((على قارعة السنين سأنتظرك))
إبنيوز ١٦ مايو
إلى أبي الباقر”جمال الدين”
((على قارعة السنين سأنتظرك))
بلسان والدته الراجية عودته في القريب..
رويدا البعداني.
ولدي العزيز..”جمال” :-
لا أجيدُ فن الكتابة يابُني؛ ولا أحسن وضع الفاصلة، والفاصلة المنقوطة، وإشارات الاستفهام لا أدري متى أضع القوسين المركنين ولا أدري كذلك كيف أفرّق بين المخاطَبةِ والمخاطِب ما أدريه وأعلمه وأتيقنه بأنني اشتقت إليك.. اشتقت لكل مافيك.
لقد مضى وقتٌ طويل على غيابك، لاأستطيع تَخَيُّل كيف عشت سنيني العجاف دونك، أحقًا عشت…؟! أم أنني متُ حين أخبروني أنك تعرضت للأسر؛ حينها ذُقت مرارة تعذيبك ولازلتُ.
لاأعلم كم هي المرات التي متُ فيها! لطالما أجلتُ نظري في أفق السماء؛ ورفعت يدي نحوها؛ راجية منه جل شأنه أن يحميك من كل أذى.
أمٌّ لم تزل على قيد الأمل بعودة فلذة كبدها؛ لم تيأس ولن تيأس من عودته. يقولون لي أنك لن تعود؛ وقلبي يقول لي ستعود.. ستعود ياجمال فقلبي أصدق منهم.
آهٍ ياجمال؛ كنت أسمع أبي يقول:
قيل لعنترة الفوارس:
صف لنا الحرب فقال: أولها شكوى، وأوسطها نجوى، وآخرها بلوى؛ أدركت ذلك حينما رُزقتُ بأميرك المنتظر، ولم تحظَ برؤيته؛ حين أخذ أميرك يتبرعم على أكمام السنين دون أن يكون لكَ نصيب من رؤيته، بل حين سألني ذات يوم..أين أبي؟! متى سيعود؟! وقتها تكورت الإجابة غصة في حنجرتي؟! ماذا أخبرك أيها الأمير الصغير، وأنت بمقتبل هذا العمر الربيعي؟! أكنتَ ستفهم وقتها عن صكوك هذه الحرب، ومآربها العفنة؟! أكنت ستعي بأن أباك كان من أهم القادة العظماء الذين أقسموا أﻻ يحيدوا عما التزموا به، فإما أن يعودوا منتشين بالنصر المؤزر، وإما يرُزقوا الشهادة، وقُدِر لهم الاصطفاء.
ولدي العزيز..
رائحة العيد تعبق في كل مكان حولي إلا شغاف قلبي؛ تُرى كيف يكون العيد عيدًا بدونك، كيف ليَ التجلّدُ غدًا، وادّعائيَ الفرح المثوب بحُمى الشوق ..أخبرني كيف!!
كيف لي أن أبتسم في صباح العيد، وبقايا حياة تُبقيني على قِيدِها؟! كيف أرتق ذلك الفراغ الكبير، وأردم تلك الهوّة السحيقة التي تعني…..غيابك؟!
لن أذوق كعك العيد في الغد؛ سأصنعه ليأكله الجميع إلا أنا وأنت؛ لعل هذا شعورٌ يغمرني بأننا معًا، ومعًا لن نأكل. فهاهو عيد الفطر المبارك يدق الأبواب. لن أفتح له الباب كما غيري من أمهات هذا الوطن المنكوب، أمهات الشهداء والأسرى والمفقودين والمعاقين وتطول قائمة الفجيعة ياجمال
أتسمعني هل تسمعني؛……. وتطول قائمة الفجيعة يانور عيني.