأخلاق والإيمان والكلمات الموزونة لم تعد موجودة، سيتصرف أي تصرف فيبطش ويضرب، وهذا التهور هو ينبئ عن فقدان اتزان، فالحالة الإيمانية هي تصنع تربية رشيدة حكيمة، لم يعد الإنسان يتصرف بمقتضى مزاجه بل أصبحت تصرفاته تخضع لإيمانه، ورشده، لمنطلقاته الإيمانية، يضبط من خلالها الأقوال والأفعال، فعدم الإتزان لا يعبر عن القوة، ففي قول رسول الله (صلوات الله عليه وعلى آله): (ليس الشديد بالشديد عند الصرعة إنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب)، فعلى الإنسان أن يحذر من العبارات المستفزة، لقوله تعالى: (وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنْزَغُ بَيْنَهُمْ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلْإِنْسَانِ عَدُوًّا مُبِينًا)، فالشيطان يستغل حالة الغضب والانفعال والإستفزاز، ويحرك الشر ويشعل العبارات المستفزة والجارحة، كأن يتحدى الشخص الآخر وهذا لا يصح، بل تحدى عدوك، صب جام غضبك وابرز شجاعتك وبطولتك وإقدامك وعنفوانك في مكانه الصحيح، أمام الذين فرض الجهاد ضدهم، فالله يريد من المجتمع المسلم مجتمع يسوده الألفة والرحمة لقوله تعالى: (أَذِلَّةٍ عَلَى الْـمُؤْمِنِينَ)، وقوله (رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ)، وفي وصف الله للمتقين في قوله: ( وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْـمُتَّقِينَ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللهُ يُحِبُّ الْـمُحْسِنِينَ)، من أعظم صفات المتقين هو كضم الغيض، لأن الغيض أعلى مستوى من الإنفعال والغضب الشديد، كذلك المتقين هم العافين عن الناس، ليسوا انتقاميين، فالله يريد إصلاح ذات البين لقوله تعالى: (وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ)، ففي واقع الأمة على مستوى الإستفزاز الداخلي البعض تتحول نزغات الشيطان إلى مستوى التوحش وقتل الأطفال، ويأتي الثأر من البريء، لقوله تعالى: (فَتَبَيَّنُوا وَلَا تَقُولُوا لِـمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلَامَ لَسْتَ مُؤْمِنًا تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَعِنْدَ اللهِ مَغَانِمُ كَثِيرَةٌ كَذَلِكَ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلُ فَمَنَّ اللهُ عَلَيْكُمْ فَتَبَيَّنُوا إِنَّ اللهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا)، لا يجب أن يكون الدافع الذي جعلك تستهدف الآخرين هو الغنائم والطمع، فالتبين مهم جداً.
_ ليس كل إشكال وظلم وتصرف يبرر القتل، وهناك ثلاثة عناوين رئيسية يجوز على أساسها القتل:
1/ الحد الشرعي، وليس على أي إنسان أو مؤمن أن ينفذ الحد، بل إدارة المسؤولية العامة لتنفيذ الحد الإلهي وفق ضوابط الشرع، وليس المجال متروك لمن هب ودب لأن يقيم الحد.
2/ القصاص، ممن قتل عدواناً ظلماً متعمداً، وليس خطأ، يكون القصاص منه شخصياً وليس على واحد من أسرته أو أقاربه.
3/ الدفع، من الواقع الشخصي إذا اعتدى عليه تعمداً ويريد قتله ولم يستطع أن يصرفه إلا بالقتل فليقتله، أو أمة تقتل عدواناً وظلماً يريدوا احتلال أرضها والتعدي على شعوبها، مثل العدوان الأمريكي السعودي الصهيوني، هنا إطار الرد مشروع، لقوله تعالى: (أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِـمُوا وَإِنَّ اللهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ)، ولولا دفع الناس بعضهم لبعض لفسدت الأمة.