في العشرين ربيعا للصرخة

إب نيوز ٥ يونيو

صفاء فايع

خَمس جُمل مُستوحاة من كتاب الله ، رَفعها علَم الهُدى الشهيد القائد من شواهِق جِبال مران لتعلوا بعد ذلك رايةَ الحق التي تلتها الانتصارات ، ليست الانتصارات المادية على قوى الطُغيان والشر فحسب وإنما الانتصارات المعنوية التي تنتشِل النفوس المؤمنة بمفعولها، المستشعِرة أثرها من براثِن الجمود وهفوات الآثام إلى السمو الروحي وعالمُ الفضيلة، فما رفعها مؤمنٍ إلا واهتز كيانهُ وخرَّ على قلبهِ مُنكبّا يتحسّس نبضات قلبهِ وهي تُشارك لسانه ترتيلها .

شَهدت صرخةُ الحق منذُ ولادتها ميلاد فجر العزّة والكرامة، فبعد أن أصبح المسلم في اليمن وغيرها من بلاد المسلمين لاتقوم له قائمة ، وليس بيدهِ أي عمل يغيظ بهِ اليهود الذين يعيثون في الأرضِ الفساد كما أمرهُ الله القائل في كتابه: (وَأَعِدُّوا لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِن دُونِهِمْ لَا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ ۚ وَمَا تُنفِقُوا مِن شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنتُمْ لَا تُظْلَمُونَ ) بل إنهُ لم يكُن حتى رقماً يمثل ذرةً من كيانٍ له سيادة، هاهو الآن يُحسب لصرختهِ ألف حساب.

انبلجَت السماء في احدى ايام العام 2002 بميلاد الصرخة فشهدَ العالم بولادتها انطفاء نار تمثال الحرية في امريكا واهتزّ عرش اسرائيل ، وزفتها ملائكة السماء إلى المؤمنين المستضعفين في الأرض مبشرةً لهم بمستقبلٍ ليسَ كما مضى ، مخبرة لهم أنها ليست كلمات تُقال إنما(فكر _ ومنهج _ وعقيدة_ ورؤية ثاقبة) بل هي نمط حياة تصل بالإنسانِ إلى صفاتِ المُتقين التي رُبما مانزلت سورة في كتاب الله إلا وهو يأمُرنا أن نكون منهم .

مرت مراحل نمو الصرخة بمستويات ومنعطفات فمن مرحلةِ المهد والضعف إلى مرحلة الإنتشار والوعي تلاها مرحلة الاكتساح والقوة ، استمدت رونق صباها من الكهوف كأنها زهرة مسائية لم يأن حصادها بعد ،تستنشِق عبير تسبيحات المؤمنين الصادقين فتكبَر وتترعرع وتزيد بذلك صلابةً وقوة، شهدت خلال مراحلها انتصار الدم على السيف في معركة كربلاء مران ، وعاشت ويلات الخذلان من المقربين المنهزِمين نفسياً امام جحافل وقوات الحكومة آنذاك ، وإنني أؤمن أنها لن تنسى قط اولئك المنافقين والمرجفين الذين كانوا يسترقون السمع ويشون بها عند أسيادهم ، لقد تساقطوا تباعاً فيما بعد ولم يعودوا شيئاً يُذكر.

وصلت الصرخة إلى المنابر والمآذن ،ثم القُرى والمدن ،لجدران الشوارع والحواري والمدارس للأسواق والمنازل ، تسكُن قلوب مريديها قبل ديارهم، تَفتح مدارِكهم وتصحح ثقافاتهم المغلوطة المندسّة من المذهب التكفيري الوهابي، تَلين العقول المتحجّرة ، وتُنير دروب الصادقين في البحث عن الطريق الصحيح لانتزاع الحرية والكرامة ، لم تكُن حياتِها سهلةً ابداً ، لكنها كما غيرها ممّا خلق الله لم يقوى عودها إلا بعد أن ذاقت المصاعب والمتاعب.

خيْل لمن لم يعرفها حق معرفتها انما هي سحر محض! ومن يلوم من لم يتعمق فيها ? وقد انكسرت برعبِها جيوش وتهاوت بقوتها عروش ، عندما تصدح من حناجر المؤمنين ترتجِف من الخوف منها وتلوذُ بالفرار هامات وقامات، لقد شهِدت الصرخة في العدوان على اليمن التهام الأطقم والدبابات والمجنزرات بنار ولاعة! وشهِدت المقاتل اليمني حافي القدمين يطارد اكبر قائد في جيش العدو السعودي من تحيطه الحماية براً وجواً وبحراً ،من لا يقاتل إلا من وراء حصونٍ مشيدة يختبئ خلفها كالفأر ، شهِدت اليمني كأنما يطارد فريسة سهلة وذلك يلوذ بالفرار وابطال الجيش مايزالون على بعد امتارٍ بعيدة منه ، شهِدت الصّرخة في مرحلة الإنتصار مئات الأمهات يزفِفْن ابنائهن الشهداء بروؤسٍ عالية ، ونفوس شامخة انبهرت امهات الدُنا بعطائهن وسخائهن وقوة ايمانهن فبعدما كان الـ(ترند) لأمهات فلسطين في تلك الرفعة والمكانة تسلمتُه الأم اليمنية بكل استحقاق وجدارة .

شهِدت الصرخة ايضا في مرحلتها المتقدمة قدرات مبهِرة في مجال التصنيع الحربي فها هي( صنع في اليمن ) تنحتَها الأيادي اليمنية على صواريخها متنوعة الاشكالِ والأحجامِ وعلى طائراتِها المسيّرة متعددةِ المهام، وعلى قذائِفها والكثير الكثير من انواعِ الأسلحة التي يغطي العدو على هزائمه بقولهِ: أنها أتت من إيران ، ماذلك كُله إلا بفضل الصّرخة ، لقد كان آخر ماشهدته الصرخة ووثقته دموع المؤمنين في أواخر أيام ربيعها التاسع عشر هو قسم قائد امتها على تقاسم كسرة الخبز اليابسة في اليمن المحاصر مع أبناء فلسطين فالقضية الأم هي القدس ولاشيئ غير القدس، وكان الأحدث من هذا الحدث (عملية جيزان الواسعة) التي وثقتها عدسات الإعلام الحربي فجعلت العالم يقف مشدوها أمام مقاطع هي ضرب من الخيال ، تجعل العدو ينكر أنها حقيقية واصفا اياها بالتمثيل والدبلجة ولا عجب أن يظن العالم صدق العدو هذه المرة بإنها لايمكن إلا أن تكون العاب (بوبجي) الكترونية لرجال يتقنون اللكنة اليمنية ببراعة، بعد كل ماسبق من قوة سلاح الصرخة والذي لم يتم إلا ذكر قطرة من بحرها ، ترى متى يُدرك من مازال في قلبهِ شك أن من لديها القدرة على فعل كل هذا هي قادرة بعون الله من تحرير الأقصى ، ولاعجب عندما تتأمل أنها سلاح فتاك يخرج من اضعف عضلة في جسم الإنسان فإن القوة لله جميعا.

 

You might also like